بشير الكسجي عضو نشيط
عدد الرسائل : 52 العمر : 59 الموقع : http://dawataltajdeed.wordpress.com/ مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : تاريخ التسجيل : 21/10/2009
| موضوع: وقفة مع هدي القرآن الكريم الثلاثاء ديسمبر 01, 2009 10:36 pm | |
| وقفة مع هدي القرآن الكريم بسم الله الرحمن الرحيم (إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشّر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أنّ لهم أجراً كبيرا ) الإسراء 9 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد : فإنني أرى وترون معي يا أمّة الإسلام حال المسلمين هذه الأيام ، وقد جعلهم الله أحاديث يتلهّى بها العالم أجمع ، ومزّقهم كل ممزّق في أرض أمّة الإسلام التي طالما انطلقت منها جحافل الجيوش الجرّارة حاملة رايات الجهاد لنشر دين الله في بقاع الأرض على مرّ العصور الإسلامية 0 وقد صار لزاما علينا نحن المسلمين الآن أكثر من أيّ وقت مضى من وقفة المراجعة للذات ومحاسبة النفس في مواجهة الحقيقة ولبّ المشكلة وأساس الدّاء ، ووقفة الإنابة إلى الله العلّي القدير نخرّ له سجّدا وبكيّا ، مستغفرين تائبين ، مستمسكين بالعُروة الوُثقى وحبل الله المتين ” القرآن الكريم ” ، ننهل من هديه القويم ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين . وبعد : فهذه وقفة مع هدي القرآن الكريم المبدوء بسورة الفاتحه والمختوم بسورة الناس ، وقد فتح الله عليّ من هديه القويم في تدبّر آيه الحكيم أنّ الناس منقسمون إلى ثلاثة أصناف ، أولاها : المؤمنون المهتدون إلى الصراط المستقيم ، وثانيها : الكفار المغضوب عليهم ، وثالثها : المنافقون الضالون ، فذلك قوله تعالى في سورة الفاتحة : ﴿ اهدنا الصّراط المستقيم * صِراط الذين أنعمتَ عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضّالين ﴾ الفاتحة 6، 7 بهذه الخواتم - وما قبلها - من فاتحة الكتاب بدأ الله كتابه العزيز وثنّى عليها في البيان والتعزيز بالفواتح من سورة البقرة ، ذلك أن القرآن يفسّر بعضه بعضا ، وأن الله تعالى يقول : ﴿ ونزّلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهُدى ورحمة وبشرى للمسلمين ﴾ النحل 89 ﴿ ولقد جئناهم بكتاب فصّلناه على علم هُدى ورحمة لقوم يؤمنون ﴾ الأعراف 52 ﴿ وأنزلنا إليك الذّكر لتبيّن للناس ما نُزِّل اليهم ولعلهم يتفكّرون ﴾ النحل 44 ( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصّدور وهُدى ورحمة للمؤمنين ﴾ يونس 57 ( ولو جعلناه قرآنا أعجميّا لقالوا لولا فُصّلت آياته أعجميّ وعربيّ قل هو للذين آمنوا هُدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك يُنادَون من مكان بعيد ﴾ فصّلت44 ﴿ ونُنزِّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ﴾ الإسراء 82 ﴿ إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويُبشّر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا ﴾ الإسراء 9 ﴿ وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتّبعوه واتّقوا لعلكم تُرحمون﴾ الأنعام 155 ﴿ كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبّروا آياته وليتذكّر أولوا الألباب ﴾ ص 29 ﴿ أفلا يَتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها ﴾ محمد 24 فكانت الآيات الخمس الأوائل من سورة البقرة في وصف المؤمنين المهتدين إلى الصراط المستقيم ، وكانت الآيتان السادسة والسابعة منها في وصف الكفار المغضوب عليهم ، وكانت الآيات التي تلتها من بداية الثامنة حتى نهاية العشرين منها في وصف المنافقين الضالين ، فهاكم النص القرآني : ﴿ الم ¤ ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ¤ الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ¤ والذين يؤمنون بما أنزل اليك وما أُنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون ¤ أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون ¤ إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ¤ ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم ¤ ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين ¤ يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ¤ في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون ¤ وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ¤ ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ¤ وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون ¤ وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلَوا إلى شياطينهم قالو إنا معكم إنما نحن مستهزؤون ¤ الله يستهزىء بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون ¤ أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ¤ مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون ¤ صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يرجعون ¤ أو كصيّب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين ¤ يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير ﴾ البقرة 1-20 وهذا الوصف لهذه الأصناف الثلاثة من الناس مع إجراء المقارنات والمفاضلات بينها سواءا في الحياة الدنيا أو في الآخرة مع بيان طبيعة علاقة كل منها بالآخَر سواءا في الحياة الدنيا أو في الآخرة ، أقول : هذا الوصف يتكرّر في القرآن الكريم حتى إذا ما استثنينا بعض قصار السّور لا تكاد سورة منه تخلوا من هذا الوصف لهذه الأصناف الثلاثة من الناس - راجع القرآن الكريم - ذلك فضلا عن أن الله سبحانه وتعالى اختصّ من سور قرآنه الكريم ثلاث سور يحمل كل منها إسم صنف من هذه الأصناف الثلاثة من الناس ، وهذه السّور القرآنية هي : سورة المؤمنون وسورة المنافقون وسورة الكافرون 0 والله يقول الحق وهو يهدي السبيل إذ يقول في محكم التنزيل : ( أفلا يتدبّرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) النساء 82 ( ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم ) الحجر 87 - السبع المثاني هي ” الفاتحه ” أعظم سورة في القرآن بنصّ الحديث الشريف - ( الله نزّل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثانيَ تقشعر منه جلود الذين يخشَون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد ) الزمر 23 ومن الجدير بالذكر أن هذا التقسيم للناس في القرآن الكريم إلى هذه الأصناف الثلاثة ، إنما هو متعلق بالناس كافة منذ بعثة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة . أمّا التقسيم المذكور للناس في النص القرآني : ( ثمّ أورثنا الكتاب الذين اصطفَينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير ) فاطر 32 ، فانما هو خاص بالأًمّة الإسلامية من دون الناس سواء أكان خاصّاً بالأمّة كلها في جميع الأزمنة والعصور منذ بعثته صلى الله عليه وسلم إلى يوم الدين ، فمنهم الظالم لنفسه كما هو حال الأمّة في عصرها الحالي ، ومنهم المقتصد كما كان حال الأمّة فيما سلف من العصور الإسلامية - على وجه العموم - ، ومنهم السابق بالخيرات بإذن الله كما كان حال الأمّة في زمن بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين المهديين من بعده ، مع الإشارة إلى أن هذا هو المعنى المجازي من فهم نصّ الآية . أم كان هذا التقسيم خاصّاً بسائر المسلمين في كل زمان ومكان وفي كل عصر من العصور منذ البعثة إلى يوم الدين ، فمنهم الظالم لنفسه ومنهم المقتصد ومنهم السّابق بالخيرات بإذن الله ، وهذا هو المعنى الحقيقي من فهم نصّ الآية . وأمّا التقسيم المذكور للناس في سورة الواقعة : ( وكنتم أزواجا ُ ثلاثة * فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة * وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة * والسّابقون السّابقون * أولئك المقرّبون ) الواقعة 7 – 11 ، فإنما هو تقسيم للناس كافة منذ أن خلق الله آدم عليه السلام إلى أن يرث الله الأرض وما عليها ، فيدخل في هذا التقسيم للناس سائر المسلمين في كل زمان ومكان وفي كل عصر من العصور منذ البعثة إلى يوم الدين ، على أن هذا التقسيم للناس إنما يحصل يوم القيامة أي عند الجزاء والحساب من الله سبحانه وتعالى لسائر العباد . ومن الجدير بالذّكر كذلك أن ما ذكر في تفاسير القرآن الكريم – قديمها وحديثها – في معرض تفسير سورة الفاتحة من تقسيم للفئات المذكورة من الناس في الآيتين الأخيرتين منها على أنها الإسلام واليهودية والنصرانية ، فالصراط المستقيم هو الإسلام ، والذين أنعم الله عليهم هم المسلمون ، والمغضوب عليهم هم اليهود ، والضالون هم النصارى ، أو على نحو ذلك ممّا ورد في مختلف هذه التفاسير - قديمها وحديثها - أقول : أن هذا الذي ذكر إنما هو تفسير شكلي ظاهري لمدلول النص في هاتين الآيتين العظيمتين ، ولعلّ الذي لبس الأمر على هؤلاء المفسّرين سواءً المجتهدين منهم أو المقلدين هي ثلاثة أمور أوّلها : أن سورة الفاتحة مكيّة ، ممّا صرف أذهانهم عن فئة المنافقين في المدينة من أن تكون إحدى هذه الفئات الثلاث . والأمر الثاني : هو النصوص القرآنية التي نزلت بحق اليهود ، والتي فُهم منها صراحةً أن فئة المغضوب عليهم هم اليهود . وأما الأمر الثالث : فهو النص القرآني الآتي : ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونُنّ أهدى من إحدى الأُمم فلمّا جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا ) فاطر 42 ، وأن هذا النص القرآني نزل بحق كفار مكة ، ولم يكن موجوداً في العالم آنذاك ممّن تبَقّى من الأمم الماضية التي لديها كتاب إلاّ اليهود والنصارى ، ممّا حصر فئتيّ المغضوب عليهم والضالين في اليهود والنصارى . وبإمعان النظر في الأمر الأول نجد أنه قد حصر فهم النص القرآني في الآيتين الأخيرتين من سورة الفاتحة في الواقع المخصوص الذي كان موجوداً وقت النزول وهو الواقع المكي ، وكما هو معلوم أن القرآن الكريم نزل منجّماً منذ بدء بعثته صلى الله عليه وسلم إلى أن التحق بالرفيق الأعلى ، فلا يُتصور بعد إكتمال نزول القرآن وإكمال الدين أن تُفسّر النصوص القرآنية باعتبار أسباب النزول والفترة التي نزل بها النص إن كانت مكية أو مدنية على سبيل الحصر فلا يتعدّاه إلى ما سوى ذلك من النصوص ذات الصّلة بموضوع النص في القرآن كله ، فتمّ من جرّاء ذلك إدخال المنافقين في الصنف الأول من الناس أي في صراط الذين أنعم الله عليهم ، وهذا مُحال قولاً واحداً ممّا يُفهم صراحةً من كتاب الله جملةً وتفصيلا . على أن النص القرآني في ذكر هذه الأصناف الثلاثة من الناس في سورة الفاتحة إنما هو وصف مُفهِم من صيغ العموم يندرج تحته كل من ينطبق عليه هذا الوصف من الناس ، ممّا يُخرج المنافقين من أن يكونوا على الصراط المستقيم أي صراط الذين أنعم الله عليهم وهم المؤمنون المهتدون إلى هذا الصراط ، وذلك ما يُفهم صراحةً من كتاب الله جملةً وتفصيلا 0 ويؤيّد ذلك قول الله تعالى : ( ألَم ترَ إلى الذين تولّوا قومًا غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون ) المجادلة 14 ، فهذه الآية نزلت في المنافقين لتقرّر أنهم ليسوا من المؤمنين ولا من الكفار 0 بل هم يندرجون تحت وصف الصنف الثالث من الناس المذكور في سورة الفاتحة وهم الضالون باعتبار واقع حالهم الذي يُفهم من جملة دين الله كتاباً وسُنّةً باستقراء نصوصهما وما دلّت عليه ألفاظها وسياقها ونسَقها العام 0 أما الأمر الثاني : وهو النصوص القرآنية التي فُهم منها صراحةً أن المغضوب عليهم هم اليهود ، فقد حصل إلتباس في الفهم وعدم التفريق بين غضب الله المتعلق باليهود وهو خاص بهم دون غيرهم ، وبين غضب الله الذي هو وصف عام يندرج تحته كل النصوص القرآنية المتعلقة به 0 وأما الأمر الثالث : وهو النص القرآني الذي نزل في كفار مكة ، وفُهم منه حصر فئتيّ المغضوب عليهم والضالين في اليهود والنصارى 0 فإن الذي يُفهم من هذا النص القرآني هو إدخال كفار مكة - قبل الفتح ودخولهم في الإسلام - في الصنف الثاني من الناس المذكور في سورة الفاتحة وهم المغضوب عليهم باعتباره وصفاً يندرج تحته كل الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم أي بنبوته والقرآن الذي أنزله الله عليه ودين الإسلام الذي جاء به من عند الله ، وبالتالي يندرج تحت هذا الوصف العام أي المغضوب عليهم اليهود والنصارى وغيرهم من الناس الذين كفروا بدين الإسلام ولم يدخلوا فيه منذ بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يوم الدين ، وهذا ثابت بنصوص القرآن القطعيّة الثبوت والدلالة0 ومن ذلك كله يتبيّن خطأ ما ذُكر في تفاسير القرآن الكريم – قديمها وحديثها – في معرض تفسير الآيتين الأخيرتين من سورة الفاتحة ، بأن الصراط المستقيم هو الإسلام ، والذين أنعم الله عليهم هم المسلمون ، والمغضوب عليهم هم اليهود ، والضالون هم النصارى ، أو على نحو ذلك ممّا ورد فيها 0 والصحيح في تفسير هاتين الآيتين العظيمتين من سورة الفاتحة هو : أنّ الصراط المستقيم هو الإيمان بـ ” لا إله إلاّ الله ” باعتباره الأساس العقدي المتين الذي قام عليه دين الإسلام الحنيف وشريعة الإسلام الغرّاء ، وهذا وحده هو صراط الذين أنعم الله عليهم بأن هداهم إليه وهم المؤمنون المهتدون إلى هذا الصراط المستقيم ، غير صراط الكفار المغضوب عليهم بإعراضهم عن الدخول في دين الإسلام الحنيف والإنضواء تحت لواء شريعته الغرّاء ، ولا صراط المنافقين الضالين عن هذا الصراط المستقيم بإعراضهم عن الإيمان بـ ” لا إله إلاّ الله ” رغم دخولهم في دين الإسلام الحنيف وانضوائهم تحت لواء شريعته الغرّاء 0 ومن أصدق من الله قيلاً ؟! إذ يقول سبحانه وهو أصدق القائلين : ( وأنّ هذا صراطي مستقيماً فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبُل فتَفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلكم تتّقون ) الأنعام 153 هذا ، وقد ضرب الله لنا الأمثال في كتابه العظيم على كلّ صنف من هذه الأصناف الثلاثة من الناس ، ومن ذلك قوله تعالى في محكم التنزيل : ( أوَ مَن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زُيّن للكافرين ما كانوا يعملون ) الأنعام 122 ( يا أيّها الذين آمنوا لا تتوَلّوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور) الممتحنة 13 ( مذَبذَبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يُضلل الله فلن تجد له سبيلا ) النساء 143 ( إنّما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهُم في رَيبهم يتردّدون ) التوبة 45 ( ألَم ترَ إلى الذين توَلّوا قوماً غضب الله عليهم ما هم منكم ولامنهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون ) المجادلة 14 وبعد : فإن الله يقول في محكم تنزيله عزّ من قائل : ( قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم * إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون * قل أتعلّمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم * يمنّون عليك أن أسلموا قل لا تمنّوا عليّ إسلامكم بل الله يمنّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين * إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون ) الحجرات 14 – 18 فبهذه الخواتم من سورة الحُجُرات فرّق الله بين الحق والباطل تفريقا بيّنا فيه استبان الضلال من الهُدى ، إذ فرّق الله فيها بين طائفتين من الناس كلاهما تدّعي أنها على الإيمان والحق والهدى لمجرد كونهما اجتمعتا في أمّّة واحدة جعل الله لها شرعة واحدة ومنهاجا واحدا ومنسكا هم ناسكوه ، مصداقاً لقوله تعالى : ( لكلٍّ جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) المائدة 48 ، وقوله تعالى : ( لكلّ أمّة جعلنا منسكا هم ناسكوه ) الحج 67 فكان ذلك تفريقا من الله سبحانه وتعالى بين الإيمان والنفاق في دين الإسلام ، فالإيمان إنما هو الإيمان بالغيب في القلب وهو لا يتأتّى إلاّ للمؤمنين المهتدين إلى الصراط المستقيم من المسلمين ، أما النفاق فإنما هو إسلام الجوارح غير المنبثق عن الإيمان بالغيب في القلب وإن صاحب ذلك إدّعاء الإيمان بالغيب باللسان وهو ما عليه المنافقون الضالون من المسلمين 0 ( يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنّا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ) المائدة 41 وإسلام الجوارح هذا لدى المنافقين إنما هو جزء من الإسلام الكامل لله تعالى ، والذي يتضمّن إيمان القلب بالغيب وهداية العقل للآخرة بالإضافة إلى إسلام الجوارح فهذا الذي يحقق الهداية إلى الصراط المستقيم ، ألا وهو الإسلام الكامل لله تعالى ، بمعنى الإنقياد التام والخضوع المطلق له وحده سبحانه وتعالى ( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم * ربنا واجعلنا مسلمَين لك ومن ذريتنا أمّة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم * ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم * ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين * إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ) البقرة 127 – 131 ( فمن يُرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يُرد أن يضلّه يجعل صدره ضيّقا حرجا كأنما يصّعّد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ) الأنعام 125 ( إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب * فإن حاجّوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتّبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأميّين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولّوا فانما عليك البلاغ والله بصير بالعباد ) آل عمران 19 ، 20 ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) آل عمران 85 ( بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) البقرة 112 ( ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتّبع ملة إبراهيم حنيفا واتّخذ الله إبراهيم خليلا ) النساء 125 ( ومن يُسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور ) لقمان 22 ( وما أنت بهاد العُمي عن ضلالتهم إن تُسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون ) الروم 53 ( إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم * أفنجعل المسلمين كالمجرمين * مالكم كيف تحكمون ) القلم 34 – 36 وبعد ، فقد كان الكثير من المسلمين على مرّ العصور الإسلامية ، وكذلك الغالبية العظمى من المسلمين هذه الأيام ، يظنون أن الخوض في مسألة النفاق هذه من المحظورات في الإسلام ، وأنه لا يجوز الإقتراب منها البتّة ( وما لهم به من علم إن يتّبعون إلا الظن وإن الظن لا يُغني من الحق شيئا ) النجم 28 ذلك أنّ القرآن الكريم والسُنّة النبوية الشريفة والسيرة النبوية العطرة وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديين وحياة الصحابة الكرام ، كلها تنطق بما لا يدع مجالا للشك بخطورة هذه المسألة أي النفاق على الفرد والأمّة معاً ، مما يحتّّم ضرورة الخوض فيها وكشفها على الملأ 0 فهذا أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – وهو صاحب المكانة المرموقة في الإسلام بعد النبي المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم ، وصاحب الإيمان الذي يكفي أهل الأرض جميعا ، كان دوما يمسك قلبه بيمينه ويجأر بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك ) خوفا على قلبه أن يزيغ عن الحق والهدى ، ويقول وهو يبكي : ( يا ليتني كنتُ شجرة تُعضد ) ، فاذا ذُكّر بمقامه عند الله أجاب : ( والله لا آمن لمكر الله ولو كانت إحدى قدميّ في الجنة ) 0 ذلك أن المؤمن المهتدي إلى الصراط المستقيم يدرك إيمانه ويخاف نفاقه فهو دائم الهروب من النفاق إلى الإيمان ، وأما المنافق الضّال عن الصراط المستقيم فلا يدرك نفاقه فتغرّه أعماله ويظن أنه مؤمن فهو دائم الهروب من الإيمان إلى النفاق 0 يقول الله تعالى في حق المؤمنين المهتدين : ( والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجِلة أنهم إلى ربهم راجعون ) المؤمنون 60 ، ويقول سبحانه في حق المنافقين الضالين : ( يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون ) المجادلة 18 * * * ( وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم * كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون * ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبيّنات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون * والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهَون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم * وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيّبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم ) التوبة 68 – 72 ( ليُدخل المؤمنين والمؤمنات جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفّر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما * ويعذّب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانّين بالله ظنّ السّوء عليهم دائرة السّوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعدّ لهم جهنّم وساءت مصيرا ) الفتح 5 ، 6 ( إنّا عرضنا الأمانة على السّماوات والأرض والجبال فأبَين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنّه كان ظلوماً جهولا * ليعذّب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفوراً رحيما ) الأحزاب 72 ، 73 ( وإنّي لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثمّ اهتدى ) طــه 82 الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله * * * فائدة في الموضوع : * سورة ” الفاتحة ” : ” فاتحة الكتاب “ هي أعظم سورة في القرآن ، وهي ” أمّ الكتاب ” ولا تصحّ الصلاة إلاّ بها ، وقد تضمّنت ثلاثة معاني عظيمة في أوّلها وأوسطها وآخرها - التوحيد في العقيدة والإخلاص في العبادة والهداية إلى الصراط المستقيم - فكانت بمثابة العنوان للإيمان بـ ” لا إله إلاّ الله ” وللقرآن الكريم وللصلاة ولدين الإسلام برُمّته 0 * حول تفسير الآيتين [ 6 ، 7 ] من سورة ” الفاتحة ” : ورد في العديد من الأحاديث النبوية الصحيحة المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حول هاتين الآيتين ما يُفيد أنّ المغضوب عليهم هم اليهود والضالين هم النصارى – وهو ما جاءت به نصوص صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية الشريفة – والذي أفهمه من هذه النصوص إنما هو متعلق باليهود والنصارى في أديانهم قبل الإسلام وبعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، فاليهود مغضوب عليهم في دينهم قبل الإسلام ، والنصارى ضالون في دينهم قبل الإسلام ، وهذا المعنى ثابت بنصوص القرآن القطعية في حق اليهود بأنهم مغضوب عليهم في دينهم قبل الإسلام مثل قوله تعالى : ( قل هل أنبّئكم بشرّ من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبَد الطاغوت أولئك شرّ مكاناً وأضلّ عن سواء السبيل ) المائدة 60 ، وكذلك في حق النصارى بأنهم ضالون في دينهم قبل الإسلام مثل قوله تعالى : ( قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتّبعوا أهواء قوم قد ضلّوا من قبل وأضلّوا كثيراً وضلّوا عن سواء السبيل ) المائدة 77 وهذا المعنى خاص باليهود والنصارى بالنسبة لأديانهم قبل الإسلام وبعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كما سبق أن ذكرت ، والنصوص النبوية الشريفة جاءت مؤكّدة لهذا المعنى ، ولكن بالنسبة لأديانهم فقط قبل الإسلام 0 أمّا الفهم الذي تقدّمتُ به في موضوعي أنّ المغضوب عليهم هم الكفار بشكل عام وأنّ الضالين هم المنافقون فإنما هو متعلق بفئتين من ثلاث فئات من الناس ذكرها القرآن الكريم جملةً وتفصيلاً بالنسبة لدين الإسلام منذ بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة ، وهم الكفار بشكل عام الذين كفروا بدين الإسلام ولم يدخلوا فيه أصلاً وهؤلاء هم المغضوب عليهم ، والمنافقون الذين دخلوا في الإسلام ولكنّهم لم يؤمنوا به وهؤلاء هم الضالون 0 لذلك فإنّ الفهم الذي تقدّمتُ به في موضوعي حول تفسير قوله تعالى في الآية السابعة من سورة الفاتحة ” غير المغضوب عليهم ولا الضالين ” لا يتعارض مُطلقاً مع المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنّته النبوية الشريفة كما سبق أن بيّنت ، فكلٌّ يُحمل على موضوعه المتعلق به 0 وهذا كلّه من قبيل الجمع بين النص القرآني وبين المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعملاً بقاعدة : ” الإعمال أولى من الإهمال ” و ” الجمع بين النصَّين أولى من إسقاط أحدهما ” والله أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب 0 * * * والحمد لله ربّ العالمين
عدل سابقا من قبل بشير الكسجي في الخميس مايو 31, 2012 6:45 am عدل 7 مرات | |
|
بشير الكسجي عضو نشيط
عدد الرسائل : 52 العمر : 59 الموقع : http://dawataltajdeed.wordpress.com/ مزاجى : الوظيفة : الهوايه المفضله : تاريخ التسجيل : 21/10/2009
| موضوع: رد: وقفة مع هدي القرآن الكريم الأربعاء ديسمبر 02, 2009 1:17 pm | |
| دعوة للنقاش إخواني 00 أخواتي
" فاتحة الكتاب " هي أعظم سورة في القرآن ، وهي " أم الكتاب " ولا تصح الصلاة الاّ بها ، وقد تضمنت ثلاثة معاني عظيمة في أولها وأوسطها وآخرها - التوحيد في العقيدة والاخلاص في العبادة والهداية الى الصراط المستقيم - فكانت بمثابة العنوان للايمان بـ " لا اله الا الله " وللقرآن الكريم وللصلاة ولدين الاسلام برُمّته 0 فهل هذا الفهم الذي تقدم بيانه لأواخر " سورة الفاتحة " والموضوع كاملاً - أخي الكريم 00 أختي الكريمة - يجعلك أكثر فهماً للقرآن الكريم وأكثر تدبراً لمعانيه العظيمة وعبره الجليلة وأكثر خشوعاً في تلاوته ، ويجعلك أكثر خشوعاً في الصلاة ، ويجعلك أكثر فهماً للاسلام برُمّته ؟ ! أم أن الأمر ليس كذلك ؟ ! أرجوا المناقشة في الموضوع 00 راجياً منكم توخي الدقة في التحقيق ، والله ولي التوفيق وهو نعم المولى والرفيق 0
| |
|