السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه الحياة .. نعيشها .. تغدق علينا بأيام سعيدة كما تمطرنا بأيام حزينة
نتعامل معها من خلال مشاعرنا
فـــرح، حــزن، ضيق، محبة،كره، رضى، غضب
جميل أن نبقى على اتصال بما يجري داخلنا ولكن هل هذا يعطينا العذر
بأن نتجاهل مشاعر الغير . . .أن نجرح مشاعرهم
أن نتعدى على حقوقهم . . أو أن ندوس على كرامتهم ؟
للأسف هذا ما يقوم به الكثير منا معتقدين بأننا مركز الحياة
وعلى الآخرين أن يتحملوا ما يصدر عنا
قد نخطئ ولكن دائما لدينا الأسباب التي دفعـتنا إلى ذلك
فـتـجـدنـا أبــرع مـن يـقــدم الأعــــذار لا الإعــتـــذار !!!
نحن لا نعاني فقط من الجهل بأساليب الاعتذار ولكننا أيضا نكابر ونتعالى
ونعتبر الاعتذار هزيمة . . ضعفاً . . إنقاصاً للشخصية والمقام
كأننا نعيش في حرب دائمة مع الغير !!
فتجد الأم تنصح ابنتها بعدم الاعتذار لزوجها كي لا "يكبر رأسه"
والأب ينصح ابنه بعدم الاعتذار للزوجة لأن رجل البيت لا يعتذر
والمدير لا يعتذر للموظف لأن مركزه لا يسمح بذلك
والمعلمة لا تعتذر للطالبة لأن ذلك سوف ينقص من احترام الطالبات لها
والمواطن لا يعتذر للأجنبي
وقس على ذلك الكثير من الحالات . . اليوم نجد بيننا من يدعي
التمدن والحضارة باستخدام الكلمات الأجنبية مثل "sorry, pardon"
في مواقف عابرة مثل الاصطدام الخفيف خلال المشي أو الجلوس
ولكن عندما يظهر الموقف الذي يحتاج إلى إعتذار
حقيقي نرى تجاهلاً . .
" أنـــا آســـف \ة " كلمتان لماذا نستصعب النطق بهما ؟
كلمتان لو ننطقهما بصدق لذاب الغضب . . ولداوينا قلباً مكسوراً
أو كرامة مجروحة . . ولعادت المياه إلى مجاريها
في كثير من العلاقات المتصدعة
كم يمر علينا من الإشكاليات التي تحل لو قدم اعتذار بسيط
بدلاً من تقديم الأعذار التي لا تراعي شعور الغير
أو إطلاق الاتهامات للهروب من الموقف
لـمـــاذا كـــل ذلــــك ؟
ببساطة لأنه من الصعب علينا الإعتراف بالمسؤولية تجاه تصرفاتنا
لأن الغير هو من يخطئ دائما وليس نحن
بل في الكثير من الأحيان نرمي اللوم على الظروف
على أي شماعة بشرط ألا تكون شماعتنا
إن الإعتذار مهارة من مهارات الإتصال الإجتماعية
مكونة من ثلاث نقاط أساسية:
أن تشعر بالندم عما صدر منك
أن تتحمل المسؤولية
وأن تكون لديك الرغبة في إصلاح الوضع
لا تنس أن تبتعد عن تقديم الاعتذار المزيف
مـــثـــل
" أنا آسف ولكن . . . "
وتبدأ بعرض الظروف التي جعلتك تقوم بالتصرف
الذي تعرف تماما بأنه خاطئ
أو أن تــقـــول
" أنا آسف لأنك لم تسمعني جيداً "
هنا ترد الخطأ على المتلقي وتشككه بسمعه
أو "أنت تعرف أنه لم يكن بسببي"
أي تمرير الخطأ على الغير
ما يجب أن تفعله هو أن تقدم الإعتذار بنية صادقة معترفاً
بالأذى الذي وقع على الآخر
ويا حبذا لو قدمت نوعا من الترضية، إن أمكن
هنا أيضا يجب أن يكون الصوت معبرا وكذلك تعبير الوجه
فما يخرج من القلب يصل إلى القلب