سيدي انا شاب عمري 32 عاما, اعمل بفرع شركة اجنبية في مصر..دخلي والحمد كبير وانتمي الى اسرة طيبة.. نشأت في اجواء دينية, لذا لم انجرف يوماً مثل زملائي نحو المغامرة او الخطأ..فكنت اراعى الله في كل تصرفاتي, ان لم اكن اراه فهو يراني
أخذتني دراستي وحياتي العملية من الدخول في اي علاقة عاطفية..فالفتاة التي احبها هي التي سأتزوجها.. فاختزنت مشاعري لتلك المجهولة حتى اطلّت عليّ
" فاظفر بذات الدين تربت يداك "
كان هذا هو منهجي في البحث عن شريكة حياتي..لذا لم أصدق نفسي حين التقيتها..فتاة محترمة جميلة من أسرة ثرية طيبة, وقبل وبعد كل ذلك على خلق ودين
تلاقت العيون والاحلام, فسألت عنها واطمأن قلبي..فلم اتردد لحظة, اصطحبت والدي وذهبنا لزيارة اسرتها
لقد احسست ياسيدي بأن الله سبحانه وتعالى قد رضي عني, لم أكن احلم بكل هذه المزايا..لقد فتح الله قلوبهم لي, والده يعرض عليّ شقة في عمارته, فأشكره على كرمه مؤكداً له بأن كل طلباتهم مجابة بإذن الله, اوَ مثل هذا النسب لا يستحق التكريم؟
لن أطيل عليك, , تمت الخطبة بأسرع ما يمكن, عام كامل من السعادة يؤكد لي حسن اختياري..كل ماظننته وجدته, اصبح لي والدان وأمان وحبيبة..أعددنا شقة الزوجية ونحن نرسم أيامنا القادمة في كل ركن بها, وكنا نحطم الزمن حتى نعجّل بالزفاف
لم يبق على موعد السعادة إلا اسبوع واحد..وبينما أنا غارق في أحلامي استيقظت على الكابوس الذي حطّم روحي وسرق ثقتي من نفسي وفي كل ما آمنت به
*******
كنت عائداً من عملي لموعد مع خطيبتي, وكان اتفاقنا أن أحادثها هاتفياً, ولكنني اكتشفت ان هاتفي المحمول مغلق بعد أن نفذت بطاريته
بجوار كابينة هاتف في الطريق ركنت سيارتي.. وفي يدي كارت الاتصال
ألو ياحبيبتي -
هكذا قلت, ففوجئت بصوت خطيبتي يسأل: من يتحدث.. ضحكت وقلت لنفسي: "لم تتعرف على صوتي"..فواصلت على سبيل المزاح : أنا "....." وقلت لها أول اسم طرأ على بالي
فوجئت بها تصرخ في الهاتف: معقولة انت ؟ متى جئت من السفر؟
هنا بدأت أتوقف قلبي يرتجف وأحسست بأني مقدم على شيء مخيف..حرصت على تغيير نبرة صوتي وجاريتها في الكلام
تعتقد ماذا اكتشفت ياسيدي؟
*******
خطيبتي..حبيبتي, كانت على علاقة مع شاب يحمل هذا الاسم, تركها غاضباً وسافر الى الخارج..في المكالمة أخبرتي أنا - ويالسخرية القدر - أنها لم ترتبط حتى الآن لأنها لم تنسه يوماً..وليت الأمر وقف عند قصة حب سابقة او كامنة, لا..خطيبتي التي اخترتنا من وسط كل بنات الدنيا كانت على علاقة كاملة مع هذا الشاب..قالت لي بكل الحب في الهاتف معتقدة انني حبيبها القديم: هل تذكر كم مرة التقينا في شقتك؟
وبالطبع تعللت بالنسيان
فأجابتني: سبع مرات, أتذكرها كل يوم, وأتذكر لمساتك وهمساتك و.. و
لم ينته الأمر عند ذلك ياسيدي.. كدت افقد وعيي وسيطرتي على نفسي عندما اكتشفتُ ايضاً ان لم يكن الوحيد وانها اعترفت له بعلاقاتها السابقة التي سلمت بها نفسها الى آخرين ولكنهم خدعوها باسم الحب وكانوا انذالاً
*******
إلى هنــــا لم يعد في مقدرتي أن أواصل..أنهيت المكالمة , وأنا غير مصدق لما حدث..هل أنا ساذج الى هذا الحد؟..لماذا قبلت خطبتي وهي تحب آخر؟..هل تصدق أنها لم تسمح لي حتى الآن بتقبيلها؟ كل هذا تمثيـل؟ كل الناس مخدوعة فيها..كل الناس لا تفهم
عجزت عن التفكير..وهمت على وجهي لا أعرف ماذا أفعل وإلى أين أسير؟
لن أحكي لك كيف فكرت, ولكني اتخذت قراري
لم أخبر أحداً من أهلي بما حدث هرباً من كلمات الشفقة أو المواساة, ولم أخبرها, وأشفقت على أهلها الطيبين من معرفة حقيقة ابنتهم, تحمّلت اتهامي بالخسة والنذالة, وابلغت الجميع دون إبداء الأسباب قراري بعدم اتمام الزواج
لم يهمني كثيراً ما دار ويدور حولي وحول سر قراري, ولكن الذي همني ويهمني ولا أجد له إجابة : لماذا فعل الله بي ذلك؟..اتبعتُ ماأمر به, واجتنبتُ ما نهى عنه, ورضخت لحديث رسوله الكريم صلى اله عليه وسلم وبحثت عن ذات الدين, وكانت هذه هي النتيجة..أهذا جزاؤه؟..هل تعتقد ياسيدي أنني يمكنني الثقة في أي فتاة أخرى؟ وأنني سأفكر في الزواج مرة أخرى
لا أعتقد
*******
رد محرّر الأهــرام
:
سيدي.. لن أقول انك تسرّعت في الحكم على هذه الفتاة, وكان عليك التأكد من حسن أخلاقها..ولن أقول لك انه ليس كل مايلمع ذهباً, لن أستبعد أبداً أن سلوك هذه الفتاة قد يضللك ويضلّل غيرك..فما أكثر الرجال أصحاب الصولات والجولات في عالم النساء الذين وقعوا في نوائب اختياراتهم
فالزواج مثل ورقة اليانصيب مكلفة وغير مضمونة
سأقول لك ياسيدي إن حكمة ماأنت فيه ماثلة أمام عينيك وأنت عاجز عن رؤيتها..ولو أبصرت قليلاً لنمت قرير العين ومارست حياتك بكل سعادة ورضا وما اهتزت ثقتك في عدل الله ورحمته بعباده الصالحين.. فافتح ياعزيزي باب حياتك للداخل ولا تدفعه مغلقاً في الاتجاه الخطأ
لقد راعيتَ الله في اختيارك, حفظت نفسك وتجنبت المعاصي واخترت ذات المال والحسب والجمال وتمنيت ان "تترب يداك" باظفر بذات الدين..ولأنها ليسـت كذلك ولأن الله لا يخذل عبده الطائع..ربّــت عليك بيـده الرحيمــة أنقذك وأنت مقدم على ابتلاع الخديعة, فجعل الأشياء التي قد نراها مجرّد مصادفة تنصاع لأمرك
ينتهي شحن هاتفك, وتتحدّث من هاتف في
الشارع, ويصم سبحانه وتعالى أذن تلك الفتاة فلا تتعرف على صوتك..وتختار أنت اسماً , يكون هو المراد, فتتدفّق اعترافاتها على مسامعك
يالله ماذا تريد بعد كل هذه الاشارات؟
عاهدت الله على الطاعة, فسترك, وأطلّ عليك بنوره الكريم لينير بصيرتك لينقذك مما لا يليق بك..ألا يستحق كل هذا أن تخرّ ساجداً شاكرا, مستغفراً لكل أسئلتك الغاضبة المستنكرة
إن إشارات الله اليك هي التي جعلتك, وانت المطعون في شرفك وكبريائك تتصرّف بشهامة تتناسب مع حسن خلقك..وهي نفس الاشارات التي تفرض عليك بكل ثقة أن تبحث عن زوجة صالحة من جديد, تبحث عن نفس الاشتراطات التي قالها الله في كتابه الحكيم على لسان نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وفي كل الكتب السماوية, كما فعلت في المرة الأولى, وانت مطمئنّ القلب, مادمت حريصاً على أن تظفر بذات الدين
وإلى لقاء بإذن الله