الحمد لله رب العالمين له النعمة و له الفضل و له الثناء الحسن، صلوات الله البر الرحيم و الملائكة المقربين على سيدنا محمد سيد المرسلين و على جميع إخوانه من النبيين و المرسلين و ءال كل و صحب كل أجمعين.
أخلاق النبي العظيمة
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خُلقاً وأكرمهم وأتقاهم،
عن أنس - رضي الله عنه - قال
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا )
وعن صفية بنت حيي - رضي الله عنها - قالت
( ما رأيت أحدا أحسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه وسلم )-
قال - تعالى - مادحاً وواصفاً خُلق نبيه الكريم - صلى الله عليه وسلم -
((وَإِنّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ)) [القلم : 4]
قالت عائشة لما سئلت - رضي الله عنها - عن خلق النبي - عليه الصلاة والسلام -،
قالت: (كان خلقه القرآن ) صحيح الجامع .
فهذه الكلمة العظيمة من عائشة - رضي الله عنها - ترشدنا إلى أن أخلاقه - عليه الصلاة والسلام - هي اتباع القرآن، وهي الاستقامة على ما في القرآن من أوامر ونواهي، وهي التخلق بالأخلاق التي مدحها القرآن العظيم وأثنى على أهلها والبعد عن كل خلق ذمه القرآن.
قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره
ومعنى هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - صار امتثال القرآن أمراً ونهياً سجيةً له وخلقاً....فمهما أمره القرآن فعله ومهما نهاه عنه تركه، هذا ما جبله الله عليه من الخُلق العظيم من الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم وكل خُلقٍ جميل. أ. هـ
عن عطاء - رضي الله عنه –قال: [ لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت أخبرني عن صفة الرسول صلى الله عليه وسلم في التوراة قال فقال أجل والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن { يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا } وحرزا للأميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ولن يقبضه الله تعالى حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله ويفتحوا بها أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا ]
- رواه البخاري
ما المقصود بحُسن الخلق؟
عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (( البر حسن الخلق ... ))
صحيح الجامع
قال الشيخ ابن عثيمين في شرح الحديث السابع والعشرون في الأربعين النووية: حسن الخلق أي حسن الخلق مع الله، وحسن الخلق مع عباد الله، فأما حسن الخلق مع الله فان تتلقي أحكامه الشرعية بالرضا والتسليم، وأن لا يكون في نفسك حرج منها ولا تضيق بها ذرعا، فإذا أمرك الله بالصلاة والزكاة والصيام وغيرها فإنك تقابل هذا بصدر منشرح.
أما حسن الخلق مع الناس فقد سبق أنه: كف الأذى
والصبر على الأذى، وطلاقة الوجه وغيره.
على الرغم من حُسن خلقه حيث كان يدعو الله بأن يحسّن أخلاقه ويتعوذ من سوء الأخلاق - عليه الصلاة والسلام -.
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم كما أحسنت خلقي فأحسن خلقي ) -
أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أهله:
كان صلى الله خير الناس وخيرهم لأهله وخيرهم لأمته من طيب كلامه وحُسن معاشرة زوجته بالإكرام والاحترام،
حيث قال - عليه الصلاة والسلام -:
(( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )) صحيح ابن ماجه.
وكان من كريم أخلاقه - صلى الله عليه وسلم - في تعامله مع أهله وزوجه أنه كان يُحسن إليهم ويرأف بهم ويتلطّف إليهم ويتودّد إليهم، فكان يمازح أهله ويلاطفهم ويداعبهم، وكان من شأنه - صلى الله عليه وسلم - أن يرقّق اسم عائشة ـ - رضي الله عنها - ـ
كأن يقول لها: (يا عائش)، ويقول لها: (يا حميراء) ويُكرمها بأن يناديها باسم أبيها بأن يقول لها: (يا ابنة الصديق) وما ذلك إلا تودداً وتقرباً وتلطفاً إليها واحتراماً وتقديراً لأهلها.
كان يعين أهله ويساعدهم في أمورهم ويكون في حاجتهم، (كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ، أبادره ويبادرني ، حتى يقول : دعي لي وأقول أنا : دع لي )،
صحيح النسائي .