مواقف أنسانية

مواقف أنسانية



كانت في عمر الزهور

تتنقل كالفراشة بين أروقة الجامعة بخفة ورشاقة..



رغم أنها التحقت بكلية التجارة فرع المحاسبة

إلا أن الأرقام وعمليات المضاربة لم تمنعها من الخوض في عالم الأدب البديع..



حضرت بعض الأصبوحات الشعرية وشاركت في أُخر ومنثم عملت على تنظيم البعض الآخر..



كانت نشيطة تمرست الأدب من أهله..

كتبت بعض الخواطر وصغار القصص ونثرت شيئاً من الشعر الحر..



كل أسبوع يُعقد اجتماع بين الطلبة والطالبات القائمين على تلك الفعالية الأدبية..



تخلف أحدهم عن الحضور في أحد الاجتماعات..

لم تتعود رؤيته قط مفرداً، بل كان أخٌ له يلازمه الذهاب والإياب..



تقدمت للأخ بعض خطوات وكان شيء خفي يدفعها دون أن تعرف ما هو وسألته عن سبب غياب أخيه..



إنه يمر بوعكة صحية رد الأخ على سؤالها، إن أحببت أمليتك رقم هاتفه الجوال..



لا بأس: كم هو الرقم؟

ولكن ألا يزعجه اتصالي؟

لا أرغب في إحراجه أو أكون سبباً في ذلك..!!



لا، لا أظن رد الأخ معقباً، بل ستدخلين على قلبه البهجة والأنس.. أو ربما هكذا أظن..



بعد تردد، واستشارة لصديقتها الحميمة بالاتصال من عدمه، قررت أن تفعل..



وكان الاتصال ذلك بمثابة عود ثقاب، أشعل نار حب توقدت مع تكراره فسكن قلبيهما الصغيرين وغمرهما بالمودة والرحمة واللحمة..



قررا أن يُفَعَّلا ذلك الحب ويجسدانه خارج أسوار الجامعة..



قررا أن ينتقلا بحبهما داخل أسوارهما وأسوارهما الخاصة فقط..



جاء الحبيب وطرق باب بيت من أحب طالباً يدها المباركة من أهلها على سنة الله والرسول محمد ابن عبد الله (ص)..



ولكن لم يكن الطريق سهلاًً أو معبداً بالزهور، بل هناك الكثير من الشوك والأحجار المدببة المؤذية..



قوبل طلبه برفضٍ قاطع، والسبب كان وجيهاً لأم الحبيبة في نظرها..



بكل بساطة كان حبيب ابنتها "كفيفاً"..!!



ولكن،

أعلنت البنت رغبتها قبوله كزوج رغم كل الصيحات المعارضة..



أنا صاحبة القرار، ويجب أن تُحتَرَم إرادتي..

رفعته كشعار ودافعت عنه بكل ما أوتيت من قوة..



فانتهجت سُبُلاًً عِدة لكي تُحقق ما أرادت، منها على سبيل المثال الصمت المطبق والامتناع عن الطعام والتذكير الدائم بأن ذلك الكفيف هو من اختاره قلبها وألفته روحها واختزنه عقلها وهكذا اختارته زوجاً لها بقناعة تامة ..



ومنثم حددت تاريخ زواجها وفعلت رغم رفض كل المحيطين..



واحتفلت بِـ عقد قرانها وسط خليطَ دموع فرحها بتحقيق رغبتها بالزواج مِن مَن اختارت ووجودها في مناسبة لا تحدث إلا مرة يتيمة في العمر بعيداً عن أمها وكل الأهل..!!