عزت الشاعر مدير المنتدى
عدد الرسائل : 2323 العمر : 53 مزاجى : الوظيفة : دعاء : تاريخ التسجيل : 20/06/2009
| موضوع: انهم يفتحون برلين الخميس ديسمبر 10, 2009 11:03 am | |
| يقول بيرم التونسي أربع عساكر جبابرة يفتحوا برلين ساحبين بتاعة حلاوة جاية من شربين شايله على كتفها عيل عينيه وارمين والصاج على مخها يرقص شمال ويمين إيه الحكاية يا بيه؟.. جال خالفت الجوانين اشمعنى مليون حرامى فى البلد سارحين؟ يمزعوا ف الجيوب ويفتحوا الدكاكين أسأل وزير الشئون ولا أكلم مين؟ ******* عين الفنان الحساسة الساخرة التقطت المشهد ورسمته بدقة بالغة، وبالتالى يمكن لأى واحد فينا حتى اليوم أن يرى بائعة الحلاوة القروية التعسة المذعورة التى لا تفهم ما يحدث، وابنها المصاب برمد ُحببيبى لا يكف عن العواء من الذعر.. كل هذا لأنها تبيع حلاوة كعادة أشعار بيرم يمكن بسهولة أن تطبق كل حرف على ما يحدث اليوم تدوى الصيحة: المرافق!.. المرافق!!، يتناقلها الباعة وأحياناً يتطوع بها الزبائن، بنفس المنطق الذى يرعشون به الضوء على الطرق السريعة تقية للرادار. وهكذا يجد البائعون أنهم مطالبون بتحقيق المعجزات.. بشكل ما تختفى مقاعد المقاهى المتراصة على الرصيف، ويحمل باعة الأحذية بضاعتهم عن طريق تحويل البساط الذى يعرضون عليه إلى جوال ويفرون، وتخفى بائعات الخضراوات سلال الطماطم فى بئر العمارة المجاورة، أما محال البقالة فالمعجزة هى إدخال ثلاث ثلاجات مياه غازية إلى داخل المحل فى ثوان.. خلال خمس دقائق يتحول السوق المزدحم المفعم بالحيوية إلى شارع نظيف مفتوح ثم يتقدم المشاة وتظهر الدبابات.. آسف.. أقصد السيارات.. وهى غالباً سيارة مليئة بالباشاوات وخلفها سيارة نقل مليئة بالجنود التعساء سيئى التغذية، يقضون وقتهم فى معاكسة البنات المارات واشتهاء المانجو واللحوم المعلقة عند الجزارين.عامة تتم مصادرة كل شيء، لكن من الممكن أن تسترد السلع المعمرة فقط كالمقاعد والثلاجات، أما السلع المستهلكة القابلة للأكل فلا تعود أبداً، والجنود يستحقونها على كل حال ******* منذ أيام رأيت موقعة مشابهة لدى سوبر ماركت صغير فى شارعنا، وقد رأيت المنظر من بعيد فحسبتهم قد وجدوا مخبأ بن لادن أخيراً، أو أن هناك سيارة مفخخة فى المكان، ثم دنوت فوجدت أن كل هذا من أجل (التندة) التى علقتها البقالة تهنئ الناس برمضان ضوضاء ومحاولات إقناع واتصالات بالمحمول وجهاز اللاسلكي، بينما ينتظر الجنود فى تعاسة ما يأتيهم من رزق بالطبع أزيلت التندة وحمد صاحب البقالة الله على هذا، فبالطبع كان يمكن أن يكون الثمن فادحاً لو تمت مصادرة أجولة قمر الدين والفستق واللوز المتراصة خارج المحل فى هذا الوقت كان باقى الشارع قد تحول إلى شارع فى أوسلو أو فيينا بعدما تم إخفاء كل شيء ******* كل هذا جميل.. قبضة القانون الصارمة تعيد النظام إلى الشارع، وقد تمت إزالة التندة المجرمة التى كانت هى السبب الوحيد الذى يمنعنا من التحول إلى باريس. لكن السؤال الذى يطرح نفسه دوماً هو: لماذا هؤلاء بالذات؟. إشغالات الطريق فى كل مكان وبعضها مستفز جداً، وبعضها صادر شوارع كاملة لصالحه، وبعضها يرغم المارة على المجازفة بحياتهم فى عرض الطريق لأنه ببساطة لم يعد هناك رصيف. برغم هذا لا أحد ينقض على هؤلاء.. والسبب؟.. يتراوح التفسير عند رجل الشارع بين ـ أصلهم مسنودين ـ أصلهم بيأكلوا والتأكيل فى عرف رجل الشارع هو السبيل الوحيد لعمل أى شيء اليوم. فى عصر بيرم التونسى لم تكن فكرة التأكيل قائمة، بل قصيدته كانت عن حماقة الحكومة أو ضعف شأن الفقير، لكن دخول عنصر التأكيل فى القضية يجعلها بالغة التعقيد ******* إن فلسفة الأمن شيء يشبه فقه الأولويات: الغرض من الأمن هو -عدم المؤاخذة- أن يسود الأمن.. هناك مخالفات مرور صارخة طيلة اليوم ومعظمها قاتل، حتى لتندهش لأننا نشهد هذاالمعدل المنخفض من الحوادث.. منخفض بالنسبة لكل هذه الفوضى، وبرغم هذا يصير عدم ارتداء الحزام جريمة أمن دولة تقريبا.. ولسوف تكتشف أن الطريق السريع أو أهم شارع فى مدينتك متوقف مختنق فى وقت الذروة، وعندما تقترب تجد أن سبب الاختناق لجنة من طراز: اركن على جنب، والأسباب واهية غالبا بين عدم ارتداء الحزام أو تثبيت دعامة أو الزجاج الفيميه.. إلخ، فهل هذه هى المشكلة فعلاً؟ لو كان المرور حريصا على سلامة الناس وتدفق المرور حقاً لخرج الرادار من سباته العميق ليعمل ليلاً، لكن الرادار موظف مسن مرهق يعود لداره عصرًا حاملاً بطيخة، بينما يجن جنون سائقى البيجو والميكروباص. فى الليل يسهل أن تجد السائق المسجل خطر والذى لا يحمل رخصا والذى يخالف كل قانون عرفته البشرية منذ حمورابي. إذن فلسفة الأمن هنا ليست حماية المواطن ولكنها الجباية أولاً وإثبات سلطة الدولة ثانيا. فلسفة (يا روح أمك) الشهيرة التى لم تزد المجتمع أمنا ******* هل الشوارع آمنة فعلاً؟.. بالطبع لا عندما يوقف أربعة من الشباب سياراتهم فى عرض الطريق ليتبادلوا المزاح البذيء فأنت تعرف أن الأمر ليس على ما يرام.. تعرف أن السطو المسلح قد صار ظاهرة حتى صار له اسم تدليل هو: التثبيت، وخطف الفتيات وسرقة حقائبهن وسلاسلهن.. وسرقة السيارات والمخدرات منذ شهر وجدت فتيين لا يتجاوز عمرهما المدرسة الإعدادية يجلسان على الرصيف ويتبادلان الحقن الوريدى بسرنجة أعتقد أننى خمنت محتواها. زجاجات التوسيفان فى كل مكان. النصابون تحت كل حجر.. المشكلة الأسوأ أنه لا توجد طرق فى طنطا فعلاً.. إنها عزبة تحتاج إلى دبابة للمشى فيها، وقد حققت المعادلة العبقرية: السير مستحيل للسيارات ومستحيل للمشاة، بينما كان من المنطقى أن يفوز أحد الطرفين بالكعكة.. كلاهما يخسر ******* برغم هذا تظل المشكلة الوحيدة هى التندة التى علقها محل البقالة.. هى بائعة الحلاوة البائسة وطفلها المصاب بورم حبيبي.. ولا داعى أن نطيل الكلام أكثر لأننا فى أيام مفترجة وكل عام وأنت بخير *******
| |
|