لماذا السعي فيما كفانا الله مئونته وجعله شأناً من شأنه؟
وإلا فلماذا السعي فيما كفانا الله مئونته، وتكفل هو سبحانه وتعالى بفعله، بل لماذا السعي في التدخل في شئونه، ومحاولة إزاحة يده، وإبطال فعله والتطاول عليه: {هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء}.. {أنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج}.. {يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعـد خلق في ظلمات ثلاث}.. {وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه}.. {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب} فالخلق من شأن الله سبحانه وتعالى ولن يتنازل عنه لغيره لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل، ولا كذلك لكافر معاند...
وقد تحدى الله البشر جميعاً بأحقر المخلوقات عندهم وهو الذباب، وأخبر سبحانه وتعالى إخباراً في موقع التحدي أن البشر لن يخلقوا هذا الشيء الحقير عندهم، بل لن يستطيعوا أن يقضوا عليه لو شاءوا... وأنه سيظل يأخذ منهم ويسلبهم أرواحهم، وكثيراً من أموالهم إلى أن تقوم الساعة، فكم من البشر يموت كل عام بفعل الذباب، وكم من طعـام يجد طريقه إلى القمامة لأن الذباب وقع عليه، وكل هذا سلب للبشر، ولن يستطيع البشر بكل آلاتهم أن يقضوا على هذه الحشرة وما دونها، وهذه الصراصير التي تحارب بكل أنواع المبيدات يعترف الخبراء بها أن الصرصـور الأمريكي (الصغير) والأمريكي بالذات يستحيل القضاء عليه ولو بالقنبلة الذرية!! وهذه أجيال الجراثيم الجديدة، والفيروسات الجديدة الوافدة من الغرب المتقدم أصبحت أشد استعصاءاً على الأدوية والمضادات الحيوية من فيروسات العالم المتأخر الفقير التي هي أقل حنكـة وخبرة من فيروسات العالم المتحضر التي استطاعت أن تهزم مستحضراتهم المتقدمة... ولن يكون في الأرض والسماء إلا ما يشاء الله!!
لماذا لا يكتفي البشر بما خلق الله سبحانه وتعالى في أرضه من أنواع البشر، والحيوان والنبات.
فمن البشر خلق الله سبحانه وتعالى جميع الألوان المناسبة التي هي في تمام الخلق، وجميع الأشكال المناسبة التي هي في تمام الخلق، وجعل هذا الاختلاف دليل على عظمته وقدرته وإحسانه للخلق فهو الخالق الباري المصور {الذي أحسن كل شيء خلقه}
فالبشر ألوانهم الأسود والأبيض وما بينها من درجات هذا اللون مع الإشراب بالحمرة، والآن أرأيت لو أن إنسان لونه في خضرة النبات أو في زرقة السماء أيكون جميلاً؟!
بل انظر إلى ما دون ذلك من الخلق: ألوان الشعر في الإنسان أترى أنه يمكن أن يضيف البشر لوناً جديداً، يكون جميلاً؟! هل هذه الشعور الخضراء والزرقاء التي يلون بها الشباب الذي يسمونهم (بالبانكس) هل هي ألوان جميلة؟! يستطيع الإنسان أن يفسد الخلق، ولن يزايد المخلوق على الخالـق، ولا تبديل لخلق الله.
ومحاولة تغيير خلق الله حتى لو كان في الصورة الظاهرية موجب للعن الله وسخطه كما قال صلى الله عليه وسلم: [لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله] وهذا في تغيير الصورة الظاهرية.
والله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في كمال الخلق {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} وكل محاولة لتبديل هذا الخلق ستدمر الإنسان نفسه، وتوجد مسخاً.
الحيوان: لن يخلقوا نوعاً جديداً:
وقد خلق الله سبحانه وتعالى لنا أربعة أنواع من الأنعام كل نوع من ذكر وأنثى وهي الإبل، والبقر، والغنم، والماعز.
ومحاولة خلق نوع خامس مستحيل ولن يكون!! بل ومحاولة الاستغناء بالذكر عن الأنثى أو بالأنثى عن الذكر لن يكون أيضاً لأنه سبحانه وتعالى يقول في معرض امتنانه على خلقه: {ومن الأنعام حمولة وفرشاً، كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين* ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آالذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبؤني بعلم إن كنتم صادقين* ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آالذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} ..
وهذه الآيات مشعرة أنه لن يكون خلق نوع جديد من أنواع الأنعام، ولن يكون استغناء عن الذكور أو الأناثي.
وإذا كان الله قد كفى الإنسان مؤونة الخلق فلماذا يجهد الإنسان نفسه في خلق أنواع جديدة.
النبات: لن يخلقوا نوعاً جديداً:
حاول بعض الباحثين في علم النبات الخلط بين جينات البطاطس والطماطم فأخرجوا ثمرة سامة!! إنه العبث والإفساد.
المجال الذي كلف الله به الإنسان في الزراعة مجال كبير مناسب لطاقة الإنسان وعلمه: الغرس، والزرع، والتسميد، والري، والرعاية، ومقاومة الحشرات والآفات والتعرف على خصائص النبـات وفوائده واستخداماته، والتعرف على طريقة الانتفاع به كل ذلك مما يسره الله للإنسان، وأما الاعتـداء على فعل الرب فلا. قال تعالى: {أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون} فتفجير قلب النواة وتنشيط خلاياها، والإيحاء لها بأن يكون منها خلايا تصنع الجذور وتتجه إلى أسفل، وخلايا تصنع الساق والأوراق وتتجه إلى أعلى لتشق التربة، وخلايا في كل ورقة لتحويل الضوء إلى غذاء، والغذاء إلى أوراق وثمار، وتفاعل الماء والأملاح والضوء والهواء لخلق هذا الكائن الحي من النبات الذي يرهف حسه فيحس بالأصوات، ويعرف الليل فينـام فيه، ويخرج ثاني أكسيد الكربون، ويعرف النهار فيستيقظ فيه، ويخرج الأوكسجين، كل هذا من فعـل الرب الإله الخالق جل وعلا وليس من فعل الإنسان {وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهاراً ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيت لقوم يتفكرون* وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون}
وكل محاولة لتبديل خلق الله في النبات ستبوء بالفشل، وتنقلب على الإنسان سماً زعافاً.
العبث بخلق الإنسان أكبر جريمة:
وإذا كانت محاولة الإنسان في خلق مزيد من النباتات قد باءت بالفشل ولن تكون، وكذلك إذا كانت محاولة خلق أحياء أخرى من الحيوانات أو الزواحف لن يكون تكاثر إلا باجتماع الذكر والأنثى... ولا شك أن محاولة الجمع بين خلايا نوع من الحيوان ونوع آخر لاستحداث نوع جديد هو من العبث والإفساد وإمكانية هذا إنما هو في الجمع من الفصائل الواحدة كإنزاء الحمير على الخيل، والعكس، وقد نهى رسـول الله صلى الله عليه وسلم عن إنزاء الحمير على الخيل، وإنزاء الذئاب على الكلاب والعكس، وأما الجمع بين البقر والغنم، وبين الإبل والخيل فمستحيل... وإذا كان هذا في النبات والحيوان مستحيلاً وهو داخل في باب الإفساد، والعبث، ومحاولة مغالبة الرب جل وعلا، وتبديل مخلوقاته، ونسبة شيء من الخلق للإنسان..
أقول إذا كان هذا في النبات والحيوان عدواناً وعبثاً فإنه في الإنسان أشد إجراماً وإتلافاً..
فمحاولات خلق إنسان يكون نسيجه وخلقه مزيجاً من خلايا الإنسان والقرد ليكون في حجم الغوريلا، وقوة احتمالها، وفي عقل الإنسان، واستقامة قوامه..
نقـول إن هذا مع استحالته إلا أن السعي الحثيث في إيجاده وصرف مليارات الدولارات لإيجاده لا يدخل إلا في باب العبث والفساد، والعدوان على خلق الله سبحانه وتعالى ومحاولة تبديله، ولنا أن نتصور مقدار الفساد لو كان هذا في مكنة الإنسان أن يوجد إنساناً له جسم القرد وعقل الإنسان، أو عقل الإنسان وجسم القرد، كيف يمكن التعامل مع بشر هذه صفاتهم، ولو أن البشـر استطاعوا أن يوجدوا إنساناً بعقل الخروف وصوفه، أو في جسم الثور أو عقله، أو في خفة الطير وعقل الغراب!!
الحمد لله الذي لم يجعل مصائر الخلق في أيدي هؤلاء العابثين المعتدين على سلطان الرب..
التشويهات والنتائج الفظيعة لهذا العبث لا يعلن عنها:
وللأسف أن المسـوخ والتشويهات، والنتائج الفظيعة لهذا العبث لا يعلن عنها وهي تأخذ طريقها إلى الاتلاف وصناديق القمامة!! والقوم ما زالوا يعبثون وينفقون مليارات الدولارات في مصادمة نواميس الله في الخلق
.