كان أعرابى على فراش الموت وحوله أهله وأحبابه وكان فى حال يرثى له الجميع فسألوه: أتخشى الموت؟ أتخشى لقاء الله؟فقال لهم: وكيف أخاف من لم أرى الخير إلا منه.
نعم.. إن الله سبحانه وتعالى حبيبنا, فكروا معى قليلا, من الذى يطعمنا كل يوم ثلاث مرات؟ أليس هو الله؟من الذى أكرمنا وأعطانا الأم والأب وحبهما لنا منذ نعومة أظفارنا؟ أليس هو الله؟
من الذى يحفظنا من الشرور التى لانعلمها؟ إنه يحفظنا من السوء دون أن نعلم أو نرى.انظروا الى الناس, منهم من تتساقط حوله طلقات المدافع, ومنهم من لايدرى أين أمه وأين أخته الآن ومنهم من وقعت على رأسه مصيبة دون سبب معروف وهو يسير فى الشارع, وقد حفظنا الله من كل ذلك.
من الذى يستر عيوبنا عن خلقه؟ من الذى يعطينا بلا حساب برغم تقصيرنا؟, وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها.
إن لله تجليات و نفحات يومية بل فى كل لحظة, يراها فقط ذو البصيرة, إن كنت فى هم فانظر الى حبيبك وقل له ياحبيبى أدركنى, أليس هو الله؟ أليس هو من ألزم نفسه بنا وبرزقنا وتأميننا من كل سوء؟.
أليس هو أحن علينا من أمهاتنا؟ ترى لو كان خير الدنيا بيد أمى هل كانت تضن بشئ منه على أو على إخوتى؟ إذن أبشروا إن الخير كله بيد من هو أحن علينا من أمهاتنا, وإن كان قد تأخر الخير على أحدنا لسبب ما فإنه لحكمة يعلمها هو ربى.. ربنا وحده وهو وحده ذو الحكمة وذو اللطف وذو الكرم.
إنه الله الرحيم يرحمنا فى كل لحظة برغم أعمالنا وذنوبنا وبرغم ما يعتلج فى صدورنا من الآثام وحب الدنيا والبعد عن ذكر حبيبنا الذى خلقنا وأبلغنا أنه خلقنا فقط لنعبده وبرغم ذلك نعطيه أقل القليل من وقتنا, نعطيه منه الفتات ونطالبه بكل مستحقاتنا.
تخيل أنك موظف فى شركة ومرتبك الشهرى عدة آلآف من الجنيهات وعدد ساعات عملك بها ثمانية ساعات يوميا خمسة أيام فى الأسبوع, وبرغم ذلك تذهب الى هذه الشركة لمدة ساعة واحدة فقط يوميا وتأخذ إجازاتك كاملة دون نقص وإجازات الأعياد و المولد النبوى وعيد العمال وعيد الوحدة مع سوريا وعيد المسيحيين و الإجازات العارضة, أى أنك تأخذ حقك كاملا وتعطى أقل القليل دون اهتمام, ثم بعد ذلك تسأل فى أول الشهر: مفيش علاوات؟ هو المرتب هايفضل زى ما هو؟.
هذا هو حالنا مع الله سبحانه وتعالى, خلقنا فقط كما قال سبحانه وتعالى لنعبده, أى أن الهدف الوحيد هو العبادة.. وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون.. إنه الله يكلمنا ويشرح لنا فى كلمات بسيطة الهدف من خلقنا, ونفهم من ذلك أو مفروض نفهم إن علينا العبادة لساعات طويلة وقلوب واعية, ومع ذلك نعطيه فقط فتات الوقت, فقط الصلوات السريعة دون السنن أحيانا وفى البيت أو العمل معظم الوقت وننام عن صلاة الفجر ونتظالم بيننا.. ومع ذلك نسأل لماذا لايعطينا علاوات ونفحات واضحة ظاهرة كأن تهبط علينا جائزة الاستثمار من البنك الأهلى بمليون جنيه كل فترة! أو نفوز كلما ذهبنا الى كارفور بجائزة الزبون المثالى سيارة مرسيدس 2009 أو ينجح الأولاد بتسع وتسعين فى المائة فى الثانوية العامة ويختارونى فى العمل لأكون رئيس فخرى للشركة بمرتب وحوافز وبدلات, فين الحاجات دى؟.
إنى لا أدعو الى التواكل وترك العمل, لكنى فقط أذكركم ونفسى بالله سبحانه وبحبه وبقدرته وأننا ماقدرناه سبحانه حق قدره ... الله, الله, يفرح لفرحنا, يفرح لقربنا.
أعلم أنك أخى الكريم وأختى الكريمة قد وصلت معى الى هذا السطر لأن هذا الكلام قد لاقى فى قلبك صدى وحب لله سبحانه وتعالى, لابد من وجود جهاز استقبال مضبوط على نفس التردد حتى تلتقط هذه الموجات دون شوشرة وبعد ذلك لابد من وعى لتعى هذه الكلمات وتتدبرها وتزيد من حبك وقربك لله.
لقد أحببت أن أذكر الله فى ملأ طيب عسى أن يذكرنى سبحانه فى ملأ خير منه, جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.. آمين يارب العالمين.