اليوم سنبتعد عن الرومانسية وننزل الى ارض الواقع لاروى لكم قصة لم اكن طرف فيها ولكنى شاهدت الاحداث بعينى وسأحاول تجنيد كل الحصيلة اللغوية التى املكها لوصف ملامح ومشاعر هذه المرأة المكلومة ولكنى اشك فى أننى سأستطيع لأن ما رأيته تعجز جميع الفاظ ومعانى الحزن عن وصفه وهذا ما حدث
كنا عائدون من بورسعيد نسير فى الطريق الدولى الذى يربط اسكندرية بورس سعيد هذا الطريق ليس به خدمات طريق فقير فى كل شىء الا السرعة العالية جدا ؛ الشمس ساطعة فنحن فى الصيف السائق يسير بسرعة مائة كيلو فى الساعة لا يزيد ولا ينقص والطريق حريرى وكلنا فى صمت رهيباوفجاة حدث ما يلى
على بعد حوالى كيلو انتبهت لمجموعة من الناس يركنون سياراتهم ويتجمعون حول شىء ما؛ عندما وصلنا اليهم توقف السائق ونزلنا جميعا لنرى ما يحدث؛ سيارة حديثة انقلبت ثلاث مرات واستقرت بوضع كأن شيئا لم يحدث و رجل يلطم خديه ويضع راسه على سقف السيارة المنكوبة يوجه لنفسه اقسى كلمات العتاب والتانيب بسبب سرعته الزائدة هذا هو الاب و طفلين تقريبا اعمارهم تتراوح بين الثامنة والعاشرة مذهولين مما حدث وتنهمر الدموع من عيونهما ؛امرأة جالسة (الام)على الارض بين يديها طفلة جميله فى الخامسة من العمر ارتطمت راسها بسقف السيارة اثناء الانقلاب تنزف راس البنت ولكن قلبها ما زال ينبض؛ كل الموجودين يخرجون الموبيل يتصلون بالاسعاف ولكن هيهات فاقل مدة ممكن ان تصل فيها حوالى ساعة ؛ لم يلفت انتباهى سوى عيون هذه الام المكلومة فهى لا تبكى ولا تولول ولا تلطم الخدود ولكن قسمات وجهها ونظراتها قمة الحزن والاسى تحتضن البنت الصغيرة وتنظر الى السماء تدعو ربها ثم تنظر الى الاب ولا تتكلم يظل الجرح ينزف وكلنا عاجزون عن فعل اى شىء ويظل ينزف وينزف وقلب الام ينزف معه الى ان سكن الجسد الرقيق واسلمت الطفة روحها الى بارئها كلنا نجهش فى البكاء الا الأم تحتضن ابنتها وتدعو لها وتنظر الى السماء وتدعو ونحن نردد وراءها الدعاء؛ اسلوب جديد للتعبير عن الحزن فهى لا تبكى بل تدعو لابنتها التى بين يديها جثة هامدة ربما تدعو ولا تبكى من هول الصدمة وربما من شدة الايمان وربما من الاثنين معا ؛نظرات هذه الام لن انساها طيلة حياتى طريقة تعبيرها عن الحزن تعادل البكاء والعويل الاف المرات بالرغم من صمتها ؛انتظرنا حوالى نصف ساعة مع الاسرة المكلومة نواسيهم ونشاركهم الاحزان ثم جاءت سيارة الاسعاف حملت الجسد الرقيق وما زالت الام تدعو لطفلتها؛ قمة الايمان قمة الحزن
آسف على سردى لهذه القصة الحزينة التى كلما تذكرتها ابكى واعتقد ان من سيقراها سوف يبكى بالرغم من انى لم استطع وصف حزن الام بدقة شديدة فما راته عينى يعجز قلمى عن وصفه ؛اسف للمرة الثانية المرة القادمة ان شاء الله ساحكى قصة بعيدة عن الحزن اليوم سردتها لكم ربما لاننى كنت اريد البكاء