۞ ۞ ۞ ۞ daawa ۞ ۞ ۞ ۞
زائرنا العزيز أسرة منتدى دعوة الإسلامي ترحب بك وتتمنى لك الاستفاده الكامله وندعوك أن تكون أحد أفراد أسرتنا الصغيرة المتواضعة عسى الله أن ينفعنا بما لديكم من علم ومعرفة
وتفضل بقبول فائق التحية والتقدير
۞ ۞ ۞ ۞ daawa ۞ ۞ ۞ ۞
زائرنا العزيز أسرة منتدى دعوة الإسلامي ترحب بك وتتمنى لك الاستفاده الكامله وندعوك أن تكون أحد أفراد أسرتنا الصغيرة المتواضعة عسى الله أن ينفعنا بما لديكم من علم ومعرفة
وتفضل بقبول فائق التحية والتقدير
۞ ۞ ۞ ۞ daawa ۞ ۞ ۞ ۞
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

۞ ۞ ۞ ۞ daawa ۞ ۞ ۞ ۞

۞ منتدى دعوة الإسلامي ۞
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حاجة الطفل للتدين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
امه الله
عضو ذهبي
عضو ذهبي
امه الله


عدد الرسائل : 704
مزاجى : حاجة الطفل للتدين 110
الوظيفة : حاجة الطفل للتدين Collec10
الهوايه المفضله : حاجة الطفل للتدين Writin10
دعاء : حاجة الطفل للتدين 160.imgcache
تاريخ التسجيل : 22/09/2008

حاجة الطفل للتدين Empty
مُساهمةموضوع: حاجة الطفل للتدين   حاجة الطفل للتدين Icon_minitimeالخميس يوليو 09, 2009 8:44 pm

لقد من الله علينا جميعاً نحن المربين بأن غرس في نفوس أبنائنا الحاجة للتدين والرغبة الملحة فيه، إن هذه المنحة الربانية لمن أهم المنح التي سهلت لنا عملية التربية وجعلتها سهلة ميسرة وجعلت رغبتنا في اصلاح أبنائنا مدعومة بالتأييد من الله تعالى.
الطفل يعتقد وجود ذات علوية ويرتبط بها:
(والدين في مفهومه العام هو: اعتقاد بوجود ذات غيبية علوية قادرة على تصريف شئون المخلوقات وتدبير أمورها، ويرتبط هذا الاعتقاد لدى المؤمن بها بالخضوع لها وتمجيدها، ومناجاتها واللجوء إليها، والتعبد لها في رغبة ورهبة، وخوف وطمع، وفق قواعد وطقوس عملية محددة.
وبذلك يشمل مفهوم الدين معنيين رئيسيين: المعنى الأول يتعلق بالإحساس بالدين، أو النزعة نحو التدين، أو الاعتقاد.
والمعنى الثاني يتعلق بظواهر الدين وجملة نواميسه النظرية، التي تحدد صفات الذات العلوية وتعاليمها، وأوامرها ونواهيها، والقواعد والطقوس الدينية التي يتعبد بها الفرد أو الجماعة.
والدين نزعة فطرية لدى البشرية، حيث يمكننا القول دون شطط أن الإنسان بطبعه كائن متدين؛ إذ تؤكد الأبحاث والدراسات الأنثروبولوجية أن ظاهرة التدين ظاهرة غريزية، وبمعنى آخر وجود غريزة دينية لدى الإنسان من بين الغرائز أو الدوافع الفطرية التي يولد بها.
وكما أثبتت أبحاث التحليل النفسي أن التدين من النزعات الأساسية في الإنسان تلك التي تكمن في اللاواعي.
فالدين مصدر استكمال النزعة الفطرية للاعتقاد وإشباع الميول الطبيعية للتدين، والدين يؤدي إلى تحقيق التكامل النفسي لدى الطفل بالإيمان واليقين في العقيدة.
والدين يولد التفاؤل والسكينة والطمأنينة والسلام والأمن النفسي لدى الناشئ، والدين مصدر الفضائل والقيم والمبادئ والمُثل العليا، التي تُغرس في نفس الناشئ منذ فجر حياته الأولى وتنمو مع شخصيته.
والدين يُقوِّي لدى الفرد الشعور بالمسئولية والالتزام النابع من نفسه، سواء أكان ذلك في حضرة السلطة الخارجية أم أثناء غيابها؛ لذلك كله كانت نزعة الإنسان للتدين نزعة فطرية وقوية.
وبغير الدين والإيمان لا تستقيم للفرد حياته، ولا يهنأ باله، ولا تتوفر له أسباب السكينة والأمن النفسي، فيشعر بالضياع والتمزق النفسي والاضطراب العصبي والعقلي، ولا يكون قادرًا على أن يعيش حياة سوية هادئة وكثيرًا ما يؤدي الشك والإلحاد بالمرء إلى الانتحار، وترك الدنيا التي يشعر ببؤسه وعذابه فيها، ولو كان مؤمنًا لكانت نظرته إلى الحياة نظرة التفاؤل والاستبشار، فيسعد لمسراتها ولذائذها ويغالب مشاكلها ومصاعبها، إن الإيمان هو منبع السعادة الحقيقية والأمن والطمأنينة النفسية)[أسس التربية الإسلامية في السنة النبوية، د.عبد الحميد الصيد الزنتاني، ص(50)].
قال تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]، وقال تعالى:{الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82].
إلحاح علماء التربية والأخلاق على الدعوة للتدين:
ولذلك؛ فإن الدعوة للتدين غدت أمرًا (يلح عليها كبار علماء التربية والأخلاق في بلاد الغرب، لتحرر المجتمع من الإلحاد والرذيلة والميوعة والجريمة، وإليك طرفًا من أقوالهم( كتب "دستوفسكي" أعظم "قصصي" في عالم الغرب ليبين كيف أصبح الإنسان متلبسًا بالشياطين حين هجر الله تعالى.
ويقول الأديب الفرنسي الشهير "فولتير" ساخرًا من طبقة الملحدين الماديين المشككين: (لم تشككون في الله، ولولاه لخانتني زوجتي، وسرقني خادمي).
ويقول الدكتور "هنري لنك" الطبيب النفسي الأمريكي في كتابه "العودة إلى الإيمان": (فإن هؤلاء الآباء الذين كانوا يتساءلون كيف ينمون عادات أولادهم الخلقية ويشكلونها، في حين ينقصهم هم أنفسهم تلك التأثيرات الدينية التي كانت قد شكَّلت أخلاقهم من قبل، كانوا في الحقيقة يجابهون مشكلة لا حل لها، فلم يوجد بعد ذلك البديل الكامل الذي يحل محل تلك القوة الهائلة التي يخلقها الإيمان بالخالق، وبناموسه الخلقي الإلهي في قلوب الناس).
وذكرت مجلة الحج المكية في السنة 23 من الجزء الثالث عن لسان "سوتيلانا" بنت "ستالين": (أن السبب الحقيقي لهجر وطنها وأولادها هو "الدين"؛ فقد نشأت في بيت ملحد لا يعرف أحد من أفراده "الرب" ولا يذكر عندهم عمدًا ولا سهوًا، ولما بلغت سن الرشد وجدت في نفسها من غير أي دافع خارجي إحساسًا قويًّا بأن الحياة من غير الإيمان بالله ليست حياة، كما لا يمكن أن يقام بين الناس أي عدل أو إنصاف من غير الإيمان بالله، وشعرت من قرارة نفسها أن الإنسان في حاجة إلى الإيمان كحاجته إلى الماء والهواء).[تربية الأولاد في الإسلام، عبد الله ناصح علوان، (1/35)].
فإذا كان هذا حال النزعة للتدين ـ عزيزي المربي ـ عند علماء التربية في بلاد الغرب التي لم تشرق عليها شمس عقيدة التوحيد، ولم تتخذ محمدًا رسولًا، ولم تتعطر بعطر الإيمان، ولم تتزين بزينة القرآن، فكيف إذًا بالنزعة إلى التدين في بلادنا المسلمة، وكيف هو حالها في صدور أبنائنا وبناتنا؟!
مما لاشك فيه أن هذه النزعة قوة في يديك عزيزي المربي، وأنت تربي طفلك، ومنحة من الله تعالى لك، فعليك أن تُربيها وتستغلها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
النبي r يستغل النزعة الدينية:
ومن أبرز الأمثلة في ذلك الشاب الذي جاء للنبي صلى الله عليه وسلم، وأخبره بأنه قبَّل امرأة!
عن ابن مسعود أن رجلًا أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فأنزل الله تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114].
فقال الرجل: يا رسول الله، إلي هذا؟ قال: (لجميع أمتي كلهم)[رواه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلاة كفارة، (495)].
فانظر كيف تحركت في نفس هذا الشاب النزعة للتدين وأرقته نفسه اللوامة، وتأمل أيضًا ـ عزيزي المربي ـ كيف استغل النبي صلى الله عليه وسلم هذه النزعة، وحرَّك فيه الرغبة في التوبة والرجوع إلى الله.
ومن القصص البارزة أيضًا التي تبين كيف استغل النبي صلى الله عليه وسلم النزعة للتدين عند الأطفال؛ قصة عمير بن سعد مع زوج أمه الجلاس بن سويد، وإليك ـ عزيزي المربي ـ فحوى قصة عمير بن سعد:
(أسلم الفتى عمير وهو صغير لم يتجاوز العاشرة من عمره إلا قليلًا، فوجد الإيمان في قلبه الغض مكانًا خاليًا فتمكن منه، وألفى الإسلام في نفسه الصافية الشفافة تربة خصبة فتغلغل في ثناياها، فكان على حداثة سنه لا يتأخر عن صلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت أمه تغمرها الفرحة كلما رأته ذاهبًا إلى المسجد أو آيبًا منه، تارة مع زوجها وتارة وحده.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
امه الله
عضو ذهبي
عضو ذهبي
امه الله


عدد الرسائل : 704
مزاجى : حاجة الطفل للتدين 110
الوظيفة : حاجة الطفل للتدين Collec10
الهوايه المفضله : حاجة الطفل للتدين Writin10
دعاء : حاجة الطفل للتدين 160.imgcache
تاريخ التسجيل : 22/09/2008

حاجة الطفل للتدين Empty
مُساهمةموضوع: رد: حاجة الطفل للتدين   حاجة الطفل للتدين Icon_minitimeالخميس يوليو 09, 2009 8:45 pm

وسارت حياة الغلام عمير بن سعد على هذا النحو، هانئة وادعة لا يعكر صفوها معكر، ولا يكدر هناءتها مكدر، حتى شاء الله تعالى أن يعرض الغلام اليافع لتجربة من أشد التجارب عنفًا وأقساها قسوة، وأن يمتحنه امتحانًا قلما مر بمثله فتى في سنه.
ففي السنة التاسعة للهجرة أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم عزمه على غزو الروم في تبوك، وأمر المسلمين بأن يستعدوا ويتجهزوا لذلك.
وكان عليه الصلاة والسلام إذا أراد أن يغزو غزوة لم يصرح بها، وأوهم أنه يريد جهة غير الجهة التي يقصد إليها، إلا في غزوة تبوك، فإنه بيَّنها للناس لبعد الشُقَّة وعظم المشقة، وقوة العدو؛ ليكون الناس على بينة من أمرهم؛ فيأخذوا للأمر أهبته، ويعدوا له عدته.
وعلى الرغم من أن الصيف كان قد دخل، والحر قد اشتد، والثمار قد أينعت، والظلال قد طابت، والنفوس قد ركنت إلى التراخي والتكاسل، على الرغم من ذلك كله فقد لبى المسلمون دعوة نبيهم صلى الله عليه وسلم وأخذوا يستعدون ويتجهزون.
غير أن طائفة من المنافقين أخذوا يثبطون العزائم، ويهنون الهمم، ويثيرون الشكوك ويغمزون الرسول صلى الله عليه وسلم، ويطلقون في مجالسهم الخاصة من الكلمات ما يدمغهم بالكفر دمغًا.
وفي يوم من هذه الأيام التي سبقت رحيل الجيش، عاد الغلام عمير بن سعد إلى بيته بعد أداء الصلاة في المسجد، وقد امتلأت نفسه بطائفة مشرقة من صور بذل المسلمين وتضحيتهم، رآها بعينيه وسمعها بأذنيه.
فقد رأى نساء المهاجرين والأنصار يُقبلن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينزعن حليهن ويلقينها بين يديه؛ ليجهز بثمنه الجيش الغازي في سبيل الله.
وأبصر بعيني رأسه عثمان بن عفان رضي الله عنه يأتي بجراب فيه ألف دينار ذهبًا ويقدمه للنبي صلى الله عليه وسلم.
وشهد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يحمل على عاتقه مائتي أوقية من الذهب ويلقيها بين يدي النبي الكريم عليه الصلاة والسلام.
بل إنه رأى رجلًا يعرض فراشه للبيع ليشتري بثمنه سيفًا يقاتل به في سبيل الله.
فأخذ عمير يستعيد هذه الصور الفذة الرائعة، ويعجب من تباطؤ الجلَّاس عن الاستعداد للرحيل مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم والتأخر عن البذل على الرغم من قدرته ويساره.
وكأنما أراد عمير أن يستثير همة الجلَّاس ويبعث الحمية في نفسه؛ فأخذ يقص عليه أخبار ما سمع ورأى وخاصة من خبر أولئك النفر من المؤمنين، الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسألوه في لوعة أن يضمهم إلى الجيش الغازي في سبيل الله، فردَّهم النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه لم يجد عنده من الركائب ما يحملهم عليه، فتولَّوا وأعينهم تفيض بالدمع حزنًا ألَّا يجدوا ما يبلِّغهم أمنيتهم في الجهاد، ويحقق لهم أشواقهم في الاستشهاد.
لكن الجلَّاس ما كاد يسمع من عمير ما سمع؛ حتى انطلقت من فمه كلمة أطارت صواب الفتى المؤمن.
إذ سمعه يقول: (إن كان محمد صادقًا فيما يدعيه من النبوة؛ فنحن شر من الحمير).
لقد شُدِه عمير مما سمع، فما كان يظن أن رجلًا له عقل الجلَّاس وسنُّه تنذُّ من فمه مثل هذه الكلمة التي تُخرج صاحبها من الإيمان دفعة واحدة، وتدخله في الكفر من أوسع أبوابه.
وكما تنطلق الآلات الحاسبة الدقيقة في حساب ما يُلقى إليها من المسائل، انطلق عقل الفتى عمير بن سعد يفكر فيما يجب أن يصنعه.
لقد رأى أن في السكوت عن الجلَّاس والتستر عليه خيانة لله ورسوله، وإضرارًا بالإسلام الذي يكيد له المنافقون ويأتمرون به.
وأن في إذاعة ما سمعه عقوقًا بالرجل الذي ينزل من نفسه منزلة الوالد، ومجازاة لإحسانه بالإساءة، فهو الذي آواه من يُتم، وأغناه من فقر، وعوضه عن فقد أبيه.
وكان على الفتى أن يختار بين أمرين أحلاهما مُر، وسرعان ما اختار.
فالتفت إلى الجلَّاس وقال: والله يا جلَّاس، ما كان على ظهر الأرض أحد بعد محمد بن عبد الله أحبَّ إلي منك.
فأنت آثرُ الناس عندي، وأجلُّهم يدًا عليَّ، ولقد قلتَ مقالة إن ذكرتُها فضحتُك، وإن أخفيتُها خنتُ أمانتي وأهلكتُ نفسي وديني، وقد عزمتُ أن أمضي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بما قلتَ، فكن على بيِّنة من أمرك.
مضى الفتى عمير على المسجد، وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام بما سمع من الجلَّاس بن سويد.
فاستبقاه الرسول صلى الله عليه وسلم عنده، وأرسل أحد الصحابة ليدعو الجلَّاس.
وما هو إلا قليل حتى جاء الجلَّاس فحيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجلس بين يديه، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: (ما مقالة سمعها منك عمير بن سعد)؟!
فقال: كذَبَ عليَّ يا رسول الله وافترى، فما تفوَّهت بشيء من ذلك.
وأخذ الصحابة ينقِّلون أبصارهم بين الجلَّاس وفتاه عمير بن سعد، كأنهم يريدون أن يقرءوا على صفحتي وجهيهما ما يكنِّه صدراهما.
وجعلوا يتهامسون: فقال واحد من الذين في قلوبهم مرض: فتى عاق، أبى إلا أن يسيء لمن أحسن إليه.
وقال آخرون: بل إنه غلام نشأ في طاعة الله، وإن قسمات وجهه لتنطق بصدقه.
والتفت الرسول عليه الصلاة والسلام إلى عمير فرأى وجهه قد احتقن بالدم، والدموع تتحدر مدرارًا من عينيه، فتتساقط على خديه وصدره وهو يقول: اللهم أنزل على نبيك بيان ما تكلمتُ به، اللهم أنزل على نبيك بيان ما تكلمت به.
فانبرى الجلَّاس وقال: إن ما ذكرتُه لك يا رسول الله هو الحق، وإن شئتَ تحالفنا [أي حلفنا] بين يديك.
وإني أحلف بالله أني ما قلت شيئًا مما نقله لك عمير.
فما إن انتهى من حلْفِه وأخذت عيون الناس تنتقل عنه إلى عمير بن سعد؛ حتى غشيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم السكينة، فعرَف الصحابة أنه الوحي، فلزموا أماكنهم، وسكنت جوارحهم، ولاذوا بالصمت، وتعلقت أبصارهم بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وهنا ظهر الخوف والوجل على الجلاس، وبدا التلهف والتشوف على عمير، وظل الجميع كذلك حتى سُرِّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتلا قوله تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [التوبة: 74]، فارتعد الجلَّاس من هول ما سمع، وكاد ينعقد لسانه من الجزع، ثم التفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال: بل أتوب يا رسول الله، بل أتوب، صدق عمير يا رسول الله، وكنتُ من الكاذبين، اسأل الله تعالى أن يقبل توبتي، جُعِلتُ فداك يا رسول الله.
وهنا توجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الفتى عمير بن سعد، فإذا دموع الفرح تبلل وجهه المشرق بنور الإيمان.
فمدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يده الشريفة إلى أذنه وأمسكها برفق، وقال: (وفَّت أذنك يا غلام ما سمِعَت، وصدَّقك ربُّك).
وعاد الجلَّاس إلى حظيرة الإسلام وحسُن إسلامه.
وقد عرف الصحابة صلاحَ حاله مما كان يغدقه على عمير من بر، وقد كان يقول كلما ذكر عمير: جزاه الله عني خيرًا، فقد أنقذني من الكفر، وأعتق رقبتي من النار) [أصل القصة في أسد الغابة، ابن الأثير، (1/184)]..
فتأمل عزيزي المربي، كيف تحركت النزعة للتدين في نفس عمير بن سعد رضي الله عنه وأرضاه، ولم يقبل أن يسكت على الخطأ، وانتفضت نفسه عندما سمع من يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتأمل أيضًا كيف حفظ الجميل للجلَّاس زوج أمه.
قل لي بربك عزيزي المربي، كل هذه المعاني الإيمانية الشامخة، من علَّمها عمير بن سعد وهو في سن العاشرة من عمره؟ من رباه عليها؟ من غرسها فيه؟
إنه الله سبحانه وتعالى بعد أن هيأ له القدوة الصادقة متمثلة في النبي صلى الله عليه وسلم ونماذج المضحين في غزوة تبوك، وأيضًا غرس الله سبحانه وتعالى في طفلك هذه المعاني، وفطره على هذه النزعة للتدين والرغبة في الصلاح، ولكن هل تجد هذه النزعة من ينميها كما وجد عمير بن سعد؟
أهمية القدوة لتلبية حاجة الطفل للتدين:
لابد أن تجد النزعة للتدين والرغبة في الصلاح من يغذيها وينميها؛ فالطفل إذا وقع في الخطأ يكون مدركًا أنه أخطأ؛ فإذا أخذ شيئًا مثلًا بدون استئذان، أو لم يؤدِ الصلاة في وقتها، أو رفع صوته على أمه؛ يكون مدركًا جيدًا أنه قد أخطأ ما دام قد سبق ذلك توجيه وإرشاد يعلمه كيف يفرق بين الصواب والخطأ.
ولكن الخطورة تكمن في أن يتلاشى هذا التوجيه وينعدم هذا الإرشاد أو يقل تدريجيًّا مع مشاغل الحياة؛ فيوجه المربي مرة ويهمل في المرة الأخرى، أو أن يختلف رد فعل الوالدين تجاه الخطأ الواحد، كل هذا يؤدي إلى إضعاف استغلال النزعة للتدين الموجودة عن الطفل، إن النزعة للتدين تحتاج دائمًا إلى التذكير والنصح دائمًا، كما قال سبحانه وتعالى:{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55].
وكما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم مع صحابته الكرام، فقالوا عنه أنه كان يتخولهم بالموعظة [رواه البخاري، كتاب العلم، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا، (68)].
(فما أحسن الأب المربي والأم المربية حين يجتمعون مع أولادهم في كل أمسية، وقد ملأوا سهرتهم بأنواع الطرائف وأصناف الحكمة ولطائف الموعظة، فحينًا بعرض قصة، وأحيانًا بتوجيه موعظة، وتارة بإنشاد شعر، وأخرى بسماع تلاوة، ورابعة بإلقاء طرفة، وخامسة بإجراء مسابقة، وهكذا يعددون في الأساليب وينوعون البرامج حتى تؤدي السهرة غرضها في تكوينهم روحيًّا وإعدادهم نفسيًّا وخلقيًّا.
وإذا سار المربي كل يوم على هذا المضمار لم يمضِ عليه وقت غير طويل حتى يرى الأولاد الذين اهتم بهم وأشرف عليهم في عداد الهادين المهديين، وفي زمرة عباد الله الصالحين، الذين بهم تُعقد الآمال، وعلى أيديهم يتحقق نصر الإسلام، وكم يكون المربي موفَّقًا حين ينهج مع أولاده طريقة القرآن الكريم في ظاهرة أسلوبه الوعظي؛ فيذكر تارة بالتقوى، ويُنوِّه أخرى بالموعظة، ويحض حينًا على النصح، ويغري أحيانًا بالترغيب، ويستعمل في موطن آخر أسلوب التهديد، وهكذا يتجدد الأسلوب على حسب الظروف ومقتضيات الأحوال)[تربية الأولاد في الإسلام، عبد الله ناصح علوان، (1/540)].
"وتعتمد الموعظة على جانبين، الأول: بيان الحق وتعرية المنكر، والثاني: إثارة الوجدان، فيتأثر الطفل بتصحيح الخطأ وبيان الحق وتقل أخطاؤه، وأما إثارة الوجدان فتعمل عملها لأن النفس فيها استعداد للتأثر بما يُلقى إليها، والموعظة تدفع الطفل إلى العمل المرغب فيه، (ومن أنواع الموعظة:
1ـ الموعظة بالقصة، وكلما كان القاص ذا أسلوب متميز جذاب؛ استطاع شد انتباه الطفل والتأثير فيه، وهو أكثر الأساليب نجاحًا.
2 ـ الموعظة بالحوار تشد الانتباه وتدفع الملل إذا كان العرض حيويًّا، وتتيح للمربي أن يعرف الشبهات التي تقع في نفس الطفل فيعالجها بالحكمة.
3 ـ الموعظة بضرب المثل الذي يُقرِّب المعنى ويعين على الفهم.
4 ـ الموعظة بالحدث؛ فكلما حدث شيء معين وجب على المربي أن يستغله تربويًّا؛ كالتعليق على مشاهد الدمار الناتج عن الحروب والمجاعات ليُذكِّر الطفل بنعم الله، ويؤثر هذا في النفس لأنه في لحظة انفعال ورقَّة؛ فيكون لهذا التوجيه أثره البعيد.
وهدي السلف في الموعظة: الإخلاص والمتابعة، فإن لم يكن المربي عاملًا بموعظته أو غير مخلص فيها فلن تُفتح له القلوب، ومن هديهم مخاطبة الطفل على قدر عقله، والتلطف في مخاطبته ليكون أدعى للقبول والرسوخ في نفسه، كما أنه يحسن اختيار الوقت المناسب فيراعي حالة الطفل النفسية، ووقت انشراح صدره وانفراده عن الناس، وله أن يستغل وقت مرض الطفل؛ لأنه في تلك الحال يجمع بين رقة القلب وصفاء الفطرة، وأما وعظه وقت لعبه أو أمام الأقارب فلا يحقق الفائدة.
ويجب أن يحذَر المربي من كثرة الوعظ فيتخوَّل بالموعظة ويراعي الطفل حتى لا يمل؛ ولأن تأثير الموعظة مؤقت فيحسن تكرارها مع تباعد الأوقات)[كيف تربي ولدك، ليلى عبد الرحمن الجريبة، ص(95)].
وبهذه الطريقة من الوعظ والتذكير مع القدوة الصالحة يكون المربي قد استفاد من النزعة الدينية الموجودة عند الأطفال، ويُعظِّم فيهم الرغبة في التدين، ويلبي هذه الحاجة الملحة لديهم وينميها.
إن"في النفس إستعداد للتأثر بما يلقى إليها من الكلام وهو استعداد مؤقت في الغالب ولذلك يلزمه التكرار.
والموعظة المؤثرة تفتح طريقها إلى النفس مباشرة عن طريق الوجدان وتهزه هزا وتثير كوامنه لحظة من الوقت كالسائل الذي تقلب رواسبه فتملأ كيانه ولكنها إذا تركت تترسب من جديد.
لذلك لا تكفي الموعظة وحدها في التربية إذا لم يكن بجانبها القدوة والوسط الذي يسمح بتقليد القوة ويشجع على الأسوة بها فالقدوة المنظورة الملموسةهي التي تعلق المشاعر ولا تتركها تهبط إلى القاع وتسكن بلا حراك.
وحين توجد القدوة الصحيحة فإن الموعظة تكون ذات أثر بالغ في النفس وتصبح دافعاً من أعظم الدوافع في تربية النفس ثم إنها من جانب آخر ضرورة لازمة ففي النفس دوافع فطرية في حاجة دائمة للتوجيه والتهذيب ولابد في هذا من الموعظة فقد لا يلتقط الإنسان القدوة الصالحة أو قد لا تكفيه بمفردها."
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حاجة الطفل للتدين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
۞ ۞ ۞ ۞ daawa ۞ ۞ ۞ ۞ :: تواصل أعضاء المنتدى :: 
۞ المنتدى العام ۞
-
انتقل الى: