* أحمد أبو زيد
امرأة معقدة امتلأ قلبها وعقلها منذ طفولتها بالكثير من العقد النفسية والاجتماعية، بعد أن نشأت وترعرعت في بيئة شاذة غير سوية، فرأت أبا أو زوج أمّ متسلط على أمها يسيء معاملتها ويهينها ويقسو عليها ويستعبدها، فظنت، وبعض الظن إثم، أن هذا هو الإسلام، وأن هذا هو وضع المرأة فيه ، وأن تلك السلوكيات غير السوية لأبيها أو زوج أمها، إنما هي من تعاليم الإسلام وآدابه.
ورغم أن هذه المرأة قد بلغت مبلغا من العلم ، لم تحاول أن تتعرف على الإسلام من مصادره الصحيحة، ولم تحاول أن تتعرف على وضع المرأة الحقيقي في هذا الدين، وكيف كرمها الإسلام وصانها ورفع منزلتها ودرجاتها، ومنحها مكانة لم تصل اليها في أي دين من الديانات أو أي حضارة من الحضارات.
كما لم تحاول أن تقرأ عن سيرة الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، وموقفه من المرأة طفلة وفتاة وزوجة وأمة وجدة وعمة وخالة، وكيف أنه كرمها وأحسن إليها وأوصى بها حتى وهو على فراش الموت حين قال: "أوصيكم بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم، لا تكلفوهن ما لا يطقن"، والرسول هو القدوة لكل رجال الإسلام، ومن شذ عن هديه وسنته مع النساء، فقد خالف وانحرف عن الصواب.
المهم أن هذه المرأة التي بلغت من الكبر عتيا، أرادت أن تحقق لنفسها شهرة واسعة، فلم تجد لذلك وسيلة إلا الطعن في الدين، وهو نفس الطريق الذي سلكه قبلها سلمان رشدي وتسليمه نسرين وفرج فودة ونصر أبوزيد وعلاء حامد، فكلهم دخلوا خندقا واحد، بعد أن أصبح الطعن في الدين الوسيلة الأسرع للشهرة في هذا العصر الذي كثر فيه المرجفون الذين يحملون أسماء إسلامية ويعيشون بيننا ويحاربون ديننا وعقيدتنا. ولم تكتف بالكتب التي نشرتها باللغة العربية، وبثت من خلالها سمومها وجهالاتها ومغالطاتها وأباطيلها ضد الإسلام، بل قامت هذه الأيام بنشر سيرتها الذاتية في روما باللغة الإيطالية، لكي تنشر سمومها بين غير المسلمين.
وهذا ما جعل الأزهر يتحرك للرد على هذه المغالطات والأباطيل السعداوية، فقد كلف الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر إدارة البحوث والتأليف والمراجعة والنشر بمجمع البحوث الإسلامية، بإعداد كتاب باللغة الإيطالية للرد بشكل تفصيلي على ما ورد في كتابها الذي يتناول سيرتها الذاتية، وتحمل فيه بشدة على الدين الإسلامي وتتهمه باضطهاد المرأة.
ومن المقرر أن يقدم الأزهر الكتاب إلى وزارة الخارجية لطباعته وإمداد السفارة المصرية بروما به، متضمنا تصحيحا للمعلومات والآراء المغلوطة التي وردت في كتاب السعداوي الذي يتناول حياتها الخاصة، وتتطرق فيه إلى اتهام الإسلام بعدم إنصاف المرأة. وسوف يتضمن كتاب الأزهر توضيح موقف الإسلام المنصف للمرأة والمبادئ والقيم التي وضعها لحماية المرأة وتصوره للأسرة والأم التي اعتبرها المدرسة الأولي للمجتمع، ودحض شبهات هؤلاء الأقزام وتجار الفكر الذين يتطاولون على الإسلام ونظمه وثوابته تحت عباءة حرية الفكر والرأي.
والحق أن المجتمع المصري قد سئم تلك الأبواق الفارغة التي تملأ الدنيا صراخا وعويلا بين الحين والآخر حول صروح الإسلام وثوابته الراسخة تحت دعوي حرية الفكر والرأي والتعبير، وهم في الحقيقة يطعنون في الدين ويتطاولون على الذات الإلهية، ويبيحون لأنفسهم حرية الزندقة والكفر والإلحاد، ويهدمون الثوابت التي يقوم عليها المجتمع المصري. فمن قال إن الخروج على الإسلام وإنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة والطعن في الذات الإلهية وثوابت العقيدة والشريعة، والترويج للإباحية الأخلاقية بكل صورها، يندرج تحت حرية الفكر والرأي؟..
إن هذا هو ما تمارسه الدكتورة نوال السعداوي، التي تصر بين الحين والآخر على إثارة الزوابع حول أفكارها الشاذة لتصبح حديث وسائل الإعلام بعد أن أفل نجمها. ان ما تقوله يعد خروجا صريحا على مقتضى الدين وطعنا في ثوابته، فهي تزعم أنه لا علاقة للحجاب بالإسلام وهو عادة عبودية انعكست في اليهودية، وتعارض نظام المواريث في الإسلام وتطالب بتعديله، حتى يتم المساواة بين الرجل والمرأة، وهو النظام الذي وضعه رب العزة وحدد أنصبته بنفسه، وتقول إن الحج وتقبيل الحجر وثنية، وتعلن رفضها لنظام الزواج وتقول أنه كارثة ومؤسسة عبودية للمرأة.
. فهل هذا فكر ورأي يستحق المناقشة؟، أم أنه اسفاف ممجوج و تطاول على الله ورسوله وشريعته ومنهاجه؟ إننا نقول للسعداوي وقد شارفت على السبعين عاما، ولم يبق لها من الدنيا الكثير، أن تتق الله في دينه، وتكف عن هذه المغالطات والسفاهات والجهالات، وتعلن التوبة والرجوع عما كتبت قبل أن يأتيها الموت وتذوق وبال أمرها وما خطته بيديها.