| احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الأربعاء مارس 24, 2010 7:23 pm | |
| سنقوم برحلة في قطار السيرة والحجز فورآ أرجوا من كل الأعضاء أن يدعوا عائلاتهم لمشاركتنا بهذه الرحلة الرائعة أسرعوا الأماكن محدودةملاحظة : يوجد تخفيض على بطاقات الحجز للكبار نصف السعر
وللصغار مجانآ وهذه صفارة الإقلاع بسم الله بدأنا وعلى الله ربنا توكلنا
سبحان الذي سخر لنا هذا وماكنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون
رحلتنا سوف تكون لكسب الجنة بإذن الله ولكن سوف نقف عند محطات عديدة وبعدها نصل بالسلامة بإذن الله
المحطة الأولى وهو تعريف ما هو حب الرسول صلى الله عليه وسلم "إن المقصود بحبه ليس فقط العاطفة المجردة، وإنما موافقة أفعالنا لما يحبه صلى الله عليه وسلم ،وكُره ما يكرهه، وعمل ما يجعله يفرح بنا يوم القيامة...ثم التحرق شوقاً للقياه، مع احتساب أننا لا نحبه إلا لله ، وفي الله ،وبالله"
وخلاصة حبنا له أن يكون- صلى الله عليه وسلم- أحب إلينا من أنفسنا وأموالنا وأولادنا ؛ فقد روى البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده" ، فلما قال له عمر: "لأنت يا رسول الله أحب إليَّ من كل شيء إلا نفسي،قال له صلى الله عليه وسلم:"لا، والذي نفسي بيده،حتى أكون أحب إليك من نفسك"، فلما قال له عمر:"فإنك الآن أحب إلي من نفسي يا رسول الله" ،قال له:" الآن يا عمر" !!سنكمل الرحلة و لكن
بانتظار الزوار الكرام ....أسرعوا فالمقاعد .....
محدودة الرحلة مميزة فلا تفوتكم .
عدل سابقا من قبل امه الله في الخميس أبريل 28, 2011 3:43 pm عدل 1 مرات | |
|
| |
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الأربعاء مارس 24, 2010 7:26 pm | |
| المحطة الثانية البطاقة المحمدية الاسم بالكامل لأبيه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن بن تارح بن ناحور بن ساروغ بن راعو بن فالخ بن عيبر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ بن يرد بن مهليل بن قينن بن يانش بن شيث بن آدم عليه وعلى نبينا السلام الاسم الكامل لأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة فيجتمع نسب الرسول ص لأبيه و أمه عند كلاب بن مرة تاريخ الميلاد ليلة الإثنين 12 من ربيع الأول من عام الفيل ويوافق 20 أبريل سنة 571 م محل الميلادمكة المكرمة محل الإقامةأول 50 سنة من حياته ص بمكة المكرمة وآخر 13 سنة بالمدينة المنورة المهنة الرئيسية محمد رسول الله المهن السابقة رعى غنم عمه أبى طالب وذهب معه فى تجارته ثم بعد ذلك تاجر للسيدة خديجة رضى الله عنها فى مالها بالشام الزوجاتتوفى صلى الله عليه وسلم عن تسع زوجات وهن عائشة و سودة وحفصة وميمونة وصفية وأم سلمة وزينب بنت جحش وجويرية بنت الحارث وأم حبيبة بالإضافة إلى مارية القبطية وكانت ملك يمينه ص . أما السيدة خديجة رضى الله عنها فقد توفيت بمكة قبل الهجرة بثلاث سنوات الأبناء عبد الله و القاسم وزينب و رقية و أم كلثوم و فاطمة الزهراء من السيدة خديجة رضى الله عنها ثم إبراهيم من السيدة مارية القبطية وجميعهم توفوا فى حياة الرسول ص عدا السيدة فاطمة الزهراء التى توفيت بعده ص بأربعة أشهر وكانت أول من لحق بالرسول ص من أهل البيت تاريخ الوفاةليلةالإثنين 12 من ربيع الأول عن عمر يناهز 63 سنة محل الوفاة المدينة المنورة موضع القبر فى بيت السيدة عائشة فى الموضع الذى قبض فيه ص لقول سيدنا أبى بكر رضى الله عنه : سمعت رسول الله ص يقول ما دفن نبى إلا حيث قبض . صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم والآن أرحب بمن حلت علينا نسمتهم وشاركونا بالرحلة
| |
|
| |
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الأربعاء مارس 24, 2010 7:28 pm | |
| نموذج من حب أصحابه له: قال عروة بن مسعود الثقفي يصف حب أصحاب النبي له صلى الله عليه وسلم: (والله لقد وفدت على الملوك، وفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت ملكاً يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا، والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف واحد منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له). وكانت أم سليم رضى الله عنها تحتفظ بخصلة من شعر النبي صلى الله عليه وسلم وقد وضعتها في حُقٍ تطيب بها أبناءها. وكان معاوية رضى الله عنه يحتفظ بشعرة من شعر النبي صلى الله عليه وسلم ووضعها تحت لسانه عندما حضرته الوفاة، فلما مات دفنت معه. واحتجم النبي صلى الله عليه وسلم فلما فرغ قال: لعبد الله بن الزبير رضى الله عنه : (يا عبد الله اذهب بهذا الدم فأهريقه حيث لا يراه أحد) قال عبد الله فلما برزت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمدت إلى الدم فحسوته (أي شربته) فلما رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ماصنعت يا عبد الله؟ قال: جعلته في مكان ظننت أنه خافٍ عن الناس قال: "فلعلك شربته؟" قال: "نعم" قال:"ومن أمرك أن تشرب الدم؟ ويل لك من الناس وويل للناس منك، لا تمسك النار إلا قسم اليمين." صلى الله عليه وسلم | |
|
| |
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الأربعاء مارس 24, 2010 7:31 pm | |
| | |
|
| |
ظل القمر عضو ذهبي
عدد الرسائل : 582 العمر : 34 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 15/06/2009
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الخميس أبريل 01, 2010 10:22 pm | |
| وفقكي الله ونحن في انتظار باقي المحطات جزاكي الله خيرا | |
|
| |
smsma مدير المنتدى
عدد الرسائل : 1532 العمر : 51 الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 03/07/2009
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الخميس أبريل 01, 2010 10:43 pm | |
| بارك الله فيكى ان شاء الله معكى فى الرحلة بانتظار باقى المحطات | |
|
| |
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الجمعة أبريل 02, 2010 1:26 pm | |
| مرحبا بكم معنا في قطار السيره تشرفت بمروركم وارجوا المتابعه بارك الله فيكم | |
|
| |
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الجمعة أبريل 02, 2010 1:31 pm | |
| | |
|
| |
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الأحد أبريل 11, 2010 6:59 pm | |
| | |
|
| |
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| |
| |
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الأحد أبريل 11, 2010 7:15 pm | |
| المحطة السادسة حينما توقف القطار في مكة المكرمة كانت في استقبالنا آمنة بنت وهب، أم اليتيم محمد.. رحبت بنا ثم قادتنا إلى بيت عبد الله بن عبد المطلب..
ودخلنا وجلسنا..
وبدأت تحدثنا فقالت:
أنا آمنة أم محمد اليتيم.
هل ترغبون في سماع قصتي وقصته؟
سوف أحكي لكم بعد أن تشربوا الحليب وتأكلوا من هذا الشواء وتشربوا الثريد..
خطبني عبد المطلب لابنه عبد الله وكان يحبه حباً جماً لدرجة أنه افتداه من الذبح بمائة من الإبل وكان نذر أن يذبحه..
وكنت أشرف بنت في قريش وكان جميع فتيان قريش يطمعون في التزوج مني فأنا آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر .
وأهلي هم بنو زهرة بن كلاب.
وكانت جميع بنات قريش يطمعن في التزوج من عبد الله ولكنه لم يكن يلتفت إليهن وكانت أم قتال رقيقة بنت نوفل أخت ورقة بن نوفل ترى نوراً يسطع بين عيني عبدالله قبل أن يتزوجني فأرادت أن يكون ذلك متصلا بها لما كانت تسمع من أخيها من البشارات بوجود محمد وأنه قد أزف زمانه فعرضت نفسها عليه ليتزوجها فامتنع عليها فلما تزوجني انتقل ذلك النور إلىَّ..
وتوفي أبوه عبدالله وأنا حامل به في بطني وكان زوجي عبدالله قد خرج إلى غزة في الشام في قافلة من قوافل قريش يحملونه تجارات ففرغوا من تجارتهم ثم انصرفوا فمروا بالمدينة وزوجي يومئذ مريض فقال أتخلف عند أخوالي بني عدي بن النجار فأقام عندهم مريضاً شهرا ومضى أصحابه فأتوا إلى مكة فسألناهم عنه فقالوا خلفناه عند اخواله بني عدي بن النجار وهو مريض فبعث إليه عبد المطلب أكبر ولده الحارث فوجده قد توفي ودفن في دار النابغة فرجع إلى أبيه فأخبره فحزن عليه عبد المطلب وإخوته وأخواته حزناً شديداً فهو قد توفى وعمره يوم توفي خمس وعشرون سنة .
وكنت حزينة جداً لنبأ موته، فهو لم ير ابنه الذي في بطني والذي سيولد يتيماً.
وفي ليلة من الليالي كنت أبكي على حبيبي عبد الله حتى غلبني النوم فرأيت في النوم كأنه خرج مني نور أضاءت له قصور الشام... فقمت من النوم وأنا فرحة جداً بهذه الرؤيا.. وبينما أنا بين النوم واليقظة إذا بهاتف يهتف بي: (يا آمنة إنك قد حملت بسيد هذه الأمة فإذا وقع إلى الأرض فقولي أعيذه بالواحد، من شر كل حاسد، من كل بر عاهد، وكل عبد رائد، يذود عني ذائد، فإنه عند الحميد الماجد، حتى أراه قد أتى المشاهد..) فلما ولدته كنت أرقصه وألعبه بهذه الكلمات التي سمعتها.
وسمعت هاتفاً آخر يقول لي: (إذا ولدته فسميه محمداً فإن اسمه في التوراة أحمد يحمده أهل السماء وأهل الأرض واسمه في الإنجيل أحمد يحمده أهل السماء وأهل الأرض واسمه في القرآن محمد).
ولقد أحببته قبل أن يخرج مني لما رأيت من البركة والبشارات.
وما وجدت تلك المشقة التي تجدها المرأة الحبلى حتى وضعته وكانت ولادته بلا ألم ولا عسر.. فلما فصل مني وقع إلى الأرض معتمدا على يديه جاثيا على ركبتيه وخرج معه نور أضاءت له قصور الشام وأسواقها حتى رأيت أعناق الإبل ببصرى وكان رافعاً رأسه إلى السماء.
ولقد شهدت ولادته معي أم عثمان بن أبي العاص فاسألوها ماذا رأت؟
وكانت أم عثمان حاضرة مجلسنا فسألها محمد يوسف الفجال ماذا رأيت يومها يا أماه؟ فقالت:
(شهدت ولادة آمنة بنت وهب ليلة ولدته، فما شيء أنظره في البيت إلا نور وإني أنظر إلى النجوم تدنو حتى إني لأقول ليقعن علي).
وقاطعتها الشفاء أم عبدالرحمن بن عوف فقالت: (كنت أنا القابلة التي استقبلته حين خرج من بطن أمه، وأنا التي أخبرت به حين سقط على يدى، ونزل بالهيئة التي أخبرتكم بها آمنة وسمعت قائلاً يقول يرحمك الله ).
قالت آمنة: فلما وضعته بعثت جاريتي إلى عبدالمطلب فقالت قد ولد لك غلام فانظر إليه فلما جاءني أخبرته وحدثته بما كنت رأيت حين حملت به وما قيل لي فيه وما أمرت أن أسميه فأخذه عبدالمطلب فأدخله في جوف الكعبة وقام يدعو ويشكر الله عز وجل ويقول :
الحمد لله الذي أعطاني * هذا الغلام الطيب الأردان قد ساد في المهد على الغلمان * أعيذه بالبيت ذي الأركان حتــى يكــون بلغة الفتيــان * حتــــى أراه بالغ البنيــــــان أعيــذه مــن كــل ذي شنــآن * من حاســد مضطرب العنــان ذي همة ليس له عينان * حتى أراه رافع اللسان
أنا الآن أعتزم اصطحابكم معي إلى يثرب نزور قبر زوجي الراحل عبد الله، فهل ستأتون معي؟ ما رأيكم؟
هيا إلى القطار المتوجه إلى يثرب مصطحبين آمنة بنت وهب وهى تزور قبر زوجها عبد الله بن عبد المطلب.صحبتكم السلامة | |
|
| |
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الخميس أبريل 28, 2011 1:42 pm | |
| المحطة السابعة[/center]
[center]كانت آمنة بنت وهب طوال الطريق إلى يثرب تحدثنا عن زوجها عبد الله...
قالت لنا آمنة:
(تعلمون أن عبد الله كان أحسن أولاد عبد المطلب؟ وأعفهم وأحبهم إليه؟ تعلمون أنه هو الذبيح.. لا تعلمون؟ حسناً سوف أخبركم.
إن عبد المطلب كان قد نذر أن يذبح أحد أولاده إن بلغوا عشراً.. فلما ولد له الابن العاشر أخبر أولاده بنذره فأطاعوه فكتب أسماءهم في القداح فخرج القدح على عبد الله، فأخذه عبد المطلب، وأخذ السكين ثم أقبل به إلى الكعبة ليذبحه، فمنعته قريش ولا سيما أخواله من بني مخزوم وأخوه أبوطالب، فقال عبد المطلب: فكيف أصنع بنذري؟ فأشاروا عليه أن يأتى عرافة فيسألها فأتاها فأمرت أن يضرب القداح على عبد الله وعلى عشر من الإبل فإن خرجت على عبد الله يزيد عشراً من الإبل حتى يرضى ربه، فإن خرجت على الإبل نحرها، ففعل ولكن القداح كانت تقع على عبد الله في كل مرة، حتى بلغت الإبل مائة فوقعت القرعة عليها فنحرها عبد المطلب ولم يمنع منها إنساناً ولا سبعاً..
وقالت لها: ماذا ترك لك عبد الله يا أماه بعد موته؟
قالت آمنة: (ترك لي خمسة من الإبل، وغنمة واحدة، كما ترك لي (أم أيمن). واسمها بركة وهى من بلاد الحبشة. أنظروا إليها هناك في تلك العربة. إنها هى حاضنة محمد. تعالى يا أم أيمن وسلمي على ضيوفنا) هذا ما تركه لي عبد الله
لقد ترك لي محمداً...
وقالت بلهفة: يكفيك يا أماه أنه ترك لك محمداً.
قالت: بلى ورب الكعبة.
ثم قالت: لقد رثيت عبد الله بأبيات من الشعر. هل تحفظ يا الأمل الشعر الذي رثيت به زوجي عبد الله؟
قال الأمل – في زهو – نعم أحفظه. ثم انبرى يلقي بالأبيات التي قالتها آمنة في رثاء عبد الله بن عبد المطلب:
عفا جانب البطحاء من ابن هاشم === وجاور لحداً خارجاً في الغماغم دعته المنايا دعوة فأجابها === وما تركت في الناس مثل ابن هاشم عشية راحوا يحملون سريره === تعاوره أصحابه في التزاحم فإن تك غالته المنايا وريبها == فقد كان معطاء كثير التراحم
ولاحظ الأمل أن عينى أمه آمنة تدمعان.. فكف عن إلقاء الشعر ودمعت عيناه... ونظر فإذا الجميع يبكون وهم مطرقون إلى الأرض...
وساد الصمت جنبات القطار فجأة، فلا تسمع إلا طرقات عجلاته السريعة الرتيبة على قضبان السكة الحديد...
وفجأة قطعته آمنة بقولها: (سوف أمكث في يثرب شهراً كاملاً بجوار قبر زوجي)..
هذه هى يثرب..
هذه أسواقها
هذا هو النخل.. وبساتينها وحدائقها..
هذه منازل الأوس،،
وهؤلاء هم الخزرج..
كم أحب هذه البقاع.. كم أحب هذا التراب..
هنا يرقد زوجي..
ونادت على أم أيمن:
(يا أم أيمن.. تعالى ومحمداً.. حتى نزور زوجي..)
ائذنوا لي يا أبنائي في خلوة أنا ومحمد ابني لنجلس قليلاً بجوار قبر زوجي عبد الله.. سوف أعود إليكم بعد قليل.. سنزور أهلي من بني النجار فهم قد أعدوا لنا الضيافة حتى نستريح من عناء الرحلة..
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]
وقضينا في يثرب شهراً ونيف. نتجول في أسواقها، وننظر إلى حصونها ونأكل من تمرها وبلحها ونشرب من مياه الآبار المنتشرة فيها.
وبينما نحن في ديار أسعد بن زرارة من بني النجار إذا بأعرابي يقدم من الأبواء فيقول:
أين الركب الذي كانوا برفقة آمنة بنت وهب وابنها اليتيم حين قدموا من مكة؟ فقلنا جميعاً بصوت واحد: (نعم نحن أبناء صمت الليالى ، كنا معها.. )
فقال بصوت حزين: (لقد مرضت آمنة مرضاً شديداً وألح عليها المرض، فماتت بالأبواء وهى راجعة إلى مكة.. ودفناها منذ يومين).
واختلطت أصواتنا ونحن نقول:
(وأين محمد؟) قال الأعرابي: (لقد قفلت به حاضنته أم أيمن إلى مكة..)
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]
فتسابقنا إلى القطار لنطير عائدين إلى مكة وقلوبنا تتفطر على محمد.. صلوات الله وسلامه عليه
صحبتكم السلامة | |
|
| |
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الخميس أبريل 28, 2011 1:46 pm | |
| المحطة الثامنة
استقبلتنا أم أيمن في محطة القطار وأخذتنا إلى بيت عبد المطلب.
قالت أم أيمن: كانت آمنة تشتكي المرض منذ أن سمعت بوفاة زوجها عبد الله، واشتد عليها المرض وهى راجعة إلى مكة. وكان عبد المطلب قد لحق بنا في يثرب وعاد معنا إلى مكة.. وشهد وفاة آمنة ودفنها بالأبواء. ثم عاد مع محمد ومعي إلى مكة...
إن محمداً معه الآن وقد خرجا إلى الكعبة.
إنه لا يترك محمداً ولو لبرهة من الزمان، وهو يحنو عليه ويرق له.
قال نفسى فداك يا رسول الله : وكيف ذلك يا أم أيمن؟
قالت أم أيمن: (إنه يؤثره على أولاده.. كان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة، فكان بنوه يجلسون حول فراشه حتى يخرج إليه، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالاً له. ولكن محمداً وهو غلام صغير السن كان يأتي حتى يجلس على ذلك الفراش، فيقوم أعمامه ليمنعوه من الجلوس على الفراش.. ولكن عبد المطلب كان يقول لهم: دعوا ابني هذا فوالله إن له لشأناً ثم يجلسه معه على فراشه ويمسح ظهره بيده ويسره ما يراه يصنع)..
وفي ليلة من الليالي المقمرة بمكة، كان عبد المطلب على فراش الموت، فنادى ابنه أبا طالب وقال له: (يابنى، إني قد حضرتني الوفاة، وإني أعهد إليك بابني محمد، لتكفله وترعاه، فعمره اليوم ثمان سنوات وشهران وعشرة أيام...)
قال أبوطالب: (سأفعل يا أبتاه.. فمحمد هو ابني ...)..
ولما مات عبد المطلب وانتقل محمد إلى بيت عمه أبي طالب دعانا أبو طالب إلى بيته..
ولبينا الدعوة.. وكانت السنة سنة قحط وجفاف شديد..
قال أبو طالب: أتدون يا ركاب قطر الخير أنني أحببت محمداً كما لم أحب أحداً من قبل؟
قالت : عجباً يا عماه،، وكيف ذلك؟
قال أبو طالب: رأيت من محمد أشياء عجيبة،، إنه يفكر كما يفكر الكبار ويسلك سلوك الكبار، فهو عاقل جداً وقليل الكلام، لكنه إذا تكلم قال كلاماً فصلاً..
وقالت: وأين محمداً الآن يا عماه؟
قال أبو طالب: إنه خرج يرعى الغنم.. فهو يرعى الأغنام ويجد متعة شديدة في رعيها.. وهو يحمل عصا لكنه لا يضرب بها الأغنام، بل إن الأغنام لتتبعه أينما ذهب، وكأنها تحبه..
قالت :
عجباً من هذا الكلام، الأغنام تحب محمداً؟ ولماذا يا عم؟
قال أبو طالب: سأريكم غداً أمراً عجباً من أمور محمد إذا عاد من رعى الغنم.. وقلنا جميعاً: نحن نحب والله أن نرى هذا الأمر..
وفي صباح اليوم التالي: خرجنا جميعنا مبكرين لنلقى أباطالب.. وكان محمد قد عاد بالأغنام ليلاً..
قال : لقد وعدتنا يا أباطالب أن ترينا من محمد أمراً عجباً ...
قال أبوطالب: نعم لقد كان عندي البارحة أشراف قريش ورجالها، جاءوني يشكون من قلة المطر وقحط الوادي وجدب العيال ودعوني لأستسقى لهم واليوم سوف آخذ محمداً إلى الكعبة.. فاتبعونا وانظروا بأنفسكم..
ثم نادى،، يا محمد: هلم بنا إلى الكعبة..
وخرجنا نتبعهما.. وفي الطريق لقينا جلهمة بن عرفطة فقال: هل تريدون أباطالب؟
فقلنا: نعم وأين هو؟
قال جلهمة: لقد توجه صوب الكعبة ومعه غلام أقمر أنور مضيء الوجه، شديد سواد الشعر شديد بياض الأسنان مفلجهما كأنه شمس دجن، تجلت عنه سحابة قثماء، يقال له محمد، إنه هناك.. انظروا إليه.. إنه يستسقي به
ونظرنا إلى السماء فكانت صافية ولم يكن فيها سحاب ولا قزعة
ونظرنا فإذا محمد وحوله غلمان.. وأخذه أبوطالب فألصق ظهره بالكعبة..
ولمس محمداً بيده ثم رفع يده إلى السماء فقال: اللهم اسقنا بهذا الغلام. اللهم اسقنا بمحمد
ونظرنا إلى السماء مرة أخرى فإذا السحاب يقبل من هاهنا وهاهنا، وأغدق واغدودق.. ونزل المطر.. غزيراً فجرينا إلى منزل أبي طالب نحتمي به من المطر.. وانفجرت وديان مكة بالمياه.. وسمعنا خرير الماء وهو يملأ شوارع مكة.. وسمعنا صوت أبي طالب فرحاً جذلاناً يتغنى:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه === ثمال اليتامى عصمة للأرامل
قال لنا أبو طالب: لقد اعتزمت أن أرتحل بمحمد إلى الشام متاجراً فهل تأتون معنا؟
قال: حباً وكرامة يا عماه..
إلى اللقاء في محطتنا القادمة و نحن نصحب محمداً و عمه أبا طالب في رحلتهما إلى الشام | |
|
| |
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الخميس أبريل 28, 2011 1:50 pm | |
| المحطة التاسعة
محمد يبلغ من العمر الآن اثنتى عشرة سنة ، وهو يرعى الغنم لأهل مكة مقابل قراريط يعطونه إياها.. وهو سعيد بذلك لأن رعى الغنم يجعه يقضي النهار بأكمله في البادية، يجلس تحت ظل شجرة يتأمل ويفكر..
ولم يكن عمه أبو طالب يريده أن يستمر في رعى الغنم، بل كان يريده أن يعمل بالتجارة فيذهب إلى اليمن في الشتاء فإذا حل الصيف يمضي إلى الشام كعادة أهل قريش في إيلافهم هذه الرحلات.
طلع الصباح في مكة، وسمعنا أصوات الطائفين فمنزل أبي طالب قريب من الكعبة.. وتجهزت القافلة للرحيل نحو الشام..
وجاء تجار قريش وقد تأهبوا للرحيل.. واتجهت القافلة نحو الشام.
كان النهار قائظاً والحر شديداً.. ونظرنا فإذا سحابة تسير معنا أينما سرنا.. وكانت تظلل محمداً.. تسير إذا سار وتقف إذا وقف..
وكان في الركب شاب اسمه شيبة الحمد وكنيته أبوبكر.. وكانوا ينادونه عتيق أحياناً.. وكان ينظر إلى السحابة التي تظلل محمداً ويتعجب..
اقتربنا من أرض بصرى بالشام..
وكان التعب قد أخذ منا كل مأخذ ولكننا كنا مستمتعين بالرحلة جداً..
وعلى بعد ستة أميال من بصرى مررنا بقرية يقال لها الكفر ورأينا فيها صومعة لأحد الرهبان.. قال أبو طالب: ( هذه صومعة بحيرى..الراهب).
قال أحد الركاب: (ومن يكون بحيرى الراهب هذا يا عماه؟)
فقال: ( إنه راهب مسيحي نسطوري على مذهب أريوس ونسطور وهو ينكر لاهوت المسيح ويقول أن تسميته بإله غير جائزة بل يجب أن يدعى كلمة وأن تدعى والدته مريم والدة الناسوت الذي هو مظهر الكلمة السامي وليس والدة اللّه وهو قس عالم بالفلك والنجوم)..
قال عبد المطلب: (لا تشغلوا أنفسكم به ولا بصومعته.. فعموماً هو لا يخرج منها أبداً ولا يكلم أحداً.. وكنا كلما نمر عليه بقوافلنا يطل علينا منها وينذرنا بعبادة اللّه الواحد وينهانا عن عبادة اللات والعزى. وأنا أعرف تلميذين من تلاميذه فالأول اسمه مذهب، أما الثاني فاسمه سلمان الفارسي النصراني لأنه من بلاد فارس).
وقد سألت سلمان مرة: ماذا تعني كلمة (بحيرا يا سلمان؟ فقال: معناها في السريانية العالم المتبحر).
وكما توقعنا وكما قال أبوطالب: فقد أشرف علينا بحيرا من صومعته حينما سمع أصوات الجمال تختلط بأصوات التجار
أشرف علينا بحيرا ولكنه في هذه المرة وجم صامتاً ولم يتكلم.. وأخذ ينظر إلى الغلمان الذين مع القافلة.. ورأى السحابة وهى تظلل محمداً.. وعلت الدهشة وجهه.
قال أبو طالب : (ما رأيكم أن ننزل هاهنا تحت هذه الشجرة قبل أن ندخل بصرى فنستريح ونأكل؟)
قال محب فى الله: (هل قلت نأكل؟) (موافق) فأنا أحب الأكل جداً..
وضحك أبوطالب وأمر القافلة بأن تحط رحلها.
بدأ الناس ينيخون إبلهم ، واتجه محمد نحو الشجرة.. فجلس تحت ظلها.. ومالت عليه أغصانها فظللته..
قال أحد الركاب: (هل رأيتم أغصان الشجرة؟ لقد مالت على محمد فظللته؟) قالت له أحد الركاب: (ومن أدراك هل رأيته؟) قال نفس الراكب: (لا لم أره ولكنني كنت أراقب بحيرا الراهب وكنت قريباً منه) لقد نزل بحيرا من صومعته لأول مرة وذهب نحو محمد ينظر إليه وسمعته يتمتم وهو يقول: (انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه، أنظروا إلى فيء الشجرة مال عليه.. يا ويحه سوف يقتله اليهود).
وبعد دقائق قليلة أرسل إلينا بحيرا تلميذه مذهب فقال يقول لكم بحيرا إني صنعت لكم طعاما يا معشر قريش. فإني أحب أن تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم. وعبدكم وحركم.
فذهبأحد الركاب وقال له: يقول لك أبوطالب: (واللّه يا بحيرا إن لك شأنا اليوم ما كنت تصنع هذا بنا وقد كنا نمر بك كثيراً فما شأنك اليوم؟ قال بحيرا صدقت قد كان ما تقول ولكنكم ضيف وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم طعاماً فتأكلون منه كلكم. فاجتمعوا).
وذهبنا جميعنا نلبي الدعوة. ما عدا محمداً الذي بقى يحرس الرحال تحت الشجرة فقد كان أصغر القوم سناً.
وجعل الناس يأكلون وبحيرا ينظر إليهم .
ثم قال فجأة: (يا معشر قريش، ألم أقل لكم ألا يتخلف منكم أحد عن طعامي؟ قالوا: ما تخلف أحد إلا غلام هو أحدث القوم سناً وهو يحرس لنا متاعنا في رحالنا).
قال بحيرا:
ادعوه ليحضر طعامي، فما أقبح أن تحضروا ويتخلف رجل واحد مع أني أراه من أنفسكم، فقال أحد بن هاشم: هو والله أوسطنا، نسبا وهو ابن أخي هذا الرجل – وأشار إلى أبي طالب - وهو من ولد عبد المطلب
فقال الحارث بن عبد المطلب:
والله إن كان بنا للؤم أن يتخلف ابن عبد المطلب من بيننا، ثم قام إليه فاحتضنه، وأقبل به حتى أجلسه على الطعام والغمامة تسير على رأسه، وجعل بحيرا يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء في جسده ويتفحصه.
فلما فرغنا من الطعام قام بحيرا وتوجه نحو محمد وقال: يا غلام أسألك بحق اللات والعزى إلا ما أخبرتني عما أسألك؟
فقال محمد: لا تسألني باللات والعزى، فوالله ما أبغضت شيئا بغضهما، قال: فبالله إلا أخبرتني عما أسألك عنه.
قال: سلني عما بدا لك،
فجعل يسأل ومحمد يجيب وبحيرا يتعجب، ثم جعل ينظر بين عينيه، ثم كشف عن ظهره فرأى خاتماً بين كتفيه يشبه بيضة الحمامة فقام يقبل موضع الخاتم، وقالت قريش: إن لمحمد عند هذا الراهب لقدراً.
وجعل أبو طالب لما يرى من الراهب يخاف على ابن أخيه، فقال بحيرا الراهب لأبي طالب: ما هذا الغلام منك؟ قال: هو ابني، قال: ما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا؟ قال: فابن أخي، قال: فما فعل أبوه؟ قال: هلك وأمه حبلى به، قال: فما فعلت أمه؟ قال: توفيت قريبا. قال: صدقت.
ثم انفرد بأبي طالب وقال له:
(ارجع بابن أخيك إلى بلده، واحذر عليه اليهود، فوالله لئن عرفوا منه ما أعرف ليقتلنه على الفور، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم، نجده في كتابنا، واعلم أني قد أديت إليك النصيحة.)
عاد أبو طالب إلينا بوجه غير الذي كلم به بحيرا،
كان مهموماً وصامتاً..
توجه إليه أحد الركاب وقال: (ماذا يا عماه؟)
قال أبو طالب: أخاف على محمد ابن أخي. وسوف أعود به سريعا، فقد قال لي بحيرا: أنه رأى بعضاً من رجال يهود وقد رأوا محمداً، وعرفوا صفته، وهم يخططون لاغتياله ، وذهبوا بالفعل إلى بحيرا فذكروا له أمره فنهاهم أشد النهي، وقال لهم: أتجدون صفته؟ قالوا: نعم، قال: فما لكم إليه سبيل لأن ما قدر الله يكون)، فصدقوه وتركوه.
قال أبو طالب: غداً أعود بابن أخي إلى مكة..
سوف نقطع رحلتنا إلى الشام ونعود سريعاً مع أبي طالب ومحمد إلى مكة.
انتظرونا فى المحطة العاشرة بإذن الله | |
|
| |
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الخميس أبريل 28, 2011 1:56 pm | |
| المحطة العاشرة
محمد الآن عمره خمس عشرة سنة..
وفي شعبان من هذه السنة قررنا أن نذهب إلى سوق عكاظ كعادتنا في كل مرة فنتهاجى وننشد الشعر،،
وبينما نحن في السوق إذا بقافلة من الإبل بعث بها النعمان بن المنذر أمير الحيرة وهى تحمل العطور والملابس..
وتركنا الشعر وذهبنا نتفرج وهناك سمعنا عروة الرجال (وهومن بني هوازن) يعلن عن حماية القافلة.
وحدثت مشاحنة بينه وبين (البراض بن قيس) الذي قال له: "أتجير على كنانة؟" فقال عروة : "نعم وعلى الخلق كلهم"
وغضب البراض فتبع عروة.. وقتله عندما خرج من السوق ثم هرب إلى خيبر فاستخفى بها.
وبعد قليل جاء بشر بن أبي خازم الأسدي الشاعر فقال: يا عبد اللّه بن جدعان وهشام بن المغيرة وحرب بن أمية ونوفل بن معاوية الدبلي وبلعاء بن قيس اذهبوا إلى مكة حتى لا تغدر بكم قيس فتقتلكم انتقاماً لمقتل عروة.
فخرجوا مسرعين إلى الحرم ووذهبنا معهم.
وسرعان ما بلغ قيساً الخبر آخر ذلك اليوم فقال أبو براء رئيس هوازن ما كنا من قريش إلا في خدعة فخرجوا في آثارنا فلم يدركونا إلا بعدما دخلنا الحرم فنادانا رجل من بني عامر يقال له الأدرم بن شعيب بأعلى صوته: أن ميعاد ما بيننا وبينكم هذه الليالي من قابل وإنا لا نأتي في جمع كثير.
ولم تقم في تلك السنة سوق عكاظ فمكثت قبائل قريش و كنانة وأسد سنة يتأهبون لهذه الحرب ضد قبيلة قيس.
وجاءت قيس في الموعد المضروب وبدأت المعركة فكان النصر في أول النهار لقيس على كنانة وهوازن وحلفائهم من قريش.
ثم أصبح النصر آخر النهار لصالح قريش وكنانة على قيس فقتلوهم قتلا ذريعاً حتى نادى عتبة بن ربيعة يومئذ - وإنه لشاب ما كملت له ثلاثون سنة - إلى الصلح فاصطلحوا على أن عدوا القتلى وردت قريش لقيس ما قتلت فضلا عن قتلاهم ووضعت الحرب أوزارها فانصرفت قريش وقيس.
وخرجنا فشهدنا تلك الحرب من بعيد..
قال ابن جعفر الطيار:
أبشركم أن محمداً قد رجع من الحرب بخير.
قالت أميرة القلوب: (لقد سمعت محمداً يخبر أم أيمن بما فعل في الحرب)
قال فارس في لهفة: وماذا قال لها؟ قالت بنت الحماس: قال محمد: ("قد حضرته مع عمومتي ورميت فيه بأسهم وما أحب أني لم أكن فعلت")
قالت أم أيمن: وماذا كنت تفعل في هذه الحرب:؟ قال محمد:"كنت أنبل على أعمامي" يعني أناولهم النبل.
وبعد أربعة أشهر من الحرب قابلنا طلحة بن عبد الله وسأله قانص الأعداءفقال: (من أين أقبلت يا طلحة؟) فقال طلحة من دار عبد الله بن جدعان.
قال يحيى: (وماذا كنت تفعل هناك يا طلحة؟)
قال طلحة: (شهدت حلف الفضول)
فقالت بنت غزة: (وما حلف الفضول؟)
قال طلحة: أما سمعتم القصة؟
قلنا : لا
قال طلحة: ( حلف الفضول أكرم حلف سمع به وأشرفه في العرب، وكان أول من تكلم به ودعا إليه الزبير بن عبدالمطلب وكان سببه أن رجلاً من زبيد بأرض اليمن قدم مكة ببضاعة فاشتراها منه العاص بن وائل ولكنه لم يعطه حقه فذهب الزبيدي إلى الأحلاف يشتكي إليهم)
قال قانص: (الأحلاف؟ لم أسمع بهم)
قال طلحة: (الأحلاف هم عبد الدار ومخزوم وجمح وسهم وعدي بن كعب)
ولكنهم أبوا أن يعينوا الزبيدي على العاص بن وائل وانتهروه وطردوه. فلما رأى الزبيدي ذلك وخاف على حقه أن يضيع صعد على جبل أبي قبيس عند طلوع الشمس وقريش في أنديتهم حول الكعبة فنادى بأعلى صوته:
يا آل فهر لمظلوم بضاعته * ببطن مكة نائي الدار والنفر ومحرم أشعث لم يقض عمرته * يا للرجال وبين الحجر والحجر إن الحرام لمن أثت كرامته * ولا حرام لثوب الفاجر الغدر
فسمع الزبير بن عبد المطلب نداء واستغاثة الزبيدي وقال: ما لهذا مترك. وذهب فجمع بني هاشم وزهرة وتيم بن مرة في دار عبدالله بن جدعان وصنع لهم طعاما وتحالفوا في ذي القعدة في شهر حرام فتعاقدوا وتعاهدوا بالله ليكونن يداً واحدة مع المظلوم على الظالم حتى يؤدي إليه حقه ما بل بحر صوفة وما رسى ثبير وحراء مكانهما وعلى التأسي في المعاش)
قال فارس: (وبذلك سمى هذا الحلف حلف الفضول)
قال طلحة : نعم لأن هؤلاء دخلوا في فضل من الأمر ثم مشوا إلى العاص بن وائل فانتزعوا منه سلعة الزبيدي فدفعوها إليه وقال الزبير بن عبدالمطلب في ذلك :
حلفت لنعقدن حلفا عليهم * وإن كنا جميعا أهل دار نسميه الفضول إذا عقدنا * يعزبه الغريب لذي الجوار ويعلم من حوالي البيت أنا * أباة الضيم نمنع كل عار
وقال الزبير أيضا
إن الفضول تعاقدوا وتحالفوا * ألا يقيم ببطن مكة ظالم أمر عليه تعاقدوا وتواثقوا * فالجار والمعتر فيهم سالم
قال طلحة: ولقد شهد محمد هذا الحلف وكان من بين بني هاشم وسمعته يقول (لقد شهدت في دار عبدالله بن جدعان حلفا لو دعيت به في الإسلام لأجبت)
قالت جنى: (عندي لكم خبر بمليون) قال فارس: (وما هو؟) قالت جنى: (علمت أن محمداً سيعود إلى الشام مرة أخرى)
قال فارس: وكيف عرفت ذلك؟
قا لت جنى: (لقد علمت أن خديجة بنت خويلد بعثت إلى محمد بعد أن علمت صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجراً، على أن تعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار، وقالت له: سوف أبعث معك غلامي ميسرة لأنه سافر كثيراً إلى الشام ويعرف أحوال التجارة هناك.)
قال يحيى: (وهل وافق محمد؟)
قالت جنى : (نعم، وهو يتهيأ الآن للخروج مع ميسرة للتجارة في الشام).
قال قانص الأعداء: (إذن سنعود مرة أخرى إلى الشام. يا فرحتاه) قال فارس: (نعم والله يا فرحتاه ففي المرة السابقة لم نمكث في الشام ورجعنا سريعاً ولم نشتر من أسواقها ولم نأكل من موائدها إلا من مائدة الراهب بحيرا).
قال فارس: (يا يحيى هل سترافقنا في رحلة الشام؟) قال يحيىبالطبع يا فارس.. هذه رحلة لا يمكن أن نفوتها أبداً)
| |
|
| |
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الخميس أبريل 28, 2011 2:16 pm | |
| المحطة الحادية عشر
نحن الآن في مدينة بصرى بالقرب من دمشق فقد وصل القطار أرض الشام واستقبلنا ميسرة غلام خديجة.. وجلسنا في ضيافته.
وكنا في لهفة لمعرفة أخبار محمد.
قال قانص: حدثنا يا ميسرة،، ما هى قصتك ومحمداً؟
قال ميسرة: ما صحبت أحداً مثل محمد،، لم أر مثل عذب حديثه، ولا طيب معاملته وهو شاب في مقتبل العمر. وكان يحدثني وأحدثه في الطريق..
فسألته عن سبب خروجه للتجارة في مال خديجة وعلمت منه أنه لما بلغ عمره خمساً وعشرين سنة ناداه عمه أبو طالب وقال له: أنا رجل لا مال لي وقد اشتد الزمان علينا وهذه قافلة قومك وقد حضر وقت خروجها إلى الشام وخديجة بنت خويلد تبعث رجالاً من قومك في تجارتها فلو جئتها فعرضت عليها نفسك لأسرعت إليك.
قال ابو عبيدة: وماذا قال محمد:
قال ميسرة: لم يقل شيئاً، ولم يكن في وقت من الأوقات طامعاً في الغنى والمال، إنما كان سعيه لغيره ولو ترك الأمر لنفسه لآثر أن يعيش في هدوء وسلام قانعاً بحالته ولما فكر في رحلة كهذه، خاصة بعد رحلته الماضية إلى الشام وما حدث فيها. ولكن لما عرض عليه عمه السفر شعرت نفسه الكريمة بضرورة تفريج كربة عمه فأجاب طلبه مسروراً.. ولكن خديجة أرسلت إليه قبل أن يذهب هو إليها.
قال فارس: وكيف علمت خديجة بما دار بينه وبين عمه؟
قال ميسرة: كنت في بيت عمه حين حدثت تلك المحاورة بينهما، فأسرعت إلى خديجة وبلغتها الخبر. وفي الحال أرسلتني خديجة إلى محمد تعرض عليه أن يتاجر في مالها.
وقالت له: أنا أعطيك ضعف ما أعطى رجلا من قومك. فوافق محمد... إن خديجة ومحمد إنسانان رائعان..
وعندما خرجنا من مكة جعل عمومته يوصون به أهل القافلة حتى وصلنا الشام. ولما وصلنا نزل محمد في ظل شجرة فرآنا نسطور الراهب فجاء وسألني وكان يعرفني فأنا خبير بالتجارة مع أهل الشام.
قال نسطور: من هذا الذي جاء معكم يا ميسرة؟ قال جنرال: وبماذا أجبته يا ميسره؟ قال ميسرة: قلت له هذا رجل من أهل الحرم ولكن لماذا تسأل يا نسطور؟ قال نسطور: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي.
ثم سألني: أفي عينيه حمرة؟ قلت: نعم لا تفارقه. قال: هو نبي وهو آخر الأنبياء.
ثم قال ميسرة: أقول لكم سراً رأيته عن محمد؟
قا ل أبو يحيى: نعم فأنا أحب أن أسمع ذلك
قال ميسرة: كنا ونحن في الطريق إذا كانت الهاجرة واشتد الحر أرى ملكين يظللانه من الشمس. فسألت محمداً عن ذلك فابتسم ولم يرد على.
أقول لكم: إن هذا الرجل نسمة مباركة. لقد بعنا تجارتنا وربحنا ضعف ما كنا نربح في كل عام. ولأخبرن الطاهرة بذلك فهى امرأة رائعة.. وليتها تتزوج محمداً..
قالت جنى: ما هذا يا ميسرة؟ بينما نسمعك تتكلم عن خديجة إذا بك تذكر امرأة أخرى من هى هذه الطاهرة التي ذكرتها؟
ضحك ميسرة ثم قال: اعذريني يا رحمة، فالطاهرة لقب لخديجة وجميع أهل مكة يعرف عنها ذلك اللقب. وهى امرأة لا تحب اللهو ولا ما تفعله بقية النساء، ومن أجل ذلك أطلقوا عليها اسم الطاهرة.. ومضى ميسرة يسترسل في الحديث.. وكان ميسرة غلاماً لطيفاً.
قال: وبهذه المناسبة فقد سألت محمداً هل يحب الغناء والسمر واللهو وما يكون في الأفراح؟ فقال:
(ما هممت بشئ من ذلك غير مرتين .. كل ذلك يحول الله بينى وبين ما أريد من ذلك ثم ما هممت بسوء بعد ذلك قط)
قال ميسرة: قلت له وكيف حدث ذلك يا محمد؟ فقال:
(قلت ليلة لغلام من قريش كان يرعى معى بأعلى مكة لو أبصرت لى غنمى حتى أدخل مكة فاسمر بها كما يسمر الشباب فقال أفعل فخرجت أريد ذلك حتى إذا جئت أول دار من دور مكة سمعت عزفا بالدفوف والمزامير فقلت ما هذا قالوا فلان بن فلان تزوج بفلانة بنت فلان فجلست أنظر اليهم فضرب الله على أذنى فنمت فما أيقظنى الا مس الشمس..)
قال ميسرة: فضحكت ضحكاً شديداً ثم سألته:
وماذا صنعت حين استيقظت من النوم؟ قال محمد: (جئت صاحبى فقال: ما فعلت؟ قلت: ما صنعت شيئا ثم أخبرته الخبر..)
قالت دمعه: وهل كرر المحاولة بعد ذلك؟
قال ميسرة: نعم فقد قال لي محمد:
(ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك فقال: افعل فخرجت فسمعت حين جئت مكة مثل ما سمعت حين دخلت مكة تلك الليلة فجلست انظر فضرب الله على أذنى فوالله ما أيقظنى الا مس الشمس فرجعت إلى صاحبى فاخبرته الخبر ثم ما هممت بعدها بسوء) .
قال ميسرة: أستودعكم الله فهاهى القافلة تتأهب للعودة إلى مكة. وسوف ألقاكم هناك بعد عودتنا.
نحن الآن في مكة وقد رجع بنا القطار من الشام..
وكانت القافلة قد سبقتنا إلى مكة.
ولقينا ميسرة باسماً كعادته:
قالت دمعه: حدثنا عن خديجة ياميسرةفأنت تذكرها دائماً بإكبار واحترام شديدين. وحدثنا أيضاً عن أخبار رحلة العودة من الشام.
قال ميسرة: لقد بلغ عمر خديجة الآن أربعين سنة وهى من أشراف قريش فهى خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصى وهى كما تعلمون امرأة تاجرة ذات شرف ومال تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشئ تجعله لهم منه.
ولما رجعنا إلى مكة أخبرتها بأخبار محمد وأخبار نسطور الراهب وحكاية الملكين اللذين كانا يظللان محمداً من الشمس. ولما باعت خديجة ما جاء به محمد ورأت أنها قد ربحت الضعف أو أكثر ضاعفت لمحمد ما اتفقا عليه من مال.
وتعلمون أن خديجة امرأة حازمة لبيبة شريفة فلما أخبرتها بما أخبرتكم به بعثت إلى محمد فقالت له: (يا ابن عم إنى قد رغبت فيك لقرابتك وسطتك في قومك وأمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك).
قال ابن جعفر الطيار: وهل كلمت محمداً مباشرة فخطبت نفسها إليه:
قال ميسرة: لا يا ابن جعفر، لقد أرسلت إليه نفيسة سراً.
قال أبو عبيدة وماذا قالت نفيسة وبماذا أجابها محمد وهل قبل؟
قال ميسرة: ألم أقل لكم ونحن في الشام إن محمداً وخديجة إنسانان رائعان؟ يانفيسة.. تعالي وحدثي ضيوفنا بقصة خطبة خديجة لمحمد.
جاءت نفيسةفسلمت علينا ثم قالت:
(أرسلتني خديجة إلى محمد سراً أعرض عليه نكاحها فذهبت إليه وقلت له: ما يمنعك أن تتزوج يا محمد؟
فقال: ما في يدي شيء فقلت: فإن كفيت ودعيت إلى المال والجمال والكفاءة... قال: ومن؟ قلت: خديجة ... فوافق فطرت طيراناً إلى خديجة وأخبرتها الخبر..
قال جنرال السرايا: وماذا حدث يا ميسرة؟وماذا فعل محمد؟ نحن متلهفون لمعرفة التفاصيل.
قال ميسرة: ذهب محمد إلى أعمامه وأخبرهم فخرج معه عمه حمزة بن عبد المطلب حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه.
قال شمس الهدى: وهل تزوجا؟ قال ميسرة فرحاً مسروراً: نعم تزوجها
قال ميسرة: لقد وهبت له غلامها زيد بن حارثة هدية منها بعد أن كان زيد في ملكها.
قال حماس الجزائر: إذن وجب علينا أن نزور خديجة ونبارك لها هذا الزواج الطيب وهذا الزوج الفريد ونبارك للغلام زيد بن حارثة أنه أصبح لمحمد. | |
|
| |
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الخميس أبريل 28, 2011 2:22 pm | |
| المحطة الثانية عشر
نحن الآن في بيت خديجة. وهى جالسة مع صديقتها نفيسة بنت منية التي خطبتها لمحمد. وقد خرج محمد لبعض شأنه وبصحبته مولاه زيد بن حارثة.
جلست نفيسة تقص علينا خبر زواج محمد من خديجة.. قالت:
حدث الزواج بعد رجوع محمد من الشام بشهرين، وقد دفع صداقاً لخديجة بلغ عشرين بكرة "ناقة".. وخديجة هى أول امرأة تزوجها محمد ولم يتزوج قبلها..
وكانت خديجة تتدخل بين الحين والآخر لتضيف معلومة هنا ومعلومة هناك. وسألتها (المهاجرة للجنان) فقالت: صفي لنا أحوال محمد يا خديجة.
فقالت خديجة: (إن محمداً صائب الفكر سديد النظر حسن الفطنة.. وهو كثير الصمت قليل الكلام، طويل التأمل، يدمن الفكرة ويستكنه الحق.. ويطالع بعقله وفطرته صحائف الحياة وشؤون الناس..
وهو لا يشرب الخمر ولا يأكل مما يذبح على الأنصاب، ولا يحضر عيداً لللات والعزى ولا غيرها، ولا يشارك في احتفالاتها، بل إنه ينفر منها نفوراً شديداً ويبغضها فليس شيء أبغض إليه منها، ولا يصبر على سماع الحلف باللات والعزى..
وهو عذب الخلال فاضل الأخلاق، كريم الشمائل، عظيم المروءة حسن الخلق، عزيز الجوار، عظيم الحلم، صادق الحديث، لين العريكة، عفيف النفس، كثير الخير، متقن للعمل، وفي العهد، أمين الأمانة حتى سماه الناس "الأمين".
إن محمداً يحمل الكل ويكسب المعدوم ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق.
وبينما نحن جلوس نستمع لصفات محمد من خديجة إذا بصراخ يعلو وأصوات قادمة من ناحية الكعبة.. وهرعنا نحو الكعبة واستقبلنا زيد بن حارثة وهو يعدو نحونا.
قال ( قانص الاعداء): ما الذي حدث يا فارس؟
قال فارس: لصوص سرقوا كنوز الكعبة. وعلت الدهشة وجوهنا جميعاً..
قال (قانص الاعداء): وهل في الكعبة كنوز؟
قال فارس: (كانت الكعبة ممتلئة بمعادن وسبائك وتماثيل ذهبية، وكان يطلق عليها كنز الكعبة) لكن اللصوص انتهزوا فرصة تصدع جدران الكعبة فدخلوا وسرقوا الكنز.
قال: ( سعيد ابو اسلام) وما الذي صدع جدران الكعبة يا فارس؟
قال فارس: تعلمون أن الكعبة كانت رضماً من الحجارة غير مبنية وطولها يتجاوز قامة الإنسان بقليل وليس لها سقف.. وفوق ذلك فقد تعرضت للتصدع بمرور الزمن. ثم جاء السيل العارم الذي شهدته مكة قبل أيام والذي انحدر إلى البيت الحرام، فأوشكت الكعبة على الانهيار، وانتهز اللصوص الفرصة وسرقوا الكنز.
ولما رجعنا إلى بيت خديجة قالت لنا: إن محمداً قد رجع بعد ذهابكم وأخبرني أن قريشاً تعتزم تجديد بناء الكعبة حرصاً على مكانتها، وأنه عازم على إعادة بنائها معهم وهو الآن عند صحن الكعبة. وقد أخبرني أيضاً أنهم وافقوا على اقتراحه عليهم أن لا يدخلوا في بنائها إلا طيباً فلا يدخلوا فيها مهر بغي، ولا بيع رباً ولا مظلمة أحد من الناس..
وبينما نحن عند خديجة إذا بالعباس بن عبد المطلب يدخل علينا مسلماً ويبادر (أبو عبيدة) فيسأله: ما هى أخبار الكعبة يا حماس؟
فيقول حماس: ذهبت قريش لتهدم الكعبة وتعيد بناءها.. وكانت قريش كلها خائفة .. فما زالت حادثة الطير الأبابيل التي أهلكت جيش أبرهة قبل خمس وثلاثين سنة ماثلة للأعين.. ولذلك فقد كانت قريش خائفة جداً..
ولم يتقدم أحد ليبدأ بالهدم.. ولما وقفوا طويلاً تقدم الوليد بن المغيرة المخزومي فأزال حجراً.. ولم يحدث له شيء.. ثم حجراً ثانياً.. ولما رأت قريش أنه لم يصبه شيء تبعته قريش كلها فهدموا الكعبة وأزالوا أحجارها حتى وصلوا إلى قواعد إبراهيم..
ولما وصلوا إلى قواعد إبراهيم وأرادوا الاستمرار في الهدم لم يستطيعوا إزالة حجر واحد من مكانه.. فتركوا القواعد كما هى.
ثم وضعوا خطة للبناء وعينوا (باقوم) كبير المهندسين ليتولى البناء.. و(باقوم) هو بنَّاء رومي، فقام بتجزئة الكعبة إلى أجزاء وخصص جزءاً معيناً لكل قبيلة، فقامت كل قبيلة بجمع الحجارة لبناء الجزء المخصص لها...
واستمر حماس الجزائر في حكايته فقال:
ذهبنا أنا ومحمد ننقل الحجارة لبناء الكعبة، وخفت عليه من أثر الحجارة على كتفه فقد كان يحمل حجارة كبيرة لا يقدر على حملها رجلان أو ثلاثة حتى أثرت على كتفه، فأشفقت عليه وقلت: يا ابن أخي اجعل إزارك على رقبتك يقيك من الحجارة.. وكنت أعلم أنه إن فعل ذلك فستبين عورته ولكنني كنت أخشى على رقبته أن تؤذيها الحجارة.... فلما فعل ذلك أغمى عليه وخرَّ إلى الأرض ووقع وطمحت عيناه إلى السماء ينظر إليها... ثم أفاق فقال: إزاري، إزاري، فشد عليه إزاره..
ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود اختلفت القبائل فيمن يمتاز بشرف وضع الحجر الأسود في مكانه..
واستمر النزاع خمس ليال واشتد حتى كاد أن يتحول إلى حرب ضروس في أرض الحرم.
وعرض أبو أمية بن المغيرة المخزومي على رؤساء القبائل أن يحكموا بينهم أول شخص يدخل من باب الحرم فرضوا ووافقوا على ذلك.. فدخل عليهم محمد فلما رأوه هتفوا: هذا الأمين، رضيناه، هذا محمد..
فلما وصل محمد وأخبروه الخبر طلب رداء، فوضع الحجر وسطه وطلب من رؤساء القبائل المتنازعين أن يمسكوا جميعاً بأطراف الرداء، وأمرهم أن يرفعوه، حتى إذا أوصلوه إلى موضعه أخذه بيده فوضعه في مكانه..
وقامت قريش بعمل تحصينات في الكعبة حتى لا يدخلها إلا من أرادوا فأخرجوا من الجهة الشمالية نحوا ً من ستة أذرع وهى التي تسمى الحجر أو الحطيم، ورفعوا بابها من الأرض.. ولما بلغ البناء خمسة عشر ذراعاً سقفوه على ستة أعمدة.
ذهبنا لرؤية الكعبة وبدأ فارس يصفها لنا فقال: انظروا إنها ذات شكل مربع تقريباً ويبلغ ارتفاعه 15 متراً وطول ضلعه الذي في الحجر الأسود والمقابل له عشرة أمتار و10 سنتمترات والحجر موضوع على ارتفاع متر ونصف من أرضية المطاف. والضلع الذي في الباب والمقابل له 12 متر وبابها على ارتفاع مترين عن الأرض، ويحيط بها من الخارج قصبة من البناء أسفلها، متوسط ارتفاعها ربع متر ومتوسط عرضها ثلث متر وتسمى بالشاذروان وهى من أصل البيت لكن قريشاً تركتها فلم تدخلها في البناء.
في المرة القادمة سوف نخرج معاً لأريكم معالم مكة، وسوف نذهب معاً إلى غار حراء حتى تروا المكان الذي يحبه محمد ويذهب إليه كثيراً.. | |
|
| |
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الخميس أبريل 28, 2011 3:34 pm | |
| المحطة الثالثة عشر
عاود بنا قطار السيرة انطلاقته فاتجه إلى الجزء الشمالي من مكة وتوقف عند مدخل جبل النور على بعد خمسة كيلومترات من مكة.. ونزلنا عند أسفل الجبل ونظرنا إلى الأعلى حيث يوجد غار حراء. وقررنا الصعود إلى الغار حيث يأتي محمد فيقيم في هذا الغار ومعه أهله قريبا منه ، يقيم شهر رمضان يقضي وقته في التفكر وفي مشاهدة الكون...
كان الصعود إلى الغار غير سهل ولا يسير.. ولكنه كان ممتعاً.. وبعد أكثر من عشرين دقيقة من الصعود المتواصل وصلنا إلى الغار. كان غاراً صغيراً.. طوله متران واثنان وثلاثون سنتمتراً وعرضه مائة سنتمتر... لا يكاد يتسع إلا لشخص واحد فقط.
قال العباس: إن محمداً يأخذ السويق و الماء و يأتي إلى هذا الغار معتزلاً قريش وأهل مكة جميعاً وكان يتوق لهذه العزلة وينقطع إليها. وكان يفعل هذا كل سنة..
ولكن في هذه السنة حدث له أمر عجيب جداً.
قالت ( قطرة) وما هو يا عباس؟
قال العباس: إن محمداً يرى الرؤيا فتأتي وتتحقق مثل فلق الصبح.
لقد تكامل له اليوم أربعون سنة قمرية وستة أشهر و12 يوماً. وكان في هذا الغار قبل قدومكم ولكنه انطلق إلى خديجة مسرعاً..
ونحن بني العباس نقرأ تعابير الوجوه.. ولقد قرأت على وجه محمد شيئاً لم أكن أعهده فيه من قبل قط. وبالفعل تبعته حتى وصل إلى خديجة خائفاً يرجف فؤاده فقال لها: زملوني زملوني.. فزملته خديجة حتى ذهب عنه الروع.. ثم سألته ما الذي حدث يا محمد؟
فقال لها: بينما أنا في غار حراء إذ سمعت صوتاً فرفعت رأسي فإذا بملك يسد أقطار السماء بجناحيه فقال لي : - يا محمد إقرأ فقلت: ما أنا بقاريء فأخذني فغطني (أى ضمني إليه) حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: - إقرا فقلت: ما أنا بقاريء -فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال( اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ و ربك الأكرم ))
ولقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة: كلا ، و الله ما يخزيك الله أبداً ، إنك لتصل الرحم ، و تحمل الكل ، و تكسب المعدوم و تقري الضيف ، و تعين على نوائب الحق.،
قال العباس:
وانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزي ابن عمها –
و كان امرءاً تنصر في الجاهلية ، و كان شيخاً كبيراً قد عمي – فقالت له خديجة : يا ابن العم ! اسمع من ابن أخيك ، فقال له ورقة : يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره خبر ما رأى فقال له ورقة : هذا الناموس الذي نزله الله على موسى ، يا ليتني فيها جذعاً ، ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك ، فقال رسول الله : أو مخرجي هم ؟ قال: نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي ، و إن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً.
قال العباس: وسألت محمداً: مالذي حدث لك يا ابن أخي؟ فقال: لم يكن من خلق الله أبغض عليّ من شاعر أو مجنون ، كنت لا أطيق أن أنظر إليهما، فلما حدث هذا الذي رأيته ( قلت: إن الأبعد – يعني نفسه – شاعر أو مجنون إلا تحدث بها عني قريش أبداً )
لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحن نفسي منه فلأقتلنها ، فلأستريحن،
فخرجت أريد ذلك ، حتى إذا كنت في وسط الجبل سمعت صوتاً من السماء يقول : يا محمد ! أنت رسول الله وأنا جبريل . فرفعت رأسي للسماء ، فإذا جبريل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول : يا محمد ! أنت رسول الله و أنا جبريل .
فوقفت أنظر إليه، وشغلني ذلك عما أردت، فما أتقدم و لا أتأخر، و جعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء فلا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك ، فما زلت واقفاً ما أتقدم أمامي، و لا أرجع ورائي، حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي ، حتى بلغوا مكة و رجعوا إليها و أنا واقف في مقامي ، ثم انصرف عني و انصرفت راجعاً إلى أهلي حتى أتيت خديجة فجلست إلى مضيفاً إليها ( ملتصقاً بها مائلاً إليها ) فقالت : يا أبا القاسم ! أين كنت؟ فوالله لقد بعثت في طلبك حتى بلغوا مكة و رجعوا إلى ، ثم حدثتها بالذي رأيت ، فقالت : أبشر يا ابن العم ، واثبت ، فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ،
ثم قامت فانطلقت إلى ورقة و أخبرته. فقال : قدوس قدوس ، و الذي نفس ورقة بيده لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى ، و إنه لنبي هذه الأمة ، فقولي له : فليثبت ، فرجعت خديجة و أخبرتني بقول ورقة
فلما قضيت جواري و انصرف إلى مكة لقيني ورقة، و قال بعد أن سمع مني خبري : و الذي نفسي بيده ، إنك لنبي هذه الأمة ، و لقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى ..
قال العباس: لقد رأيتم غار حراء وسمعتم ما حدث لمحمد فيه، وإني لأظن أنه سيكون لهذا الغار وهذا اليوم شأن عظيم.. فهيا بنا نعود إلى مكة وأنتم ستكونون في ضيافتي فيها. وسوف أقص عليكم من أخبار محمد إن شئتم. قال ( أبو حمزة) نعم يا عباس فإننا نحب أن نسمع خبر محمد وخبر الوحى.
وانطلق قطار السيرة عائدا إلى مكة.
انتظرونا في الرحلة القادمة
| |
|
| |
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الخميس أبريل 28, 2011 3:36 pm | |
| المحطة الرابعة عشر
انطلق العباس يقص علينا في حماس أخبار الوحى.. قال:
انقطع الوحى فترة بعد تلك الأحداث في غار حراء ، ولم ير ابن أخي الوحى فبقى كئيباً محزوناً ، تعتريه الحيرة والدهشة و بلغ به الحزن والحيرة مبلغاً أنه غدا مراراً كى يتردى من رؤوس شواهق الجبال ، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه منه تبدى له جبريل فقال : يا محمد إنك رسول الله حقاً ، فيسكن لذلك جأشه ، و تقر نفسه ، فيرجع ، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك ، فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك.
وكأنما كان انقطاع الوحي ليذهب ما كان وجده من الروع ، و ليحصل له التشوق إلى العود، فلما وجدت نفسه ذلك وتهيأت لاستقبال الوحى جاءه جبريل للمرة الثانية
قال ابن أخي: بينما أنا أمشي إذ سمعت صوتاً من السماء ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعداً على كرسي بين السماء و الأرض ، فجئثت منه حتى هويت إلى الأرض ، فجئت أهلي فقلت : زملوني زملوني ، فزملوني ، فأنزل الله تعالى : (( يا أيها المدثر )) ، ثم حمي الوحي و تتابع . قال العباس: اذهبوا إلى خديجة بنت خويلد فإن عندها الخبر اليقين.
عودة إلى بيت خديجة
وانطلقنا إلى بيت خديجة وجلست تحدثنا كيف أن محمداً عرض عليها الإسلام فأسلمت معه لله رب العالمين وقالت: يا أبنائي أنا أول من آمن بمحمد ولا فخر ، ثم مولاه زيد بن حارثة بن شرحبيل الكلبي ثم ابن عمه علي بن أبي طالب وكان صبياً يعيش في كفالة زوجي محمد – ثم صديقه الحميم شيبة الحمد عتيق. أسلم هؤلاء في أول يوم من أيام الدعوة .
قال : ومن شيبة الحمد هذا يا أماه؟ قالت خديجة: (عجباً لك! ألا تعرف أبابكر الصديق؟ إنه شيبة الحمد الملقب بعتيق.) قال عنه زوجي محمد: ما عرضت الدعوة على أحد إلا كان له فيها تردد وتلجلج إلا أبابكر فما تردد وما تلجلج وما أخبرته بشيء إلا قال: صدقت فأسميته الصديق.
قالت خديجة: ثم نشط أبو بكر في الدعوة إلى الإسلام ، و كان رجلاً مُألفاً محبباً سهلاً ، ذا خلق و معروف ، و كان رجال قومه يأتونه و يألفونه لعلمه و تجارته ، و حسن مجالسته ، فجعل يدعو من يثق به من قومه ممن يغشاه و يجلس إليه ، فأسلم بدعائه عثمان بن عفان الأموي ، و الزبير بن العوام الأسدي ، و عبد الرحمن بن عوف ، و سعد بن أبي وقاص الزهريان ، و طلحة بن عبيد الله التيمي . فكان هؤلاء النفر الثمانية الذين سبقوا الناس هم الرعيل الأول و طليعة الإسلام .
ومن أوائل المسلمين بلال بن رباح الحبشي (اشتراه أبوبكر ثم أعتقه) ، ثم تلاهم أمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح من بني حارث بن فهر ، وأبو سلمة بن عبد الأسد ، و الأرقم بن أبي الأرقم المخزوميان ، و عثمان بن مظعون و أخواه قدامة و عبد الله، و عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف ، و امرأته فاطمة بنت الخطاب العدوية أخت عمر بن الخطاب ، وخباب بن الأرت وعبد الله بن مسعود الهذلي و خلق سواهم ، و أولئك هم السابقون الأولون ، و هم من جميع بطون قريش و هم أكثر من أربعين نفراً. أسلموا سراً . إن محمد يجتمع بهم كل يوم ويرشدهم إلى الدين متخفياً ، في بيت الأرقم بن أبي الأرقم ليتعلموا الإسلام.
و تتابع الوحي وحمي نزوله بعد نزول أوائل المدثر ثم دخل الناس في الإسلام أرسالاً من الرجال و النساء حتى فشا ذكر الإسلام بمكة و تحدث به أهلها.
قالت :وكيف كان المسلمون الأوائل يعبدون الله يا أماه؟
قالت خديجة: فرض الله في أوائل أمر الإسلام الصلاة ركعتين بالغداة و ركعتين بالعشي و كان المسلمون إذا حضرت الصلاة ذهبوا في الشعاب فاستخفوا بصلاتهم من قومهم ، و قد رأى أبو طالب النبي و علياً يصليان مرة ، فكلمهما في ذلك ، و لما عرف جلية الأمر أمرهم بالثبات ولكنه لم يؤمن بدعوة محمد.
ورغم استخفاء المسلمين بصلاتهم وعبادتهم لكن أنباءها بلغت قريشاً ، بيد أنها لم تكترث بها ولم تعرها اهتماماً ، ولعلها حسبت محمداً أحد أولئك الديانين ، الذين يتكلمون في الألوهية و حقوقها ، كما صنع أمية بن أبي الصلت ، وقس بن ساعدة الإيادي، و عمرو بن نفيل و أشباههم ، إلا أنها توجست خيفة من ذيوع خبره و امتداد أثره ، و أخذت ترقب على الأيام مصيره و دعوته.
إلى القاء في المحطة القادمة صحبتكم السلامة | |
|
| |
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الخميس أبريل 28, 2011 3:37 pm | |
| المحطة الخامسة عشر
قال (قانص الأعداء ) يسأل السيدة خديجة : ماذا حدث للمسلمين بعد ذلك يا أماه ؟ و هل استمروا في الخفاء ؟ قالت خديجة : لقد بلغت أنباء الدعوة قريش بيد أنها لم تكترث بها.و ترامت هذه الأنباء إلى قريش فلم تعرها اهتماماً
و مرت ثلاث سنين و الدعوة لم تزل سرية و فردية ، و خلال هذه الفترة تكونت جماعة من المؤمنين تقوم على الأخوة و التعاون ، و تبليغ الرسالة و تمكينها من مقامها ، ثم تنزل الوحي يكلف زوجي محمد بمعالنته قومه ، و مجابهة باطلهم و مهاجمة أصنامهم .
قال (أحبك يا رسول الله) و كيف كان ذلك ؟
لقد نزل جبريل على محمد بهذه الآية و أنذر عشيرتك الأقربين )
و أول ما فعل محمد بعد نزول هذه الآية أنه دعا بني هاشم فحضروا و معهم نفر من بني عبد المطلب بن عبد مناف ، فكانوا خمسة و أربعين رجلاً –
فبادره أبو لهب و قال : و هؤلاء هم عمومتك و بنو عمك فتكلم و دع الصباة . واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة ، و أنا أحق من أخذك ، فحسبك بنو أبيك ، و إن أقمت على ما أنت عليه فهو أيسر عليهم من أن يثب بك بطون قريش ، و تمدهم العرب ، فما رأيت أحداً جاء على بني أبيه بشر مما جئت به ، فسكت محمد و لم يتكلم في ذلك المجلس .
ثم دعاهم ثانية وقال : الحمد لله و أستعينه و أومن به و أتوكل عليه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .
ثم قال: إن الرائد لا يكذب أهله و الله الذي لا إله إلا هو ، إني رسول الله إليكم خاصة ، و إلى الناس عامة ، و الله لتموتن كما تنامون و لتبعثن كما تستيقظون و لتحاسبن بما تعملون و إنها الجنة أبداً أو النار أبداً .
فقال أبو طالب : ما أحب إلينا معاونتك و أقبلنا لنصيحتك و أشد تصديقاً لحديثك و هؤلاء بني أبيك مجتمعون و إنما أنا أحدهم غير إني أسرعهم إلى ما تحب ، فامض لما أمرت به . فوالله لا أزال أحوطك و أمنعك ، غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب . فقال أبو لهب : هذه و الله السوأة ، خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم ، فقال أبو طالب: و الله لنمنعه ما بقينا .
قال (القناص المقدام) أكملي لنا يا أماه قالت خديجة : إذهبوا إلى العباس فستجدونه الآن بالكعبة و سيروي لكم ما لم أروه من تلك القصة
إنطلقنا جميعاً مسرعين إلى الكعبة قال (أبو عبيدة) ها هو العباس – أسرعوا نادى فارس العباس فأتى إلينا مسرعاً
قالت (قسامية ) لقد أوصتنا أمنا خديجة بك لتكمل لنا ماذا فعل محمد بعدما نزلت ( و أنذر عشيرتك الأقربين )
قال العباس : و بعدما تأكد محمد من تعهد أبي طالب بحمايته و هو يبلغ عن ربه ، صعد محمد على الصفا ، فجعل ينادي يا بني فهر ! يا بني عدي ! لبطون قريش ، حتى إجتمعوا ، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو ؟
فقال : يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار! ، يا معشر بني كعب أنقدوا أنفسكم من النار ! يا فاطمة بنت محمد ! أنقذي نفسك من النار ، فإني و الله لا أملك لكم من الله شيئاً ، إلا أن لكم رحماً سأبلها ببلالها .
ثم قال : أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم ، أكنتم مصدقي ؟ قالوا : نعم ، ما جربنا عليك إلا صدقاً ، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد . فقال أبو لهب : تباً لك سائر اليوم . ألهذا جمعتنا ؟ فنزلت ( تبت يدا أبي لهب )
قال ( أبو حمزة) قص علينا يا عماه كيف كانت ردود أفعال مكة ؟
قال العباس : انفجرت مكة بمشاعر الغضب و ماجت بالغرابة و الاستنكار حين سمعت صوتاً يجهر بتضليل المشركين و عباد الاصنام ، كأنه صاعقة قصفت السحاب فرعدت و برقت و زلزلت الجو الهاديء و قامت قريش تستعد لحسم هذه الثورة التي اندلعت بغتة ، و يخشى أن تأتي على تقاليدها و موروثاتها .
قامت لأنها عرفت أن معنى الإيمان بنفي الألوهية عما سوى الله ، و معنى الإيمان بالرسالة و باليوم الآخر هو الانقياد التام و التفويض المطلق ، بحيث لا يبقى لهم خيار في أنفسهم و أموالهم ، فضلاً عن غيرهم . و معنى ذلك انتفاء سيادتهم و كبريائهم على العرب ، و امتناعهم عن تنفيذ مرضاتهم أمام مرضاة الله و رسوله ، و امتناعهم عن المظالم التي كانوا يفترونها على الأوساط السافلة ، و عن السيئات التي كانوا يجترحونها صبح مساء . عرفوا هذا المعنى فكانت نفوسهم تأبى عن قبول هذا الوضع المخزي
عرفوا كل ذلك جيداً ، و لكن ماذا سيفعلون أمام محمدالصادق الأمين ، أعلى مثل للقيم ومكارم الأخلاق ، فهم لم يعرفوا له نظيراً و لا مثيلاً خلال فترة طويلة من تاريخ الآباء و الأقوام ؟
فحيرهم محمد فيما يفعلون، و حق لهم أن يتحيروا و بعد إدارة الفكرة لم يجدوا سبيلاً إلا أن يأتوا إلى عمه أبي طالب ليطلبوا منه أن يكف ابن أخيه عما هو فيه
إذهبوا إلى أبي طالب ليحكي لكم كيف كان ذلك ؟
هيا إلى قطارنا لننطلق معاً لمقابلة أبو طالب صحبتكم السلامة | |
|
| |
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الخميس أبريل 28, 2011 3:39 pm | |
| ذهبنا للقاء أبي طالب و انتظرناه قليلاً حتى خرج إلينا قال ( فارس) جئناك يا عماه لنسمع منك كيف طلب منك أشراف قريش أن تكف محمداً عما يدعو له .
قال أبو طالب : مرحباً بكم في مكة و سأقص عليكم كيف عالجت وعيد و تهديد قومي
مشى رجال من أشراف قريش إليّ فقالوا : يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سب آلهتنا و عاب ديننا و سفه أحلامنا فإما أن تكفه عنا و إما أن تخلي بيننا وبينه فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه ، فنكفيكه فقلت لهم قولاً رقيقاً و رددتهم رداً جميلاً فانصرفوا عني و مضى محمد على ما هو عليه ليظهر دينه و يدعو إليه
عظم علىّ هذا الوعيد و التهديد الشديد ، فبعثت إلى محمد وقلت له : يا ابن اخي إن قومك قد جاؤوني فقالوا لي كذا و كذا ، فأبق عليّ و على نفسك ، و لا تحملني من الأمر ما لا أطيق ، فظن محمد أنني خاذله و أنني ضعفت عن نصرته ، فقال لي : يا عم ! و الله لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في يساري على أن أترك هذا الأمر - حتى يظهره الله أو أهلك فيه – ما تركته ، ثم استعبر و بكى ، و قام
فلما ولى ناديته، فلما أقبل قلت له : اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت ، فوالله لا أسلمك لشيء أبداً .
و أنشدت قصيدة قال ( أبوحمزة) أنا أحفظ منها يا عماه فقد قلت :
و الـله لـن يصلـوا إلـيك بجمعـهـم === حتى أوســد في التراب دفيــنا فاصدع بأمرك ما عليك غضاضـة === و أبشر و قر بذاك منك عيونـا قال أبو طالب: صدقت يا بني
ثم أكمل قائلاً : و لما رأت قريش أن محمداً ماض في عمله ، و عرفت أنني قد أبيت خذلانه و أنه مجمع لفراقهم و عداوتهم في ذلك فجاءوني بعمارة بن الوليد بن المغيرة و قالوا لي : إن هذا الفتى أنهد فتى في قريش و أجمله ، فخذه فلك عقله و نصره ، و اتخذه ولداً لك ، و اسلم لنا ابن أخيك هذا الذي خالف دينك و دين آبائك ، و فرق جماعة قومك و سفه أحلامهم ، فنقتله ، فإنما هو رجل برجل فقلت : و الله لبئس ما تسومونني ، أتعطوني ابنكم أغذوه لكم ، و أعطيكم ابني لتقتلونه . هذا و الله ما لا يكون أبداً . فقال لي المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف : و الله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك ، و جهدوا على التخلص مما تكره ، فما أراك تريد ان تقبل منهم شيئاً فقلت : و الله ما أنصفتموني ، و لكنك قد أجمعت خذلاني و مظاهرة قومي عليّ ، فاصنع ما بدا لك
قال ( أبوعبيدة) و ماذا حدث لمحمد و اصحابه بعد ذلك ؟ قال ابو طالب : لقد واجهوا أياماً ثقيلة و اضطهادات عنيفة من قريش ، إذهبوا إلى أبي بكر الصديق و سيحكي لكم عن ذلك فهو أقرب الخلق لمحمد ، قال ( أمير ) و أين نجده يا عماه ؟ قال أبو طالب : ستجدونه في دار الأرقم حيث يجتمع محمد و أصحابه
إنطلقنا جميعاً إلى دار الأرقم ننشد أبا بكر ، و التقينا به و هو في طريقه إليها فحييناه و كم كانت فرحتنا بلقائه – و كان رجلاً نحيلاً، معروقاً ، ناتيء الجبهة ، أبيض البشرة ، مشرب بياضه بحمرة
و بادرت ( بلسم الورد) بسؤاله : لماذا يجتمع المسلمون هنا في دار الأرقم ؟ قال أبو بكر :بعد إضطهاد قريش للمسلمين كان من الحكمة أن يمنع محمد أصحابه عن إعلان إسلامهم قولاً و فعلاً و ألا يجتمع بهم إلا سراً أما محمد فكان يجهر بالدعوة و العبادة بين ظهراني المشركين ، لا يصرفه عن ذلك شيء ، و لكن كان يجتمع بالمسلمين سراً لصالحهم و صالح الإسلام و كانت دار الأرقم بن ابن الأرقم المخزومي على قمة جبل الصفا ، و كانت بمعزل عن أعين الطغاة و مجالسهم ، فاتخذها محمد مركزاً لدعوته و لاجتماعه بالمسلمين .
قال (القناص ) لقد جئناك يا أبا بكر لتقص علينا كيف عانى المسلمون في تلك الفترة ؟
قال أبو بكر : عندما قرب موسم الحج و عرفت قريش أن وفود العرب ستقدم عليهم فرأت أنه لا بد من كلمة يقولونها للعرب في شأن محمد حتى لا يكون لدعوته أثر في نفوس العرب فاجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة يتداولون فقال لهم الوليد : أجمعوا فيه رأياً واحداً ، و لا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضاً فقالوا : نقول كاهن قال : لا و الله ما هو بكاهن ، لقد رأينا الكهان ، فما هو بزمزمة الكاهن و لا سجعه . قالوا : فتقول مجنون قال : ما هو بمجنون ، لقد رأينا الجنون و عرفناه ، ما هو بخنقه و لا تخالجه و لا وسوسته قالوا: فنقول شاعر قال : ما هو بشاعر ، لقد عرفنا الشعر كله رجزه و هزجه و قريضه و مقبوضه و مبسوطه ، فما هو بالشعر قالوا: فنقول ساحر قال : ما هو بساحر ، لقد رأينا السحار و سحرهم ، فما هو بنفثهم و لا عقدهم قالوا : فما نقول ؟ قال : و الله إن لقوله لحلاوة ، و إن أصله لعذق ، و إن فرعه لجناة ، و ما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عرف أنه باطل , و إن أقرب القول فيه لأن تقولوا ساحر ، جاء بقول هو سحر يفرق بين المرء و أبيه ، و بين المرء و زوجه ، و بين المرء و عشيرته
ثم أردف أبو بكر فقال : و الذي تولى كبر ذلك هو أبو لهب – فقد كان محمد يتبع الناس إذا وافى الموسم في منازلهم و في عكاظ و مجنة و ذي المجاز ، يدعوهم إلى الله - و أبو لهب وراءه يقول : لا تطيعوه فإنه صابيء كذاب .
قال (فارس ) أكمل لنا يا عماه كيف واجه المسلمون إعتداءات المشركين ؟
رد أبو بكر الصديق : قائمة العذاب و المعذبين في الله طويلة - أدعوكم أولاً للغداء في بيتي فأنا كما تعلمون من تجار قريش و لا بد أن بناتي : أسماء و عائشة قد أعددن الطعام فنأكل سوياً و نأخذ قسطاً من الراحة ثم نذهب سوياً إلى مجالس قريش عند الكعبة
هيا بنا فمازال أمامنا الكثير مما سوف أقصه عليكم . | |
|
| |
امه الله عضو ذهبي
عدد الرسائل : 704 مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : دعاء : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: رد: احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة الخميس أبريل 28, 2011 3:42 pm | |
| المحطة السابعة عشر
تناولنا طعامنا في دار أبي بكر الصديق في حضرته و بناته ، الكبرى أسماء و الصغرى عائشة
فأكلنا اللحم و الثريد حتى امتلأنا و لم نحظ بكرم ضيافة من قبل كما شعرنا في تلك الدار
و بعد قسط من الراحة توجهنا جميعاً إلى مجالس قريش بالكعبة ، و اتخذنا مجلساً غير مجالس قريش ، و طافت علينا أطباق من أطايب التمور وشراب اللبن ،
توسط مجلسنا أبو بكر الصديق ثم قال: فلنكمل حديثنا الذي بدأناه صباحاً قال (أمير الحور ) كيف حاولت قريش قمع الدعوة لما رأوا محمداً لا يصرفه عن دعوته هذا ولا ذاك؟ قال أبو بكر : إستمروا في السخرية و التحقير و الاستهزاء و التكذيب و التضحيك و رموا محمداً بتهم هازلة و شتائم سفيهة ، فكانوا ينادونه بالمجنون و يصمونه بالكذب و السحر ، و كانوا يشيعونه و يستقبلونه بنظرات ناقمة ،
حتى بلغوا من المساومات ما يدعو للضحك ،
قال( فارس ) كيف كان ذلك يا عماه ؟
قال أبو بكر : في يوم كان محمد يطوف بالكعبة ، فاعترضه الأسد بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزي ، و الوليد بن المغيرة ، و أمية بن خلف ، و العاص بن وائل السهمي فقالوا : يا محمد – هلم فلنعبد ما تعبد ، و تعبد ما نعبد ، فنشترك نحن و أنت في الأمر ، فإن كان الذي تعبد خيراً مما نعبد كنا قد أخذنا بحظنا منه ، و إن كان ما نعبد خيراً مما تعبد كنت قد أخذت حظك منه ، فأنزل الله تعالى (( قل يا أيها الكافرون ، لا أعبد ما تعبدون )) السورة كلها
قالت ( جنى ) إذن فقد حسم الله تعالى مفاوضتهم المضحكة بهذه المفاصلة الجازمة . قال أبو بكر : نعم يا بنيتي فكثيراً ما جاء القرآن بفصل لمثل هذا .
قال (قانص الاعداء) و هل اقتصر قمع الدعوة على تلك الأساليب ؟
قال أبو بكر : لا بل زاد الأمر إلى الأسوأ ، لما رأوا أن هذه الأساليب لا تجدي لهم نفعاً في كف الدعوة ، إجتمعوا مرة أخرى ، و كونوا لجنة أعضاؤها خمسة و عشرون رجلاً من سادات قريش ، رئيسها أبو لهب عم محمد ، و اتخذوا قراراً حاسماً بألا يألوا جهداً في إيذاء محمد و تعذيب أصحابه و التعرض لهم بألوان من النكال و الإيلام .
قال ( القناص ) نتشوق لنسمع كيف كان ذلك و كيف صبر محمد و أصحابه ؟
قال أبو بكر : كان سهلاً عليهم تنفيذ هذا القرار بالنسبة للمستضعفين و أما بالنسبة لمحمد فكان في منعة أبي طالب ، فما يجسر أحد على إخفار ذمته و استباحة بيضته ، و مع ذلك لم يمنعهم ذلك عن إيذائه .
ثم أردف أبو بكر قائلاً و قد بدا التأثر على ملامحه :
كان على رأس المعتدين على محمد عمه أبو لهب ، كان أبو لهب قد زوج ولديه عتبة و عتيبة ببنتي محمد رقية و أم كلثوم قبل البعثة ، فلما كانت البعثة أمرهما بتطليقهما بعنف و شدة ، حتى طلقاهما .
و من جهة أخرى كانت امرأة أبي لهب – أم جميل بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان – لا تقل عداوة عن زوجها ، فقد كانت تحمل الشوك و تضعه في طريق محمد و على بابه ليلاً ، و كانت سليطة اللسان ، و قد وصفها القرآن بحمالة الحطب . و لما سمعت ما نزل فيها و في زوجها من القرآن ، أتت محمداً و هو جالس معي بالكعبة ، و في يدها بعض من الحجارة ، فلما دنت أخذ الله ببصرها عن محمد فلا ترى إلا شخصي . فقالت لي : يا أبا بكر أين صاحبك ؟ قد بلغني أنه يهجوني ، و الله لو وجدته لضربت بهذا الحجر فاه ، اما و الله إني لشاعرة ثم قالت : مذمماً عصينا * و أمره أبينا * و دينه قلينا ثم انصرفت ، فقلت لمحمد : أما تراها رأتك فقال : ما رأتني ، لقد أخذ الله ببصرها عني
قال ( أبو عبيدة ) و ماذا عن زوجها ابي لهب ؟ قال أبو بكر : هو عم محمد و جاره ، كان بيته ملتصقاً ببيته ، و كان يؤذي محمداً و كذا غيره من جيرانه مثل الحكم بن أبي العاص بن أمية و عقبة بن أبي معيط ، و عدي بن حمراء الثقفي ، وابن الأصداء الهذلي فكان أحدهم يطرح على محمد رحم الشاة و هو يصلي ، فكان يقف به على العود ، فيقف على بابه ثم يقول : يا بني عبد مناف ! أي جوار هذا ؟ ثم يلقيه في الطريق .
و كذلك كان عقبة بن أبي معيط ، ففي ذات مرة – كان محمد يصلي عند البيت و أبو جهل و أصحابه له جلوس ، إذ قال بعضهم لبعض : أيكم يجيء بسلا جزور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد فجاء به عقبة بن أبي معيط ، فنظر حتى سجد محمد ، فوضعه على ظهره بين كتفيه ، فجعلوا يضحكون و يتمايلون مرحاً ، و محمد ساجد لا يرفع رأسه ، حتى جاءته إبنته فاطمة ، فطرحته عن ظهره ، فرفع رأسه ثم قال : اللهم عليك بقريش ثلاث مرات ، ثم سمى اللهم عليك بأبي جهل ، و عليك بعتبة بن ربيعة ، و شيبة بن ربيعة ، و الوليد بن عتبة ، و أمية بن خلف ، و عقبة بن أبي معيط - فوالذي نفسي بيده لقد رأيت الذي عد رسول الله صرعى في القليب ( قليب بدر )
قالت (زهرة الاسلام) و ماذا عن المستضعفين يا عماه ؟
قال أبو بكر : كانت إجراءات القمع أقسى من ذلك و أمر ، فقد قامت كل قبيلة تعذب من دان منها بالإسلام أنواعاً من التعذيب ، و من لم يكن له قبيلة فأجرت عليه الأوباش و السادات ألواناً من الاضطهاد ، يفزع من ذكرها قلبي ، و سأذكر لكم أمثلة منها .
- كان ابو جهل إذا سمع عن رجل أسلم له شرف و منعة أنبه و أخزاه ، و أوعده بالخسارة الفادحة في المال و الجاه ، و إن كان ضعيفاً ضربه و أغرى به .
- و كان عم عثمان بن عفان يلفه في حصير من أوراق النخيل ثم يدخنه من تحته
- و لما علمت أم مصعب بن عمير بإسلامه أجاعته و أخرجته من بيته ، و كان من أنعم الناس عيشاً ، فتخشف جلده تخشف الحية .
- و كان بلال مولى أمية بن خلف الجمحي ، فكان أمية يضع في عنقه حبلاً ، ثم يسلمه إلى الصبيان ، يطوفون به في جبال مكة ، حتى كان يظهر أثر الحبل في عنقه ، و كان أمية يشده شداً ثم يضربه بالعصا ، و كان يلجئه إلى الجلوس في حر الشمس ، كما كان يكرهه على الجوع ، و أشد من ذلك كله أنه كان يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه في بطحاء مكة ، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ثم يقول : لا و الله لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد ، و تعبد اللات و العزى . فيقول بلال : أحد ، أحد حتى مررت به يوماً و هم يصنعون به ذلك ، فاشتريته بسبعة أوراق من الفضة و أعتقته .
- و كان عمار بن ياسر مولى لبني مخزوم ، أسلم هو و أبوه و أمه ، فكان المشركون و على رأسهم أبو جهل يخرجونهم إلى البطحاء إذا حميت الرمضاء ، فيعذبونهم بحرها . و مر بهم يوماً محمد و هم يعذبون فقال : صبراً آل ياسر ! فإن موعدكم الجنة فمات ياسر في العذاب ، و طعن أبو جهل سمية ( أم عمار ) في قبلها بحربة فماتت و هي أول شهيدة في الإسلام ، و شددوا العذاب على عمار بالحر تارة ، و بوضع الصخر أحمراً على صدره تارة أخرى ، و بالتغريق أخرى و قالوا : لا نتركك حتى تسب محمداً أو تقول في اللات و العزى خيراً فوافقهم عمار على ذلك مكرهاً و جاء باكياً إلى محمد معتذراً فأنزل الله تعالى (( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره و قلبه مطمئن بالإيمان ))
قال ( أبو حمزة ) ألم يكن لذلك من نهاية يا أبا بكر ؟
قال ابو بكر : لما اشتد العذاب على محمد و أصحابه ، أمر بعضهم بالهجرة إلى الحبشة ، ها هو الزبير بن العوام قادم ، و هو خير من يحدثكم عن الهجرة إلى الحبشة و نادى : تعالى يا زبير و حدث أبناءك ماذا فعلتم عند النجاشي ؟ قال الزبير : مرحباً بأبنائي ، فهلموا إلى بيتي أحدثكم بهجرتنا إلى الحبشة . | |
|
| |
| احجزوا في قطار السيرة - الأماكن محدودة | |
|