الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وإليك أحسن .
هذا القول فيه تكلّف واضح .
وهو مُتعقّب من عِدّة وُجوه :
الوجه الأول : لفظ الجَلاَلَة ( الله ) ليس الكلمة الوحيدة التي لا تنطبِق فيها الشِّـفَـاه ، بل كلمة التوحيد بأكملها ( لا إله إلا الله ) لا تنطبِق فيها الشِّـفَـاه ، فإنك لو قلت : ( لا إله إلا الله ) لم تنطبِق الشِّـفَـتَين فيها .
وكذلك كلمة ( عز وجلّ ) ، وكلمة ( الله أجَلّ ) لا تنطبِق فيها الشِّـفَـاه .. مع كلمات أخرى كثيرة لها نفس الصِّفَة .
الوجه الثاني : أن حروف لفظ الجلالة (الله ) ليست جوفية ، فمنها ( الهمزة والهاء ) مَخرجها من أقصى الْحَلْق .
بينما ( اللام ) مَخرجها الحافّة الأمامية من اللسان .
فليس نُطق لفظ الجلالة (الله ) من باطن الجوف .
الوجه الثالث : ما يتعلق بِنقص حرف من حروفه ، وهو ظاهر التكلّف ، بل تحجير واسع !
فإن الضمير ( له ) لا يقتصر على الله ، بل هو عائد على مذكور حسب سياق الكلام .
فإنك لو تحدّثت عن شخص ثم قلت : له بيت ، أو : له هيبة .. إلى غير ذلك لكان تحديد المقصود بِعَودِ الضمير سياق الكلام .
ومثل ذلك لو قلت ( إله ) ، لأن الإله يُطلَق على الإله الحق سبحانه وتعالى ، ويُطلَق على الآلهة الباطلة .
قال تعالى : (أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ) ، وقال عز وجلّ : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آَزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آَلِهَةً) وقوله تبارك وتعالى عن قوم موسى : (قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ) وقال جلّ جلاله : (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا) وغيرها من الآيات .
وأوضح ما يكون التكلّف القول بأن بقاء ( الهاء ) المضمومة يَدلّ على الله ( هـُ ) !
فإنه لم يَقُل أحد بذلك إلا دراويش الصوفية ! الذين يَزعمون أنهم يَذكرون الله بما يُشبِه النِّبَاح ! ( هو .. هو .. ) !
الوجه الرابع : انفراد أعجمية بهذا القول الذي لم تُسبَق إليه !
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وكل قول ينفرد به المتأخر عن المتقدمين ولم يَسْبِقه إليه أحد منهم ، فانه يكون خطأ . اهـ .
إلى غير ذلك مما يُضعف هذا القول أو يُبطِله .
والتكلّف مذموم .
فقد قال الله تبارك وتعالى لِنبيِّـه صلى الله عليه وسلم : (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) .
والله تعالى أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم
الذكر باللفظ المفرد بدعة في الشرع وخطأ في اللغة والقول
السؤال :
جاءني بريد ينشره الناس و يحوي النص التالي..هل يجوز الأخذ بما في النص التالي و نشره؟
النص هو: من منكم يحدثني عن لفظ الجلالة ؟ ( الله ) من الناحية الإعجازية اللغوية ومن الناحية الصوتية؟ . فآلية ذكر اسمه سبحانه وتعالى على اللسان البشري لها نغمة متفردة . فمكونات حروفه دون الأسماء جميعها يأتي ذكرها من خالص الجوف , لا من الشفتين. فـلفظ الجلالة لا تنطق به الشفاه لخلوه من النقاط . اذكروا اسم... (الله) .الآن وراقبوا كيف نطقتموها هل استخرجتم الحروف من باطن الجوف أم أنكم لفظتموها ولا حراك في وجوهكم وشفاهكم... ومن حكم ذلك أنه إذا أراد ذاكر أن يذكر اسم الله فإن أي جليس لن يشعر بذلك ... ومن إعجاز اسمه أنه مهما نقصت حروفه فإن الاسم يبقى كما هو . وكما هو معروف أن لفظ الجلالة يشكل بالضمة في نهاية الحرف الأخير "اللهُ" وإذا ما حذفنا الحرف الأول يصبح اسمه " لله " كما تقول الآية: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها( وإذا ما حذفنا الألف واللام الأولى بقيت "له" ولا يزال مدلولها الإلهي كما يقول سبحانه وتعالى: ( له ما في السموات والأرض) وإن حذفت الألف واللام الأولى والثانية بقيت الهاء بالضمة " هـُ " ورغم كذلك تبقى الإشارة إليه سبحانه وتعالى كما قال في كتابه: ( هو الذي لا اله إلا هو)
وإذا ما حذفت اللام الأولى بقيت "إله" كما قال تعالي في الآية: الله لا إله إلا هو.
الفتوى:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذا ليس من العلم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ولا ذكره أحد من العلماء المعتبرين، وفيه من الخطأ الواضح والتكلف الشيء الكثير، والذكر المفرد بلفظ (الله الله) وما شابه منع منه أكثر السلف ولم يجزه إلا بعض الصوفية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الذكر بالاسم المفرد مظهرا أو مضمرا بدعة في الشرع وخطأ في القول واللغة، ولم يذكر ذلك أحد من السلف ولا شرعه رسول الله صلى عليه وسلم، ثم استدل رحمه الله بقول النبي صلى الله عليه وسلم: أفضل ما قلت أنا والنبيون قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وبقوله صلى الله عليه وسلم: أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد الله. اهـ. راجع الفتاوى الكبرى والأذكار للنووي. وعليه فلا يجوز نشر هذا الكلام ولا العمل به. وننصحك بأن تنشغلي بما يعود عليكِ نفعه في الدنيا والآخرة من توحيد الله وعبادته.
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه