۞ ۞ ۞ ۞ daawa ۞ ۞ ۞ ۞
زائرنا العزيز أسرة منتدى دعوة الإسلامي ترحب بك وتتمنى لك الاستفاده الكامله وندعوك أن تكون أحد أفراد أسرتنا الصغيرة المتواضعة عسى الله أن ينفعنا بما لديكم من علم ومعرفة
وتفضل بقبول فائق التحية والتقدير
۞ ۞ ۞ ۞ daawa ۞ ۞ ۞ ۞
زائرنا العزيز أسرة منتدى دعوة الإسلامي ترحب بك وتتمنى لك الاستفاده الكامله وندعوك أن تكون أحد أفراد أسرتنا الصغيرة المتواضعة عسى الله أن ينفعنا بما لديكم من علم ومعرفة
وتفضل بقبول فائق التحية والتقدير
۞ ۞ ۞ ۞ daawa ۞ ۞ ۞ ۞
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

۞ ۞ ۞ ۞ daawa ۞ ۞ ۞ ۞

۞ منتدى دعوة الإسلامي ۞
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حسام هرجة
مدير المنتدى
مدير المنتدى
حسام هرجة


عدد الرسائل : 2206
العمر : 45
مزاجى : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Mzboot11
الوظيفة : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Trader10
الهوايه المفضله : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Readin10
دعاء : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة 159.imgcache
تاريخ التسجيل : 03/09/2008

كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Empty
مُساهمةموضوع: كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة   كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Icon_minitimeالسبت نوفمبر 29, 2008 11:17 pm

د.محمد شادي كسكين
الحلقة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبي الله محمد الرحمة المهداة... وأله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً...

صديقي القارئ........
تأتي هذه السطور لتوجه بداية تحية طيبة لك....
إن هذه الكلمات ليست كتاباً تبشيرياً نريد منه أن يقلب أفكارك واعتقاداتك.....
وهي ليست بحثاً عميقاً ضخماً يشرح لك أصول الدين الإسلامي وفروعه...
وهي أيضاً ليست موسوعة تحصي فضائل وسيرة نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم...

إنما هي كلمات نهديها لك عربون صداقة تنتج حواراً حضارياً راقياً بيننا...
إن الحكم على الأشياء يقتضي التعرف على ماهيتها وخصائصها... والاقتراب من عوالمها وحدودها..... ذاك أن الحكم على الأشياء مع الجهل بها يذهب بنا إلى تشكيل إعتقادات خاطئة تقود لأفعال وتصورات خاطئة...إن الذين وصفوا العسل بأنه حلو المذاق لم يفعلوا ذلك من الوهلة الأولى وإنما بعدما تذوقه الكثيرون وأقروا أنه " كذلك".....والذين يبتاعون الزهور الحمراء يفعلون ذلك ليس إعجاباً بشكلها الجذاب وحسب وإنما أيضاً لأنهم يشُّمون رائحتها عن قرب ويتأكدون من أنها ذات رائحة عبقة وجميلة.....

إنني أصغي إليك باهتمام عندما تعبر لي عن احترامك لأحد الشخصيات التاريخية العلمية كانت أم السياسية ولكنني عندما أفاجأ بذلك الإحترام فإنني أتوجه إليك بالسؤال مستفسراً عن سبب هذا الإحترام والإعجاب الكبير الذي تكنه وتبديه لهذه الشخصية..؟!
إن احترامنا أو عدمه لشخص ما يتطلب منك أن توضح لي ماأجهله عن هذه الشخصية وميزاتها وأفكاراها وانجازاتها أو ما تصحح لي ما ما قد أكون فهمته خطأ أو تلقيته من مصدر خاطئ....وعندها سأهز رأسي ربما قائلاً...: حقاً إنه عظيم...حقاً إنه يستحق الإحترام...!!
وقد لا أقتنع بأسبابك التي ذكرتَ فأشكرك بعد أن تَوَضَّحَ لي رأيك الذي سأخترمه كثيراً بينما أخالفك وأحتفظ برأيي الشخصي لنفسي...

لقد تقلص حجم العالم بشكل مذهل.. وأصبح مدينة صغيرة..لم يعد ممكناً القول بالإنكماش والإنطواء..إن هذا يقودنا إلى الإنخراط في المسؤولية العالمية ومواجهة الأخطار المشتركة معاً... وهو يفتح لنا باباً لنتعرف على الحضارات الأخرى وتقديرها...
كتبت " كارين أرمسترونج" ذات يوم " أن الناس بدت ولأول مرة في شتى أرجاء العالم مستعدة لاستمداد الإلهام من أكثر من دين واحد... بل إن الكثيرين قد اعتنقوا ديناً ينتمي لثقافة أخرى.."
وتستشهد أرمسترونج بأسماء شهيرة ك" السير سارفيبالي روذ اكريشنان"( 1888-1975) الفيلسوف الهندوسي والسياسي الشهير الذي تلقى تعليمه في الكلية المسيحية في " مدراس" وترك فيما بعد أثرا لا ينكر في الفكر الشرقي والغربي على السواء.. وكذلك الفيلسوف " مارتن بوبر"(1878-1965 ) اليهودي الذي كتب كتب رسالة للدكتوارةعن اثنين من متصوفة المسيحية في العصور الوسطى وهما " نيكولاس القوصائي" و" مايشير ايكهارت" ولقد انكب المسيحيون على قراءة أعماله بحماس وكان له تأثيره العميق في أفكارهم وحياتهم الروحية والحقيقة أن اليهود لا يهتمون بأعمال بوبر اهتمام المسيحيين بها غير أنهم يهتمون مثلاً برجل اللاهوت الروتستانتي " بول تيليش"(1886-1965) وصاحب الفكر الحديث" هارفي كوكس"...

لقد تبددت الحواجز... حواجز الجغرافيا....حواجز التاريخ....حواجز الخوف والشك وأصبحت المعرفة والحقيقة هي المبتغى الأسمى.....
والأن دعني أقول لك.....

إنني أعرف " محمد " صلى الله عليه وسلم وأدين له بالإيمان والإحترام... وربما ستسألني ...
هل كان نبياً..؟ هل كان إنساناً فاضلاً وعبقرياً...وحسب..؟
هل كان كاذباً أم باحثاً عن الشهرة والمجد...؟
يقول البعض إنه كان إرهابياً...ودمويا وقاسيا..ً يحب القتل وسفك الدماء...؟!
أسئلة وصور كثيرة ربما تدور في مخيلتك...!
إنني أحترم الذين يحافظون على رقيهم الإنساني حين يبحثون عن " منتج أصلي" غير مقلد...غير أبهين بارتفاع ثمنه..!
وأنا شخصياً أفضل أن أخاطب المنتج الرئيسي..أو أهاتفه طالباً منه إرسال منتجه الأصلي إلى منزلي أو إبلاغي بأماكن عرضه وبيعه المعتمدة....معتبراً أن ثمنه المرتفع قليلاً لا يعني ذا قيمة أمام ضمان "جودة" ما أقدمه لعائلتي وأطفالي ونفسي...
إن الثمن المرتفع قليلاً قد يكون دقائق تمنحها لنفسك للاطلاع على هذا " المنتج الأصلي" من بلد الإنتاج.. وليس شراء منتجات " مقلدة " أو " فاسدة" غير متقنة من هنا وهناك..
هي محطات سأنتقل معك إليها تهدف لمحاولة الإجابة على بعض الأسئلة التي تدور في ذهنك عن الشخصية الأكثر شهرة وجدلاً في العالم اليوم...
لا أريد أن أضع حكماً مسبقاً لك.... فقط يكفيني أن أسير معك في محطات قليلة لتحكم بنفسك وتشكل تصوراتك وفق اقتناعك .. وهذه تكفيني وحسب..
أتمنى أن تجد كلماتي لديك صدراً رحباً.. ومتسعاً من الوقت لتقرأها بمودة ٍ وتفهم ٍ....
لك مني التحية ..وأقدر لك ما منحتني إياه من وقتك الثمين..
تقبل أمنياتي....
المخلص
د. محمد شادي كسكين
أبسالا- السويد


عدل سابقا من قبل حسام هرجة في السبت نوفمبر 29, 2008 11:59 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://daawa.yoo7.com
حسام هرجة
مدير المنتدى
مدير المنتدى
حسام هرجة


عدد الرسائل : 2206
العمر : 45
مزاجى : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Mzboot11
الوظيفة : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Trader10
الهوايه المفضله : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Readin10
دعاء : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة 159.imgcache
تاريخ التسجيل : 03/09/2008

كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Empty
مُساهمةموضوع: الحلقة الثانية من كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة   كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Icon_minitimeالسبت نوفمبر 29, 2008 11:23 pm

في لحظة ما من التاريخ .....

بينما كان مجمع "باكون" في القرن الخامس الميلادي يبحث " قضية ارتباط المرأة بالكائن البشري وعلاقتها المحتملة معه" كان مجمع " باسون" عام 586 م يبحث مسألة أكثر أهمية " هل تعد المرأة إنساناً أم لا؟ هل لها روح أم لا؟ وإذا كان لها روح هل هي روح شبيهة بروح الرجل أم أنها أقل منها..؟ وبعد مداولات طويلة توصلوا إلى أنها" إنسان خلق لخدمة الرجل فقط" بينما كانت الكنيسة في روما قد حسمت أمرها وقررت عام 582م أن " المرأة كائن لا نفس لها.., وأنها لهذا السبب لن ترث الفردوس, ولن تدخل ملكوت السماوات وأنها رجسٌ من عمل الشيطان ليس لها أن تضحك ولا أن تأكل اللحم ...وغاية مهمتها أن تخدم الرجل....."....
وكان العرب في تلك الفترة يسارعون إلى"وأد" الأنثى عند ولادتها ...أي يسارعون للتخلص منها..بدفنها في التراب...! وإذ لم تطاوع البعض قلوبهم بأن يتخلصوا من بناتهم فإن الشعور بالضيق والكراهية والإحتقار هو ما كان يعتمل في نفوس أولئك..

كان العرب أنذاك قبائل تنتشر في الصحراء...يعملون في التجارة... يرعون الإبل والأغنام.. يشربون الخمربكثرة ... يمارسون الجنس بكثرة ... يعبدون ألهة نحتت من حجارة أو صنعت من بعض المعادن معتقدين أنها السبيل لإله السماء..كانت الحروب كثيرة منتشرة وبسبب أمور وقضايا تافهة كنزاع حول ناقة أو ما شابه ذلك ..انعدم الامن في تلك الحقبة التاريخية وسادت النزاعات ...وحده "الشعر" و" بعض الاخلاق الكريمة " كانت ما تميز العرب دون الاقرار بوجود كيان مستقل قوي يدعى " العرب"..لقد كانوا متذبذبين في ولاءتهم بين الفرس والروم.. وبين الحياد في وسط الصحراء....
في تلك الفترة ..إذ لا حضارة حقيقية تذكر... ولد " محمد " صلى الله عليه وسلم عام 571 بعد ميلاد المسيح عيسى عليه السلام...



*" محمد " صلى الله عليه وسلم.....
يولد يتيماً.......

تزوج " عبد الله" من فتاة كريمة تدعى" أمنة"... وكان ثمرة هذا الزواج حملٌ جميل ... إلا أن الفرحة لم تكتمل..إذ بعد شهرين من حمل " أمنة" توفي زوجها " عبد الله" وهو في أوج شبابه... وانثنت أمنة تحمل جراحها ولوعتها ترتقب وليدها القادم ....

لقد ولد " محمد" صلى الله عليه وسلم بعد وفاة والده بسبعة أشهر تقريباً.. يتيماً... لكن ولادته مسحت شيئاً من الألم الذي كانت تعيشه الأسرة بأسرها لفقد عبد الله...

لقد رأوا في المولود " حياة جديدة" وفرحة تمسح الألام والأحزان ..
واستبشرت " قريش" قبيلة " محمد" صلى الله عليه وسلم بمولده وها هو يخفف عن والدته وأقاربه حزنهم العميق...

في غمرة تلك الفرحة تولى جده " عبد المطلب " رعايته مع والدته وكانت مشاعر الألم والحزن تجاه فقد عبد الله تتحول إلى رعاية متدفقة من الحنان والإهتمام...

إلا أن محطة أخرى للحزن كانت تنتظر اليتيم في سن السادسة حين توفيت والدته " أمنة " أيضاً ولينتقل " محمد " صلى الله عليه وسلم إلى كفالة جده الذي ما لبث أن توفي بعد فترة ليست بالطويلة...
وربما تتفق معي الآن أنه لا يدرك معنى الألم إلا من عاناه.... ولا يحس بشعور اليتم إلا من ذاقه ... وهكذا تحمل محمد صلى الله عليه وسلم ألماً بعد ألم .. ويبدو أن مسيرة الاحزان كانت طويلة شيئاً ما....!



*محمد صلى الله عليه وسلم.. يمجّدُ الإله قبل نبوته

لا تتوافق الفطر السليمة مع المعتقدات والأفكار الخاطئة... ولذا يميل الإنسان السليم بفطرته إلى الصواب دائماً مالم تتدخل عوامل خارجية مؤثرة تحرفه عن هذا الإتجاه...
وإذا ما استبعدنا الإلهام الإلهي جانباً فإن إنساناً بسيطاً يعيش بطبيعته الأصلية سيتوجه إلى معرفة الخير والشر دون تدخل خارجي...
إن الفطرة هي السلوكيات التي نمارسها بدون تعاليم خارجية ولعل هذا يفسر جوانباً من ابداعات الإنسان البدائي الذي أخذ يتلمس طريقه نحو بناء الحضارة خطوة خطوة...
وبالتالي...
فإن فكرة " صنع إله" ومن ثم عبادته...معادلة غير متوازنة لا يقبلها عقل ومنطق سليم..
إن الفطرة تقود إلى المعرفة الحقة لأنها أصل الشيء وطبيعته... والإنحراف عن هذه الطبيعة هو خروج عن قوانينها يحتاج إلى تدخل لإعادتها إلى المسار الأساسي ..
وفي حديثنا الإيماني ..فإن الفطرة والعقل ملكتان للإدراك البشري وطريقان للمعرفة الإنسانية يكمل كل منهما الأخر للتفريق بين الخطأ والصواب وتمييز الخير والشر..
يقول " ميخائيل غورباتشوف" أخر رئيس للإتحاد السوفيتي " عندما تسلمت السلطة في روسيا شرعت في إحياء قيم الإنفتاح والحرية...لقد استغرقني استخلاص النتائج حياة كاملة ..لكنني حين أدركت ما كان يحدث وعندما أتيحت لي الفرصة بدأت في إحداث التغييرات.. إن فلسفتي تستند إلى الفطرة السليمة .. والفطرة السليمة تميل إلى الإعتدال والوسطية "...
قلائل هم الذين تبقى فطرتهم سليمة دون أن تشوبها شوائب المجتمع المحيط وأخطاؤه ..
ومثلما فعل إبراهيم عليه السلام حين رفض أن يعبد ما يعبد قومه من حجارة لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضراً...حجارة صنعتها أيدي عبادها ... فعل " محمد " صلى الله عليه وسلم الشيء ذاته.. ولنا أن ندرك أن ألاف السنين التي تفصل بين الإثنين لم تمنع من تكرار ذات المعتقد وذات الفعل...!


والأن كيف طبق " محمد " صلى الله عليه وسلم قبل نبوته ذات الفعل الذي فعله ابراهيم رغم الاف السنين..؟
إن حادثة أخرى تدفعنا إلى السؤال...
هل قرأ محمد صلى الله عليه وسلم شيئاً عن الديانات الماضية ليتأثر بها... وإذا كان هذا صحيحاً فلماذا لم يعتنق اليهودية أو المسيحية رغم وجود هما وأتباعهما في جزيرة العرب...؟!

إن المفاجأة التي تضعنا أمام حقيقة ما حدث أن محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف القراءة و الكتابة...!
وأن المؤرخين الشرقيين والغربيين على السواء والذين أبدوا اهتماماً خاصاً بهذه المسألة وقاموا بدراستها وتحليلها يتفقون على أن " محمداً لم يذهب يوما لمعلم يعلمه أو شاعر يلقنه..!
لأنه باختصار كان أميا..ً..!
ويقر المستشرق البروفيسور " مونتجمري واط" بهذه النتيجة قائلاً : إن من المستبعد أن يكون محمد " صلى الله عليه وسلم" قد قرأ الكتب اليهودية والنصرانية ومن الأرجح أنه لم يقرأ كتاباً أخر..." ويشاركه ج. س. همسن النتيجة قائلاً : إن قاعدة نبوة محمد "صلى الله عليه وسلم " من ناحية مبدئية هي نفس تجربة وأعمال أنبياء بني اسرائيل ..لكنه لم يعرف شيئاً عنهم بشكل مباشر ومن الواضح أن تجربته كانت خاصة..".

وما قد تلاحظه معي الأن أنني عندما أكون مهتماً بشرح حقائق الأمور والحوار مع الأخرين أو القيام بمهمة التبشير والعظة فإنني أسارع إلى شرح عظمة ديني وسموه وصدق هذه الرسالة التي حملها نبيي ....!
لكن المثير هنا أن هذا ما لم يفعله " الراهب سرجس الشهير ببحيرى " في دمشق عندما التقى محمداً " صلى الله عليه وسلم وهو في سن الثانية عشر من عمره ....!
فما الذي حدث هناك...!!

ذهب " أبو طالب" عم النبي محمد " صلى الله عليه وسلم في رحلة تجارية إلى الشام واصطحب معه " محمداً "صلى الله عليه وسلم معه..ومرت القافلة بدير ٍ لراهب معروف.. فقررت التوقف للاستراحة هناك... وعلى غير عادته خرج راهب الدير مرحباً بهم داعياً إياهم جميعاً للتوجه للدير وتناول الطعام ...لبى الجميع الدعوة ممتنين لدعوة الراهب الذي أخذ يتفقد الوجوه بشكل غريب... ثم توجه بالسؤال لأبي طالب قائلا: لقد دعوتكم جميعاً لتناول الطعام..فلماذا لم يحضر الجميع..!
استغرب القوم قائلين: نحن هنا جميعاً..إلا غلاماً يافعاً ظل مع القافلة..!!
أصر الراهب " سرجس " على حضور الجميع وبالتالي فقد تم استدعاء الشاب الذي لم يكن الا " محمداً" صلى الله عليه وسلم..!
وهنا قد يتبادر للذهن لماذا يصر الراهب الأكبر على مشاركة شاب في الثانية عشرة من العمر طعامه..!
لقد تنحى الراهب " بأبي طالب " سائلا إياه.:هل هذا الشاب ابنك؟
قال أبو طالب وهو الذي رباه ورعاه : نعم...!
قال الراهب: كلا إنه ليس إبنك .. ويجب أن يكون هذا الغلام يتيما..ً.!
صعق أبو طالب بالجواب.. وبادر إلى القول: حقاً ما تقول.! إنه إبن أخي وقد توفي أبوه وهو في بطن أمه..!

قال الراهب " إن لابن أخيك هذا شأن عظيم..فارجع به إلى بلادك فوراً.."..
وسرعان ما قفل أبو طالب عائداً بمحمد صلى الله عليه وسلم إلى مكة!

إن قصة ممائلة تحدث بعد سنوات طوال مع راهب أخر...راهب عربي معروف في التاريخ كان يترجم " الكتاب المقدس " إلى العربية وهو " ورقة بن نوفل"...وكان حديثه المذهل بسبب ما نقلته له " خديجة بنت خويلد " عن إلهام" أو " وحي" أو "شيء من هذا القبيل يتنزل على زوجها او تظن أن الأمر كذلك...لقد أجاب: هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم ؟ قال: نعم ! لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك حيا أنصرك نصرا مؤزرا،."(رواه البخاري 1/4 ومسلم 1/141 ).
لقد كان " ورقة بن نوفل" أحد القلائل الذين تعمقوا في النصرانية ودرسوا الإنجيل بعمق... وهو بالتأكيد يحفظ ما قرأناه جميعاً في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد....

-" اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالانجيل للخليقة كلها..من أمن واعتقد خلص" ( مرقص16 : 14)...!
- " إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الأب والإبن والروح القدس وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيكم به.." ( متى 28:19)...!
- " رنموا للرب باركوا اسمه بشروا من يوم إلى يوم بخلاصه." ( مزامير96:2)..!
- " ما أجمل أقدام المبشرين بالسلام المبشرين بالخيرات..")..!( رومية 15:10)
- "لم أكتم علمك في وسط قلبي – تكلمت بأمانتك وخلاصك, لم أخفي رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة.." ( مزامير 10:40 )..!
- حتى كما هو مكتوب من افتخر فليفتخر بالرب.." ( 1 كورنثوس 1 : 30 -31 )
لكن الراهبين "سرجس" و" ورقة بن نوفل" لم يبشرا " محمداً " صلى اله عليه وسلم كما أوصت النصوص السابقة وغيرها....!!
لم يحثاه عن الخلاص الذي يعتقدناه في المسيح عليه السلام..!
لم يدعوانه -إذ عرفا ببصيرتهما وتعمقهما في الكتاب المقدس إيمانه- إلى الإيمان بالمسيح المخلص والصليب كما تعلموا من الكتاب المقدس....!

لقد قالا شيئاً مختلفاً تماماً...!
إنهما يبشرانه بأنه النبي القادم...!
والسؤال الذي تفرضه الحادثتان...
لماذا فعلا ذلك..؟
إن الجواب الوحيد الذ يمكن أن يملكه عاقل هو ..
"لقد رأيا فيه شيئاً مختلفاً وحقيقياً...إنه النبي القادم..!
تابع:

الحلقة الثالثة - محمد صلى الله عليه وسلم وهرقل ملك الروم و رئيس الكنيسة الشرقية
د.محمد شادي كسكين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://daawa.yoo7.com
حسام هرجة
مدير المنتدى
مدير المنتدى
حسام هرجة


عدد الرسائل : 2206
العمر : 45
مزاجى : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Mzboot11
الوظيفة : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Trader10
الهوايه المفضله : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Readin10
دعاء : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة 159.imgcache
تاريخ التسجيل : 03/09/2008

كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Empty
مُساهمةموضوع: الحلقة الثالثة من كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة   كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Icon_minitimeالسبت نوفمبر 29, 2008 11:26 pm

الحلقة الثالثة -محمد صلى الله عليه وسلم وهرقل ملك الروم و رئيس الكنيسة الشرقية



محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوه
- الحلقة الثالثة -

*محمد صلى الله عليه وسلم وهرقل رئيس الكنيسة الشرقية

لم يكن محمد صلى الله عليه وسلم طفلا بارعاً في استخدام يديه ك " نيوتن "...
وهو لم يكن يهودياً رومانياً يتحول إلى مؤسس ديانة جديدة ك " بولس "....
وهو لم يطرح أفكاره الخاصة ثم يعدلها أو يتراجع عنها ك" أرسطو"..
وهو الوحيد الذي لم يؤسس حضارته ودولته بالقوة العسكرية وحسب كما فعل الإسكندر الأكبر وجنكيز خان أو حتى نابليون وهتلر...
لقد بدت استقامته واضحة منذ أخذ يشب ويكبر....
***
لقد أخبر محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم بالنبوة، وهو في الأربعين من عمره، وكان قد اشتهر قبل هذا بدور أخلاقي ممتاز، حتى لقبه الناس «بالصادق الأمين»، وكانت قريش قد أجمعت على أنه يستحيل أن يكذب، أو يخون الأمانة.
ومن الأحداث التي جرت قبل اعلانه النبوة بخمس سنين أن أهل مكة أرادوا بناء الكعبة من جديد، وكانت قريش هي صاحبة الأمر، فاختلفت فيمن سيضع الحجر الأسود في مكانه، واستمر الخلاف أربعة أيام أو خمسة، وأوشكت السيوف أن تبرز، وكاد القوم أن يتناحروا، ثم اتفقوا على أن يكون الفيصل في هذه القضية أول من يدخل البيت الحرام صباح غد، واليوم التالي شاهدوا أن الانسان الأول الذي دخل البيت كان محمدا صلى الله عليه وسلم ، فنادوه قائلين: «هذا الأمين، رضينا" ( صحيح البخاري، باب ما ذكر في الحجر الأسود).

إن مزايا هذه الإستقامة فوتت فرصة انتقاده حتى على ألد أعدائه ..
وفي اجتماع مهيب ضم " هرقل " ملك الروم ورئيس الكنيسة الشرقية وزعيم قريش قبل إسلامه " أبو سفيان" فإن أخلاق محمد صلى الله عليه وسلم لم تترك مجالا للشك في صدق هذا النبي ونبل دعوته ...
لقد سأل هرقل أبا سفيان عن نسب " محمد "..هل هو من نسب نبيل أم وضيع ؟ لقد كانت مسألة الأنساب مسألة هامة في عصر الممالك والامبراطوريات أنذاك .. ولم يملك أبو سفيان إلا أن يصدع بالحقيقة قائلاً..:
"إنه فينا ذو نسب" أي أن نسبه معروف بنبله وطيب أصوله وأجداده ثم سأله عما إذا كان رجل من العرب قد سبق محمداً في مثل هذا الزعم فقال أبو سفيان..: لا...
فسأله هرقل هل كان أحد أبائه ملكاً ذات يوم فهو يريد مثلاً استعادة ملك أبائه..؟
وكان الجواب أيضاً :لا...
وتابع هرقل أسئلته....
- من يتبع دعوته الضعفاء أم الأقوياء..؟
- هل ينقص عدد أتباعه أم يزيد..؟
- هل يرجع أحد من أتباعه عن دعوته بعد أن يؤمن به..؟
وبماذا يأمركم محمد" صلى الله عليه وسلم " في دعوته الجديدة..؟
لم يستطع أبو سفيان رغم حنكته السياسية المعروفة عنه أن يأتي بغير بغير الحقيقة...
وكان تعقيب " هرقل " صاعقاً ينزل على رؤوس قريش.. لقد قال للترجمان :" أخبرهم بما يلي... لقد سألت عن نسبه فأخبرني أنه ذو نسب فيكم وهكذا هي ارسل تبعث في نسب قومها ( أي تبعث من أنساب طيبة)...
وسألته هل قال أحد منكم بهذا القول قبله... فذكر أن لا أحد فقلت لو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت رجل يقلد قولاً قيل قبله... وسألت هل كان من أبائه من ملك فلو كان من أبائه ملك لقلت رجل يطلب ملك أبيه.. وسألت هل تشتمون منه رائحة الكذب قبل أن يظهر دعوته.. فقال لا...فعرفت أنه لم يكن ليترك الكذب على الناس ويكذب على الله...
وسألت هل يتبع دعوته أشراف القوم ونبلاؤهم أم الضعفاء الفقراء..فذكر لي أن الضعفاء هم الذين يتبعونه وهذه حالة أباع الرسل..
وسألت هل يزيد أتباعه أم ينقصون فذكر لي أنهم يزيدون وهذا هو أمر الإيمان حتى يتم ويكتمل..
وسألت أيرتد عن دينه أحد بعد أن يدخل فيه...فذكر لي أن لا أحد يرتد عن دينه فهذا حال الإيمان الصادق حين يخالط القلوب..
وسألت هل يغدر فقال لا وهذا حال الأنبياء فهم لايغدرون وسألت بما تأمردعوته فأجابني بأنه يدعوكم إلى عبادة الله وعدم الإشراك به وينهاكم عن عبادة الأصنام ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف.. "فإن كان هذا ما يقوله فإنه سيملك ملكي هذا ولو استطعت الوصول لغسلت عن قدميه .." أي لأصبحت له خادماً...! وعندما دار هذا الحديث لم يكن ابو سفيان قد آمن بالرسول بعد، بل كان من خصومه، الذين ألبوا عليه العرب، وشنوا ضده الحروب، وقال، وهو يروي هذا الحديث: «والله لولا الحياء من أن يأثروا على كذبا لكذبت عنه..!!(صحيح البخاري : كيف كان بدء الوحي).
إن المتحدث ليس أحد المبشرين بدعوة محمد " صلى الله عليه وسلم" ..!!
وهو ليس أحد المخلصين المتحمسين لدعوته....!
إنه هرقل..... ملك الروم الأكبر ورئيس الكنيسة الشرقية بأسرها أنذاك.. وهو يتحدث عن " محمد " صلى الله عليه وسلم في سنوات الدعوة الأولى ..حيث لم يكن للمسلمين قوة ولا جيش ولا دولة!
بل إنهم كانوا يعذبون ويقتلون ويطاردون ويحاصرون.. وكانت قريش تحاربهم بكل عنف ظناً منها أنها ستقضي عليهم قريباً!!
السؤال الهام هنا... أي عظمة يمكن أن يمتلكها رجل مثل هذا..!
وأي أخلاق تلك التي تجبر أعداءه على الانحناء له في أوج ضعفه وغربته .!
أعود لأسأل ...كيف يطارد ُ ويعذبُ ويحاصر رجلٌ.... يشهد مطاردوه ومحاصروه في ذات الوقت أن لقبه الشائع قبل نبوته هو " الصادق الأمين".!
كيف..؟
وكما قال هرقل ....: كيف يمكن لرجل لا يكذب على الناس أبداً أن يكذب على الله...؟
د.محمد شادي كسكين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://daawa.yoo7.com
حسام هرجة
مدير المنتدى
مدير المنتدى
حسام هرجة


عدد الرسائل : 2206
العمر : 45
مزاجى : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Mzboot11
الوظيفة : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Trader10
الهوايه المفضله : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Readin10
دعاء : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة 159.imgcache
تاريخ التسجيل : 03/09/2008

كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Empty
مُساهمةموضوع: الحلقة الرابعة من كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة   كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Icon_minitimeالسبت نوفمبر 29, 2008 11:31 pm



محمد صلى الله عليه وسلم الوفيُّ لزوجته- الحلقة الرابعة من السيرة-


محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوه



-الحلقة الرابعة-

* محمد صلى الله عليه وسلم الوفيُّ لزوجته...

يمتلك الكثير منا أنماطاً متناقضة من السلوك فيما يخص التعامل مع الأخرين..لكنهما يندرجان عموماً تحت نمطين أساسين :
نمط للتعامل خارج المنزل يخص به رؤوساه وزملاءه وأصدقاءه وهو إذ يملك هذا النمط يعبر عن سمو اخلاقي يجعله محل افتخارهم واعتزازهم..
ونمط خاص يختلف كثيراً عن النمط الأول يخص التعامل داخل المنزل يعامل به زوجته وأفراد عائلته..
إن النمط السلوكي الإجتماعي الأول على اهميته لا يعكس حقيقة الأشخاص ولا صفاتهم الأخلاقية الدائمة.. خاصة أن الفترة الزمنية التي يظهر فيها هذا النمط هي فترة متقطعة وقصيرة نسبياً قياساً بالزمن الذي يقضيه الناس مع أقرب الناس إليه وهي زوجته بداية..
إن التعامل الرسمي المهذب غالباً ما يغيب عن الناس حين يغلقون أبواب منازلهم وراءهم ..ليصبح الأمر مختلفاً تماما..ً
الأمر مثير حين يحول الهدوء إلى إنفعال متكرر وعصبية مفرطة...!
واللباقة إلى شتائم..!
والكرم إلى تقتير..!
والعاطفة الجياشة إلى جفاء وبرود..!
إن الأخلاق الحقيقية لشخص ما يجب أن تقيم بعيداً عن التأثيرات الإجتماعية العامة.. ويمكن أن تظهر بوضوح من خلال مراقبة ودراسة السلوك الشخصي المنزلي مع الزوج والشريك والأطفال والأقرباء...
ولعلنا نعرب كثيراً عن صدمتنا بأشخاص كنا نمتلك صوراً رائعة عن أخلاقياتهم ...لنفاجئ بنقيض ذلك كله في سلوكهم المنزلي...
إن الأخلاق الشخصية تبقى حبيسة العلاقة الشخصية السرية بين الزوجين ولذا نطلق على كل واحد منهما مصطلح " شريك الحياة" ..
إن شراكة في الحياة تتضمن معرفة التفاصيل الدقيقة لتفاصيل السلوك الإجتماعي ما بين جدران المنزل ..ولعل الفترات التي تسبق الإرتباط المقدس بين شخصين تهدف بالدرجة الأولى إلى مقاربة الحقيقة الأخلاقية والسلوكية الحقيقية للشخص الذي نرغب بربط مسار حياتنا بمسار حياته... وهي إذ لا تعطي نتائج محددة تماما بسبب غلبة المشاعر والمجاملات والرغبة في اظهار المحاسن دون المساوئ .. إلا أن النتائج الحقيقية شبه النهائية لا يمكن أن تظهر إلا بالإرتباط والمعاشرة لفترة زمنية ليست بالقصيرة...
إن تغير السلوك البشري لشخص ما يفسر لماذا تكثر حوادث الإنفصال والطلاق بعد فترة زمنية معينة من الإرتباط برابط الحب والزواج...
وكم تعج مجتمعاتنا بصدمات عاطفية تقود أحياناً إلى الانهيار حين تظهر الحقيقة المُرَّة ُ المخفية وراء قناع من المجاملات والترويج الشخصي المغاير..

في العام الماضي أصدرت السيدة " شيري بلير" زوجة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير وبالتعاون مع مؤرخة تدعى " كيت هيست" كتاباً عن زوجات رؤساء الوزارة البريطانية اللواتي أقمن في منزل رقم 10 داوننغ ستريت ... تحدثت فيه مع " كلاريسا" زوجة انتوني ايدن و"اليزابيت " زوجة هيوم و" أودري" زوجة كالاهان و" دنيس " زوج مارغريت تاتشر و" نورما " زوجة ماجور ..أما الوحيد الذي لم تسأله فهو "ادوارد هيث " الذي لم يتزوج وأسعده أن يتفرغ لقيادة الفرق الموسيقية واليخوت...
لقد وصفت " شيري بلير " حياتها وحياة أولئك السيدات بأنهن " سمكة ذهبية في حوض من الزواج...ذهبية نعم . .ولكنها سمكة صغيرة محبوسة في حوض ماء...إذا خرجت منه ماتت... وهي تقول :إنها لا تكاد تدخل بيتها وتغلق الباب الأسود الصفيق وراءها حتى تنتقل إلى عالم أخر له قوانين وقيود وقواعد يجب مراعاتها لتكون سنداً لزوجها...وراء هذا الباب تحتشد كل هموم الدنيا... ومفروض أن تولد الحلول في اللحظة التي تتولد فيها المشاكل...."

لقد أصبت بالصدمة عندما قرات ذات يوم أن " فيكتورهوجو "المتعطش للمحبة كان يعامل زوجته "أديل" معاملة فظيعة وكانت أقسى صفعة وجهها لها هي خيانته لها مع عشيقته "جوليت دور"...!
وأن " جوستاف ماهلر" كان يصرخ في وجه زوجته أنه يفضل موسيقاه عليها..وأنه لم يعد يحبها...بينما ظلت وفية له متحاملة على جرحها وصدمتها...!
لكن صدمتي الكبرى كانت حينما قرأت عن زوجة " سقراط" التي أعتقد أنها كانت أتعسهن جميعاً فلقد هامت به وتزوجته صغيرة إلا أنه كان يصرح لها باحتقاره إياها...ويرفض أن يشاركها مشاعرها العاطفية والجنسية....!!

إن هذا يكشف لنا زوايا مظلمة لا نعرفها عند أناس تبوأوا مكاناً عالياً في صرح الحضارة الانسانية ....في حين باء ت زوجاتهم بحزن وألم فظيع!

فكيف كان الأمر مع النبي " محمد " صلى الله عليه وسلم..؟

عمل "محمد "صلى الله عليه وسلم في تجارة السيدة "خديجة" إحدى فضيلات قريش...وكان خادمها "ميسرة يرافق النبي " محمد " صلى الله عليه وسلم في الرحلات التجارية تلك....وكان أن تحدث لسيدته عما رأه من أخلاق فاضلة يتمتع بها النبي "محمد "صلى الله عليه وسلم...
لقد رغبت السيدة خديجة في الزواج منه وكان عمرها أنذاك يقارب 40 عاماً وعمره صلى الله عليه وسلم 25 عاماً...
وتم الزواج...
لقد عاش "محمد "صلى الله عليه وسلم حياة سعيدة هانئة مع خديجة ..
وكان يتردد على غار قريب يدعى " غار حراء" ليخلو بنفسه ويتعبد مناجياً ربه...وهناك في غراء حراء نزل الروح القدس جبريل عليه السلام عليه ليبلغه بالرسالة التي سيحملها للعالم....

لقد كان مثيراً أن يرجع النبي "محمد صلى الله عليه وسلم خائفاً قائلاً لزوجته : دثريني ..زمليني.."- أي ألقي علي بعض الأغطية –إن هذه الصورة تذكرنا بصورة العذراء البتول "مريم" عليها السلام عندما جاءها الروح القدس مبشراً إياها بكلمة الله عيسى عليه السلام..
وإذن لقد كان الامر صعباً..!

وفي موقف كهذا ..ماذا تفعل الزوجة حين ترى زوجها في مثل هذا الموقف..؟

لقد قالت كلاماً خالداً أدخل على نفسه السكينة والطمأنينة..:
"إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتعين على نوائب الحق..فوالله لا يخزيك الله أبداً..!"

لقد فهمت خديجة رسالة المرأة الوفية حين تقف بجانب زوجها الذي تحب تسانده وتؤمن به...
وكان محمد صلى الله عليه وسلم زوجها الوفي الذي أحبها وأكرمها وأنزلها في قلبه منزلة تليق بجلالها وقدرها..
لقد عاش النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع خديجة 25 عاماً... وكان فارق السن بينهما 15 عاماً....
عنها قال صلى الله عليه وسلم "خير نساء العالمين مريم بنت عمران وأسية بنت مزاحم ( زوجة فرعون مصر) وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد عليه السلام...
وبشرها ببيت من لؤلؤ مجوف في الجنة ..!

وفي السنة الثالثة قبل الهجرة توفيت خديجة رضي الله عنها ...فحزن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لوفاتها حزناً شديداً... وحزن المسلمون لحزن نبيهم وسمي ذلك العام الي ترافق مع وفاة عم النبي أيضاً "بعام الحزن" ليظل هذا المسمى أبد الدهر ...
وعندما يغيبّ الموت عزيزاً على قلوبنا فإن ذكراه تبقى سنوات وسنوات ..
لكن الكثيرين فيما بعد سيحتلون عروش قلوبنا ويقتطعون جزءا ليس يسيرا من تلك الذكرى...هل هذا هو ما فعله محمد صلى الله عليه وسلم مع ذكرى خديجة ..؟

لنا أن نتخيل حبه ووفاءه لزوجته حين لم يرض أن يتزوج وهي حية أبداً..
ولنا ان نتخيل حبه ووفاءه لها حين يرفض أن يأت أحد على ذكرها ولو على سبيل المقارنة مع زوجة شابة وصغيرة مثل عائشة ..لقد كان جوابه.." فوالله ما رزقني الله خيراً منها.." فتقول عائشة رضي الله عنها في نفسها كما تروي لنا فيما بعد .." لا أتي على ذكرها أبداً.."..
وكان يلمح صديقاتها وهن في سن الشيخوخة فيهرع لمساعدتهن وتلبية حوائجهن و الإطمئنان عليهن قائلاً " إنهن صويحبات خديجة.."
وكان إذ يذبح شاة في مناسبة ما .. يخصص قطعاً كبيرة منها ليرسلها إلى صديقات خديجة براً بعهدها ووفاءاً لذكراها...

إن النبي الذي كانت كل إمرأة في جزيرة العرب تتمنى أن تصبح زوجة له...لم يتزوج في حياة خديجة ..رغم أن تعدد الزوجات كان شائعاً للغاية عند العرب..

وكان بامكانه..وهو الشاب اليافع أن يبحث عن إمرأة فاتنة ..صغيرة السن تحل مكان زوجته خديجة التي تكبره بخمسة عشر عاماً وتزوجت قبله رجلين...

إن الكثيرين من رجال هذا العصر يفعلون ذلك مع زوجاتهم اللواتي يملكن أعماراً مساوية لأعمارهم أو تقل قليلا عنها أحياناً..وإن كان البعض يفضل الخيانة سراً على زواج علني يجلب المشاكل....وإن كان البعض يحلقون مع أخيلة نسائية كثيرة وهم يتقلبون على الفراش مع زوجاتهم...!

إنه نبي الله الوفي لها حيةَ وميتة... وإنها خديجة أم المؤمنين....!

ولعلك عزيزي القارئ قد تدهش كما دهش البروفيسور الكندي "جاري ميلر " والذي أضفنا كلامه في ختام هذه الرسالة..لقد قال :" كنت أتوقع أن أجد بعض الأحداث العصيبة التي مرت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم مثل وفاة زوجته خديجة رضي الله عنها أو وفاة بناته وأولاده...... لكنني لم أجد شيئا من ذلك ...... بل الذي جعلني في حيرة من أمري انني وجدت أن هناك سورة كاملة في القرآن تسمى سورة مريم وفيها تشريف لمريم عليها السلام لا يوجد مثيل له في كتبنا ولا في أناجيلنا !!

ولم أجد سورة باسم عائشة أو فاطمة رضي الله عنهم.... كانت زوجه خديجة(عليه وآله الصَّلاة والسَّلام) امرأةً مؤثِّرةً وقويَّة (رضي الله عنها). وكان يجب أن تسود كغيرها، أو على الأقلِّ أن تُذكر في القرآن الكريم، إلَّا أنَّه لم يُذكر أيٌّ منها –فلم تُذكر وفاة أولاده، ولا وفاة زوجه ورفيقته الحبيبة"


محمد صلى الله عليه وسلم الذي لم يكن يملك إلا أن ينقل كلام الله ... خلد زوجته بحبه ... بذكراها التي لم تفارقه.. بوفائه لها حية وميتة... برفضه الدائم أن يمنح ذكراها لأي إمرأة بعدها رغم زواجه....
لإمرأة صادقة ..نقية ..طاهرة أحبها الصادق الأمين ...الذي يعلمنا دائماً..
د.محمد شادي كسكين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://daawa.yoo7.com
حسام هرجة
مدير المنتدى
مدير المنتدى
حسام هرجة


عدد الرسائل : 2206
العمر : 45
مزاجى : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Mzboot11
الوظيفة : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Trader10
الهوايه المفضله : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Readin10
دعاء : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة 159.imgcache
تاريخ التسجيل : 03/09/2008

كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Empty
مُساهمةموضوع: الحلقة الخامسة من كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة   كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Icon_minitimeالسبت نوفمبر 29, 2008 11:34 pm

محمد صلى الله عليه وسلم يؤيد تحالفاً دولياً ضد الظلم- الحلقة الخامسة من السيرة


محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوه - الحلقة الخامسة من السيرة


* محمد صلى الله عليه وسلم يؤيد تحالفاً دولياً ضد الظلم..




في القرن السادس الميلادي لم يكن معروفاَ ذاك النمط العصري المعروف الأن " بالإتفاقيات والمعاهدات الدولية"..لقد كانت سياسة المصالح هي المهيمنة على دول وامارات المنطقة كما جميع دول العالم الان ولكن دون أي اعتبار لحقوق الانسان.. وكانت القوة العسكرية والاقتصادية هي صاحبة القرار الحاسم في المكانة السياسية ومدى السيطرة لدولة دون أخرى..

وفي ظل قانون الغا ب هذا .. ومع أجواء التنافس بين الدول والمصالح المتناقضة يصبح الضعفاء والمدنيون هم الضحية الأولى في مثل هذه الصراعات..

الحال ذاته كان ينطبق بشكل ما على القبائل العربية المنتشرة في صحراء الجزيرة العربية وما حولها ..وكان لابد لقبيلة ضعيفة اللجوء إلى حماية جهة قوية بما يقتضي هذا من ثمن غالٍ وإلا أصبحت في مهب حوافر الخيل الغازية من هنا وهناك..

لقد كان شكل الحروب فظيعاً حين تقوم قوة من الفرسان الأشداء المدربين بالهجوم على أناس قليلين..لتقتل رجالهم وشيوخهم غالباً وتأسر النساء والأطفال وتسلب الأموال وتصير الأبناء عبيداً وخدماً يباعون ويشرون..إنه قانون الغابة بحذافيره حيث البقاء للأقوى.!

وفي ظل هذه الأجواء الدموية اجتمع بعض العقلاء من قريش وقرروا أن يوقفوا هذا المسلسل من الدماء والجماجم...



لقد كان محمد صلى الله عليه وسلم في العشرين من العمر أنذاك وكان حاضراً لذلك الإتفاق الذي وقعه سادة القبائل وتعاهدوا فيه " ألا يظلم إنسان وأن ينصروا المظلوم ضد الظالم إن وقع الظلم.."

ويتذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاتفاق بعد سنين طوال فيقول " لو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت" أي لو قبل مني رؤساء الدول لوقعنا مثل هذا الاتفاق ..على نطاق أوسع..

بل إنه طبقه بنفسه وفرديا وهو في أولى سنين نبوته وأوج اضطهاد دعوته..

لقد أنكر سيد من سادات قريش مالاً لرجل من منطقة تدعى " الأراش".. وماطل في دفع المال لصاحبه الغريب عن مكة.. فصاح في إجتماع لقريش ورسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قريب منه يسمع ما يدور قائلاً " من يعينني على أبي الحكم بن هشام فإنني غريب وعابر سبيل..." لقد كان بإمكان الكثيرين التفاخر بنصرته لكن ليس ضد سيد مهاب مثل أبي الحكم.. الذي سماه المسلمون بأبي جهل..إن الوقوف في مواجهة رجل مثل هذا يعد غباءاً لدى المعتقدين فقط بالمصالح الشخصية وحدها.."

ولما لم يستجب أحد لهذا الرجل الضعيف والغريب قام النبي صلى الله عليه وسلم معه وأخذه حتى وصل إلى بيت أبي الحكم وطرق الباب..فخرج إليه أبو الحكم.... فقال له محمد صلى الله عليه وسلم " أعط الرجل حقه.." لقد صدم أبو الحكم بهذا القول.. ولم يستطع إلا أن يهز رأسه ويدخل بيته ليعطي الرجل كامل حقه..

لقد وقف الرجل بمجمع قريش الذي خذلوه قبل أن يغادر قائلاً: " جزاه الله خيراً لقد أخذ لي حقه مني.." (كتاب السيرة النبوية، -ابن هشام - الجزء 2، صفحة 233 )




إن محمداَ صلى الله عليه وسلم في تلك الفترة كان مُحَارَباً من الجميع.. ضعيفاً وأتباعه يعدون على الأصابع..لكنه رغم ذلك لم يتخذ موقفاً محايداً أو يعتذر لرجل محتاج عن عدم استطاعته المساعدة... هو دينه الذي يقول الله له ولأتباعه فيه :"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب"( المائدة 25 )

هكذا كان محمد سباقاً إلى المطالبة بأن يسارع الجميع إلى إقامة تحالف يدعو إلى انتصار الحق.. ومنع الظلم وتقديم الظالمين إلى العدالة.... وستحثنا سيرته في المواضيع القادمة كيف فعل هذا......




* لماذا لم يتراجع محمد صلى الله عليه وسلم...؟

يمتلك السياسون ودعاة الأفكار هامشاً من المناورة يضيق أو يتسع تبعاً للظروف المحيطة ... وسرعان ما يتراجع السياسون والمفكرون عن خططهم وأطروحاتهم حينما تتصادم مع واقع يستحيل معه الإصرار عليها.. وفي العرف السياسي والفكري فإن أفكاراً من هذا القبيل تطوى في أدراج المكاتب إنتظاراً لوقت مناسب لإعادة طرحها...

إن هذا ما نفعله نحن أيضاً بشكل مبسط في حياتنا العامة.. ونحن نؤجل أو نتراجع عن كثير من أفكارنا وأحلامنا وطموحاتنا حين ندرك أن الإستمرار فيها مستحيل الأن....



كان يوم الإعلان عن الدعوة الجديدة والجهر بها يوماَ حافلاً بالصور والمشاهد بعدما ظل النبي محمد صلى الله عليه وسلم يدعو ويبشر بدعوته سراً اًوكانت زوجته خديجة رضي الله عنها أول إمرأة أمنت به .. وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه أول من أسلم من الرجال ..فيما كان علي رضي الله عنه أول شاب يافع يتبع الدعوة الجديدة .. يوماً بعد يوم ..استمرت الدعوة سراً.. واستمرت تلك المرحلة ثلاث سنوات ... وجاء يوم الحسم الكبير يوم إعلان الدعوة....



لقد دعا محمد صلى الله عليه وسلم قريش إلى إجتماع هام وعندما اكتمل الحضور ...قام فقال:

" يا معشر قريش أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي"..قالوا نعم يا أبا القاسم ما جربنا عليك كذباً فقال محمد صلى الله عليه وسلم " فإني نذير لكم من بين يدي عذاب شديد..." (رواه البخاري – باب وأنذر عشيرتك الأقربين – ومسلم ) ثم قال جئتكم بخيري الدنيا والأخرة .. وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه ووالله لو كذبت الناس جميعاً ما كذبتكم ولو غررت الناس جميعاً ما غررتكم , والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون ولتحاسبن كما تعملون ولتجزون بالإحسان إحسانا وبالسوء سوءاً إنها لجنة أبداً أو لنار أبداً.."



لقد اكتفت قريش بادئ الأمر بالإستهزاء والشتم ... لكن تقدم الدعوة أثار جنونهم , فتوجهوا إلأى عمه أبي طالب وألحوا عليه في الضغط على محمد صلى الله عليه وسلم قائلين : إما أن تمنعه من ذلك أو سنمنعه من ذلك ولو كلفنا ذلك ما لا يحتمل..."إنه قرار نهائي لا رجعة عنه .إما أ، يتراجع محمد صلى الله عليه وسلم عن دعوته أو سنوقفه بالقوة.."!!



لقد انتقل أبو طالب إلى محمد صلى الله عليه وسلم مشفقاً عليه وخائفاً ..يبحث معه الأمر ويسأله أن يخفف من حدة أفكاره ويتراجع عنها .. ويومها سجل محمد صلى الله عليه وسلم كلمات خالدة في الثبات على الفكرة الحقة..:

" والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر قي يساري على أن أترك هذا الأمر ما فعلت حتى يظهره الله أو أهلك دونه.."



لقد كان جد مقبول لدى قريش أن يبدي محمد صلى الله عليه وسلم – ودعوته في هذه المرحلة الصعبة – بعضاً من المرونة والتراجع ليتم إيقاف الضغوط عليه وعلى أتباعه , والسماح له ببعض المكتسبات...



لقد ثار سادة قريش لهذا الرفض واتجهت أنظارهم إلى استخدام القوة والعنف لاجبار محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه القلائل على التراجع.. فاعتقلوا كل من عرف بإ تباع محمد صلى الله عليه وسلم وبدأت رحلة طويلة من التعذيب المروع..

تحمل المستضعفون من المسلمين الأوائل القسط الأكبر من تعذيب قريش بمكة ليصدوهم عنالإسلام، خصوصًا بلال بن رباح وأمه حمامة وكان بلال رضي الله عنه عبداً حبشيا وكان سيده يخرجه إلىالصحراء إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة ، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ثم يقول له ( لا والله ) لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى ، فيقول وهو في ذلك البلاء أحد أحد..

ًوخباب بن الأرتّ كان يُعرى ويُلصقُ ظهره بالرمضاء ، ثم الرضف ـ الحجارة المحماة بالنار ـ ويلوون رأسه ، وهو لا يجيبهم إلى شيء مما أرادوه منه ، وقد قال يوماً لعمر بن الخطاب انظر إلى ظهري ! فنظر ، فقال : ما رأيت كاليوم ! قال خباب : لقد أوقدت لي نارٌ وسحبت عليها ، فما أطفأها إلا ودك ظهري..!

وآل ياسر (ياسر وابناه عمار وعبدالله وأمهما سمية بنت خياط ) و كانت سمية عجوزاً ضعيفةً وقعت في براثن وحش كاسر ، إلا أن نفسها كانت أصلب من الحديد ، وأقوى من السياط ، تواجه الحقد الأعمى لهباً يتمدد على جدسها الطاهر بإيمان قوي وعقيدة راسخة مما جعل طاغوت مكة أبا جهل يفقد صوابه.. لقد أراد أن يسمع منها ما يكرهه قلبها.. أن تنال من محمدٍ ودينه.. ولكنها أسمعته ما يكره ، فعمد إلى حربةٍ كانت بين يديه ، فغرسها في قلبها ، فكانت أول شهيدة في الإسلام.
وواجه زوجها ياسر ـ الشيخ الهرم ـ عين المصير فأمسى نجماً متألقاً في سماء الشهادة.
وبين الوالد والأم كانت محنة عمار ـ الأبن ـ تتفاقم وتزداد حتى كأنه يتلقى صورة تعذيبهما نصب عينيه ونبأ استشهادهما عذاباً متجدداً عليه يضاعف آلامه ومحنه.
بالإضافة إلى هذا فإنهم لم يتركوا وسيلةً من وسائل القهر والتعذيب إلا استعملوها معه ، فتارةً يسحبونه على الرمضاء المحرقة مجرداً من ثيابه ، ثم يضعون صخرةً كبيرةً على صدره ، فان يئسوا منه لجأوا إلى تغريقه بالماء بغمس وجهه ورأسه حتى يختنق أو يشرف على الموت..!. وكان أبو جهل إذا سمع بالرجل قد أسلم ، له شرف ومنعة أنبه وأخزاه وقال تركت دين أبيك وهو خير منك : لنسفهن حلمك ولنفيلن رأيك ، ولنضعن شرفك ، وإن كان تاجرا ، قال والله لنكسدن تجارتك ، ولنهلكن مالك ، وإن كان ضعيفا ضربه وأغرى به ..!

وأبو فكيهة ، كان عبداً لصفوان بن أمية الجمحي ، أسلم مع بلال ، فأخذه أمية بن خلف وربط في رجله حبلاً ، وأمر به فجُرَّ ، ثم ألقاه في الرمضاء ، ومرَّ به جُعَل ـ خنفساء ـ فقال له أمية : أليس هذا ربك ؟ ! فقال : الله ربي وربك ورب هذا. فخنقه خنقاً شديداً ، ومعه أخوه أبي بن خلف يقول : زده عذاباً حتى يأتي محمدٌ فيخلصه! وكانوا يضعون الصخرة على صدره حتى يدلع لسانه ، ولم يرجع عن دينه.

أما زنيرة : فكانت امرأةً وقوراً أدبها الفقر ، وأعزها الإسلام ، وكانت أمةً لبني عدي ، وكان يشترك في تعذيبها كل من أبي جهل وعمر حتى عميت..!



وكان النبي محمد صلى الله عليه يعلق وهو ينقطع حزنا على تعذيب أصحابه : "والله ليتممن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلا الله ، والذئب على عنزه ...!



إن قصص التعذيب والضغط أكثر من أن تحويه رسالة مثل هذه ..

إن كل العذاب والأذى الذي واجهه " محمد " صلى الله عليه وسلم وأتباعه لم يمنعهم من الثبات ...على ما أمنوا به..

وعادت لغة الإغراء من جديد ... وكان عرضا مغرياً هذه المرة..

" نعبد إله محمد عاماً ويعبد ألهتنا عاماً أخر وهكذا.."

ما رأيك الان؟؟

لماذا لا يقبل محمد صلى الله عليه وسلم هذا العرض وينتهي الموضوع ..؟!

لكن العرض قوبل بالرفض التام بقرأن أنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم " لا أعبد ما تعبدون.. ولا أنتم عابدون ما أعبد ".!

وعادت قريش إلى لغة العذاب والتهديد..وحوصر كل من أمن بمحمد صلى الله عليه وسلم بوادٍ لا يسمح لهم بادخال الطعام ولا المتاجرة ولا المشاورة ولا الاجتماع ولا التحدث واعلنت قريش وقف الزواج والبيع والشراء وانواع التعامل كلها مع كل من يؤمن بمحمد..صلى الله عليه وسلم أو يتضامن معه وكتبت صحيفة المقاطعة وأودعوها في الكعبة بشروط قاسية وملزمة لكل قريش ومن تبعهم وتنص على ان لا تتوقف هذه المقاطعة حتى يدفع بنو هاشم إليهم محمدا فيقتلوه ، أو يتراجع محمد صلى الله عليه وسلم عن دعوته .
ووقع على هذه الصحيفة أربعون رجلا من وجوه قريش ، وختموها بأختامهم ، وعلقت هذه الوثيقة في الكعبة ، وكان ذلك في سنة سبع من البعثة على أشهر الروايات . وانضم قوم من أقرباء محمد صلى الله عليه وسلم للمحاصرين تضامناً مع صلة الدم... وكان بعض الخيريين وأثرياء قريش يحاول المساعدة سراً بعدما رأوا الحالة التي وصل لها محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه في الحصار الذي استمر لثلاث سنين...!

لكن محمد صلى الله عليه وسلم وبعد ثلاث سنين من التجويع والحصار لم يتراجع..! وقام بعد الفضلاء بانتهاك الحصار عند ئذ وذلك بعدما تأكد استحالة ثني محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه عن دعوة الاسلام...وأخذ الجوع والتعب من الماصرين أيما مأخذ..

وجاء العرض الأخير من قريش...

" نعلنك ملكا علينا وندعو العرب لمبايعتك فتكون ملكاً على العرب , ونجمع لك من أموالنا حتى تكون أغنى رجل في جزيرة العرب.." ..!

والان ..

هل تعتقد عزيزي القارئ أن محمد صلى الله عليه وسلم وافق..!

إنها كلمة واحدة ويصبح ملكاً على العرب وأغنى رجل في المنطقة الواسعة الارجاء..!

إن مـن قـرائن معرفة المدعين الصادقين من الكاذبين هو ايمانهم بما يدعونه وتـضـحيتهم وايثارهم في سبيله , ولان المدعين الكاذبين مطلعين على حقيقة الامر فانهم بالطبع لا يـضـحـون كثيرا في سبيل هدفهم , بالاضافة الى انهم مستعدون للمساومة وتحريف مدعياتهم , في حين ان الصادقين منهم لايجوزون لانفسهم ايا من ذلك !!



لقد تراجع هرقل ملك الروم عن دعوته لقومه باتباع محمد صلى الله عليه وسلم بعدما ثارعليه قومه... تراجع خوفاً من الإطاحة بحكمه..!

وتراجع جاليلو عن نظريته حول دوران الأرض حول الشمس أمام ضغط الكنيسة ومحكمة التفتيش وتمتم وهو يتراجع " لكنها تدور"..!

وتراجع بوذا مؤسس الدعوة البوذية عن دعوته لتعذيب الجسد بعدما أدى تجويع الناس إلى ذهاب عقول الناس وحجبت عن أعينهم رؤية الحقيقة فتراجع وعاد إلى الحياة الاعتيادية..!

وتراجع العالم الفيزيائي البارع في علم الرياضيات "ستيفن هوكنج" عن نظريته الشهيرة بشأن "الثقوب الكونية السوداء " بعد أن يظل يراهن عليها منذ العام 1975م.!

وتراجع "صموئيل هنتنجتون " عن نظريته "صراع الحضارات" أمام الطرح الدولي بحوار الحضارات..!

وتراجع أخيراً المؤرخ البريطاني" ديفيد إرفينج " عن تشكيكه بالمحرقة اليهودية " الهولو كوست" وأمام تهديد بثلاث سنوات فقط من السجن تراجع فوراً قائلاً إنه سيعترف أمام المحكمة بأنه مذنب، وسيطالب هيئة المحلفين بالعفو؛ لأنه تراجع عن تصريحاته التي أنكر فيها وقوع محرقة اليهود..!!

ولكن .؟!

هل تراجع إبراهيم عليه السلام عن دعوته رغم محاولتهم إحراقه بالنار...؟


هل تراجع موسى عليه السلام أمام بطش فرعون مصر...؟

هل تراجع عيسى عليه السلام أمام بطش اليهود..؟

وهكذا ....

وهكذا لم يتراجع محمداَ صلى الله عليه وسلم أمام التهديد ولا أمام الإغراء..!



لقد دعا مخالفيه إلى " المباهلة " وقال لهم ـ ان اذا كنتم تقولون حقا فتعالوا أباهلكم , وندعو الله ويطلب كل مـنا من اللّه ان ينزل العذاب على الكاذب منا ويفضحه ـ وكرر استعداده التام لهذا العرض ولم يجرؤ مخالفوه على ذلك لانهم غير مطمئينن لاستحكام قواعد دينهم !!. قال " مونتجومري "إن استعداد هذا الرجل لتحمل الاضطهاد من أجل معتقداته، والطبيعة الأخلاقية السامية لمن آمنوا به واتبعوه واعتبروه سيدا وقائدا لهم، إلى جانب عظمة إنجازاته المطلقة، كل ذلك يدل على العدالة والنزاهة المتأصلة في شخصه. فافتراض أن محمدًا مدع افتراض يثير مشاكل أكثر ولا يحلها. بل إنه لا توجد شخصية من عظماء التاريخ الغربيين لم تنل التقدير اللائق بها مثل ما فعل بمحمد". ("محمد في مكة"، مونتجمري - 1953، صفحة 52.)



لم يتراجع لأنه لا يملك حق التراجع... الأنبياء وحدهم لايتراجعون...!

وكان طلبه الوحيد لقومه امام كل هذا المسلسل الدامي بسيطاً وواضحاً:

" أمنوا بالله واستقيموا.. تملكوا الدنيا.. وتفوزوا بالاخرة"!!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://daawa.yoo7.com
حسام هرجة
مدير المنتدى
مدير المنتدى
حسام هرجة


عدد الرسائل : 2206
العمر : 45
مزاجى : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Mzboot11
الوظيفة : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Trader10
الهوايه المفضله : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Readin10
دعاء : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة 159.imgcache
تاريخ التسجيل : 03/09/2008

كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة   كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Icon_minitimeالسبت نوفمبر 29, 2008 11:49 pm

محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوه

د.محمد شادي كسكين

- الحلقة السادسة -

محاولة الإغتيال .. ورحيل نحوالمنفى...!


لم يعد القمع الذي تمارسه قريش على كل من اتبع دعوة محمد صلى الله عليه وسلم يحتمل.... فقد زادت قريش من بطشها وتنكيلها بالجميع ..مما حدا بمجموعتين من المسلمين أن تغادر إلى الحبشة والمدينة – التي كانت تسمى يثرب - وفشلت قريش -رغم إرسالها لوفد من قادتها – في محاولة استعادتهم من قبل ملك الحبشة أنذاك " النجاشي"....بعدما أعجب الملك بأفكار الدعوة الجديدة... وهو ما لبث أن أعلن إسلامه فيما بعد..فيما لم تملك قريش أي إمكانية للضغط بشأن مهاجري المدينة...
كانت هذه الإخفاقات المتكررة لقريش سببأ للتفنن باختراع وسائل جديدة للقضاء على إنتشار دعوة محمد صلى الله عليه وسلم... وجاء القرار الأخير لسادة قريش وحلفائها بقتل محمد صلى الله عليه وسلم والتخلص منه بأي ثمن كحل وحيد للحيلولة دون إستفحال خطر هذه الدعوة عليهم...لقد رتب الأمر سرأ واستغرق مشاورات وجلسات وضعت تفاصيل عملية الإغتيال وعواقبها... وبعد الإتفاق على كل شيء جاء يوم التنفيذ...
إن مجموعة من أشد الشباب قوة وخبرة بمثل هذه العمليات الخاصة تحيط بمنزل النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليلاً ومن جميع الجهات في إنتظار لحظة الصفر..! والإتفاق جرى على أن يكون كل شاب من هذه القوة من قبيلة مختلفة عن الأخر بحيث يضيع الفاعل بين قبائل العرب ويصبح من الصعب المطالبة بدمه من قبل ذويه أو أقاربه...لكن....!!

هل تعتقد يا عزيزي أنك حين تعتقد بالله وتخلص قلبك وعملك له فإنه سيتركك وحيداً تواجه قوى الشر..؟!
فكيف إذا كان هذا الشخص المعني هو رسول الله إلى البشرية..؟!
وسيقف كل المؤرخين حائرين كيف يخرج محمد صلى الله عليه وسلم من بيته بعدما أخبره الله بالأمر أمراً إياه أن يخرج .... ويخرج صلى الله عليه وسلم ليضع التراب على رؤوس المجموعة الخاصة وهي تغط في سبات عميق لم يملكوا – هم أنفسهم - له تفسيراً.... وليسلك طريقه مع صديقه الأحب إلى قلبه "أبو بكر الصديق" رضي الله عنه وليخرجا باتجاه غارٍ مهجور في جبل قريب....
إن إشراقة شمس اليوم التالي كانت تحمل صدمة وخيبة أمل كبيرة للذين خططوا للعملية باتقان متناسين أنهم يحاربون نبياً مؤيداً من الله وليس بشراً عادياً ..
وتستمر عمليات البحث المستمرة في مكة ومحيطها دون أن تأت بنتيجة فيما قامت إمرأة بنقل الطعام إليهما وقام أحد رعاة الغنم...بمسح الأثار ونقل الأخبار لهما ودلهما على الطريق... وبعد أيام تابع محمد صلى الله عليه وسلم طريقه مع صاحبه نحو يثرب وفي الطريق نجح فارس من مكة في تخمين الجهة التي يتجهون إليها وتابعهما طمعاً في جائزة مالية ضخمة مقدراها مائة من الإبل أعلنت عنها قريش لمن يدل على مكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبه...
الفارس يدعى " سراقة بن مالك".... وكان جالساً في أحد أندية قومه قريبا من مكة ، فإذا برجل يدخل عليهم ، ويذيع فيهم نبأ الجائزة ، فما كاد سراقة رضي الله عنه يسمع بالنوق المائة حتى سال لعابه ، واشتد عليها حرصه ، ولكنه كان ذكيا جدا ، فضبط نفسه ، ولم يتفوه بكلمة واحدة حتى لا يلفت نظر الآخرين ، وقبل أن ينهض سراقة رضي الله عنه من مجلسه ، دخل على الجالسين رجل مسافر يقول : واللهِ لقد مر بي الآن ثلاثة رجال ، وإني لأظنهم محمدا وأبا بكر ودليلهما .فقال سراقة رضي الله عنه بسرعة ودهاء look إنهم بنو فلان مضوا يبحثون عن ناقة لهم أضلوها ) . فقال الرجل :
" لعلهم كذلك "، وسكت .. مكث سراقة رضي الله عنه قليلا حتى لا يثير اهتمام أحد ، فلما دخل القوم في حديث آخر انسل من بينهم ، ومضى خفيفا مسرعا إلى بيته ، وأسر لجاريته بأن تخرج له فرسه في غفلة من أعين الناس ، وأن تربطه له في بطن الوادي ، وأمر غلامه بأن يعد له سلاحه ، وأن يخرج به خلف البيوت حتى لا يراه أحد ، وأن يجعل السلاح في مكان قريب من الفرس ، ولبس سراقة رضي الله عنه درعه ، وتقلد سلاحه ، وركب صهوة فرسه ، وطفق يغذ السير ليدرك محمدا صلى الله عليه وسلم قبل أن يدركه أحد سواه ، ويظفر بجائزة قريش . والرجلان أمام الفارس ينظران وهويحاول مرارا الإقتراب بفرسه منهما لكن أقدام الفرس غارت في التراب ..ورمته من على ظهرها.. وترجل الفارس بعدما اقتنع في نفسه أن الأمر خارج عن السيطرة... ولك أن تسأل نفسك مراراً ماذا يمكن أن يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم للفارس الذي ركب فرسه وعاد إلى مكة دون أن ينبس ببنت شفة لقريش...؟ لقد روى سراقة – فيما بعد – القصة كاملة بتفاصيلها وكان من خلاصة قوله أنه لما رأى ما حدث أدرك أن هذا النبي سينتصر يوماً... فقال سراقة رضي الله عنه للنبي :
( والله يا محمد إني لأعلم أنه سيظهر دينك ، ويعلو أمرك فعاهدني إذا أتيتك في ملكك أن تكرمني ، واكتب لي بذلك ، أريد وثيقة ).. وكتب له أبو بكر كتاباً بأمرمن النبي صلى الله عليه وسلم ولما هم بالانصراف قال له النبي محمد صلىالله عليه وسلم : ( كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى ؟ ) فقال سراقة رضي الله عنه في دهشة : ( كسرى ابن هرمز ؟ ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم كسرى بن هرمز..!! " وقبل الرجل الصفقة وعاد إلى مكة ليسلم بعد ذلك بفترة بسيطة ... وليتسلم الأساور بعد هذه الحادثة بعشرين سنة من خليفة المسلمين أنذاك عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفاءاً لعهد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم له..!!

إن صفة النبوة لا تمنع تسلل الحزن إلى القلب عند مغادرة الوطن والأهل والأحباب ..إن المنفى يخلق حالة من الألم لا يدركها إلا الذين جربوا الإبتعاد عن الأوطان والأحباب...! فكيف يكون الألم إذا كان الإبتعاد قسراً..؟ وكيف يكون الألم وكم هو مداه حين تخرج من بتك وأهلك مهدداً بالموت لمجرد أنك تحمل فكرة خيّرة ونبيلةً تدافع عنها..!! وها هو تنبؤ الراهب ورقة بن نوفل يصدق...!
ورغم هذا الحزن فإن محمداً صلى الله عليه وسلم الذي التفت إلى مكة مخاطباً إياها " يا مكة، والله إنك أحب بلاد الله إليَّ ولولا أنَّ قومك أخرجوني منك ما خرجت"..! كان يخاطب صاحبه في الغار قائلا: " لا تخف إن الله معنا.."..

وعلى مشارف المدينة ...دقت الدفوف وترنم الناس بالنشيد مرحبين بضيف المدينة وسيدها الجديد ..مرددين في فرح :" طلع البدر علينا.."
من اجل الحقيقة دفع أناس كثيرون حياتهم وسعادتهم ,ايامهم الأجمل ...ثمنا للحقيقة ...ومن أجل الحقيقة يكابد الكثيرون الألم والمعاناة حين يواجهون التهديد والتخويف والتعذيب...
لكنها الحقيقة التي تألم محمد صلى الله عليه وسلم كثيراً لتحيا ونحيا بها..
الحقيقة التي تدعونا دائماً للدفاع عنها...!
د. محمد شادي كسكين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://daawa.yoo7.com
حسام هرجة
مدير المنتدى
مدير المنتدى
حسام هرجة


عدد الرسائل : 2206
العمر : 45
مزاجى : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Mzboot11
الوظيفة : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Trader10
الهوايه المفضله : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Readin10
دعاء : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة 159.imgcache
تاريخ التسجيل : 03/09/2008

كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة   كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Icon_minitimeالأحد نوفمبر 30, 2008 12:08 am

محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوه - د.محمد شادي كسكين

الحلقة السابعة

* محمد صلى الله عليه وسلم يعلن دستور دولته....
( الإيمان – المساواة والعدالة – الحرية)

الإيمان:

الإنسان هذا المخلوق الكريم الذي كرمه رب العالمين منذ خلقه وأسجد له ملائكته ليس جسداً فحسب كما يراه البعض ...بل هو روح كذلك تحتاج للمحافظة على النقاء والطهارة وكانت هذه أهم جوانب اهتمام محمد صلى الله عليه وسلم بوحي من رب العالمين...


إن ما يميز النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن رجل دين بالمصطلح المتعارف عليه اليوم يهتم بالروحانيات ويهمل شؤون الحياة اليومية وهو في ذات الوقت لم يكن رجل دولة فقط يهتم بالشؤون السياسية والمادية ويغفل عن الجانب الروحي من الحياة...


إن الطعام والشراب والمال والجنس أشياؤنا الهامة في الحياة وإذا لم تأت لنا بالسعادة فما قيمتها إذن...؟

ولماذا لا تأتي السعادة دائماً مع توفر كل ما ذكرناه أنفاً...؟؟

هل ثمة شيء ناقص إذن..؟ ولماذا يمتلك البعض سعادة خاصة وهو لا يملك الكثير من الطعام والشراب والمال والجنس..؟

وإذا كانت الروح ومتطلباتها تافهة وغير مهمة فلماذا يتحول الإنسان إلى مجرد جيفة نتنة بمجرد مغادرة الروح لجسده...؟ أو يتحول لوحش بشري حين تغيب أخلاقيات الروح وأشعتها عن عقليته ومفرداته..؟

هل توافقني الأن أن ثمة أمراً أخراً تحتاجه الحياة..؟ وإذا كان الطعام والشراب والمال والجنس يلبي شيئاً من متطلبات " الجانب الجسدي" للإنسان ...فما الذي يلبي متطلبات "الجانب الروحي " منه..؟ ..

إنه الإيمان..!

إن هذا الإيمان كان كلمة السر لكل دعوات الأنبياء المصلحين..!

وكان أول متطلب لإشراقة الروح وتحريرها من قيودها.."أمنوا بالله.."..!

وهو الذي جعل الأنبياء والأخيار والطيبين ودعاة الخير يصمدون وينتصرون أمام قوى الشر والفساد..؟

وهو الذي يطلق أرواحنا في مدى لا ينتهي..!

وهو القاعدة التي تنشأ عليها الإرادة التي نحتاج لتحقيق ما نريد..!

وهو إذ يضع هذه المادة في رأس مواد الدستور فلأنه نبي مرسل من الله..!

ولأن لاقيمة لجسد لا روح فيه..؟!

و لإن الإيمان تحديد للوجهة والمسار..!

ولأنه الإرادة التي بها يقيم الإنسان حضارته على سطح الأرض..!

ولأنه يمنح المحسن ثواب عمله قبل أن يفعله..! ويلجم الشرعن التوغل في بواطن النفس ويمنعها من إقتراف أثامها..!

ولأنه الرقابة الداخلية والدافع الشخصي الذي يحرك الجبال إن شاء في النفوس!

وهو كل خّير من الأمور التي تنير طريق الحياة ومسارها....وتمنع إنحراف السفينة البشرية أو غرقها... وفي هذا يقول مؤلفو كتاب " حقوق الإنسان وصراع الحضارات* " لقد ظهر الإسلام كتحدٍّ أخلاقي يتحدى البشرية في أن تستجيب لنداء الإيمان، وليقيم نظاماً أخلاقياً عادلاً وعاماً يعكس ((تسليماً نشطاً)) (كما يعني مصطلح الإسلام) للإرادة الإلهية. وعليه، فإن خلق نظام عام عادل كان المنظور المباشر الناتج عن الإيمان بالوحي الإسلامي، حيث كان مجرد الاعتراف بالإيمان، من دون أي التزام أخلاقي ولا ديني للعمل على إيجاد نظام إسلامي، يعتبر نفاقا. في الحقيقة ينظر القرآن إلى الإيمان كمصدر للسلوك الإجتماعي الأخلاقي الذي يجب أن يتحول إلى إيجاد نظام أخلاقي وعادل على الأرض. وبناءً على ذلك، فإن الإسلام لم يكن ليكتفي بمجرد ((التسليم)) من دون ما يتبع ذلك من تحول هذا ((التسليم)) إلى تغيير الفرد ليصبح إنساناً صالحاً، والمجتمع ليصبح نظاما عاماً مثالياً."(* -حقوق الإنسان وصراع الحضارات: منظورات غربية وإسلامية عن الحرية الدينية (مطبعة جامعة ساوث كارولينا، 1988- عبد العزيز ساش الدين جامعة فرجينيا ـ كلية هافرفورد) مع البروفسور ديفيد ليتل و جون كلسي)"... وإذ يوجد عنصر المسؤولية في كثير من الانظمة، لكنه لا يتجاوز في كثير من الاحيان مسؤولية الفرد تجاه القوانين المعمول بها. بل حتى هذا النوع من المسؤولية غالباً ما يفقد بريقه من خلال عمليات الانتهاك المتوالية لتلك القوانين والخروج عليها. اما مسؤولية الإنسان المسلم فتختلف جوهرياً عن تلك المسؤولية لانها نابعة من باطن الإنسان ونافذة إلى اعماقه وماثلة امامه دائماً وابداً. فالانسان المسلم مسؤول امام جهة مطلقة عليا تراقبه وتشاهد عن كثب كل تحركاته وسكناته، بل مطّلعة حتى على افكاره وخلجات قلبه.. وهو بهذا كتاب مفتوح امام العين الالهية الساهرة ولا حيلة له ولا وسيلة سوى اداء التكليف والقيام بالواجب الملقى على عاتقه دون تلكؤ أو تكاسل. وانطلاقاً من عنصر المسؤولية أيضاً يجد الإنسان المسلم نفسه مندفعاً لاداء التكليف الالهي، والحرص على تقديم اعماله كافة بنفس صادق وروح متفاعلة....

وإذن ..

فقد كان الإيمان بالله الواحد الرحيم القادر .. وبمحمد صلى الله عليه وسلم ورسل الله جميعاً وكتابه وكتبهم جميعاً وبقدرة الله المطلقة ووجوب عبادته.. وبفناء الحياة يوماً ... وبالثواب والعقاب هو المادة الأولى من دستور النبي محمد صلى الله عليه وسلم " إن الله ربي..." وهو يلخص ذهبية هذه القاعدة حين يقول لرجل " قل أمنت بالله ثم استقم.." ...إن الإيمان الذي حمله لنا محمد صلى الله عليه وسلم جعلنا نعشق الحياة وما وراء الحياة ولذلك فأنت لا تجد مسلماً واحداً يقدم على الإنتحار إلا فيما ندر...وحين تتكلم لغة الأرقام فإننا سنعلم أنه :" تسجل في سويسرا كل عام حوالي 30000 محاولة انتحار "تنجح" منها زهاء 1350 حالة. وأصبح الإنتحار السبب الأول لوفاة الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والخامسةوالعشرين عاما فيها....وقدرت دراسة أنجزت مؤخراً في عام 2003م تكاليف هذه الظاهرة في سويسرا بمليارين ونصف المليار فرنك سويسري سنويا، معظمها (2,4 مليار)يقع مُباشرة على عاتق نظام الصحة العمومي. هذا دون احتساب الخسائر الاقتصاديةالناجمة عن الانتحار(" – موقع المعلومات الوطني السويسري swissinfo -17 أيلول/سبتمبر 2003" ) !!!!! أما الإحصاءات الأميركية فتشير إلى أن الانتحار أحد ثمانية أسباب رئيسية للوفاة وتقدرعدد حالات الانتحار بنحو 30 ألف شخص كل عام في حين يصل عدد الذين يحاولون الانتحارإلى 500 ألف أميركي سنويا.....!!



كتب المفكر الفرنسي " لامرتين " قائلاً:"
"إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أياً من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في عبقريته؟ فهؤلاءالمشاهير قد صنعوا الأسلحة وسنوا القوانين وأقاموا الإمبراطوريات. فلم يجنوا إلاأمجادا بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانَيْهم. لكن هذا الرجل (محمدا (صلى الله عليه وسلم)) لم يقد الجيوش ويسن التشريعات ويقم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروض الحكام فقط، وإنما قاد الملايين من الناس فيما كان يعد ثلث العالم حينئذ. ليس هذافقط، بل إنه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة.
لقد صبر النبي وتجلد حتى نال النصر (من الله). كان طموح النبي (صلىالله عليه وسلم) موجها بالكلية إلى هدف واحد، فلم يطمح إلى تكوين إمبراطورية أو ماإلى ذلك. حتى صلاة النبي الدائمة ومناجاته لربه ووفاته (صلى الله عليه وسلم( وانتصاره حتى بعد موته، كل ذلك لا يدل على الغش والخداع بل يدل على اليقين الصادقالذي أعطى النبي الطاقة والقوة لإرساء عقيدة ذات شقين: الإيمان بوحدانية الله،والإيمان بمخالفته تعالى للحوادث. فالشق الأول يبين صفة الله (ألا وهي الوحدانية)،بينما الآخر يوضح ما لا يتصف به الله تعالى (وهو المادية والمماثلة للحوادث). لتحقيق الأول كان لا بد من القضاء على الآلهة المدعاة من دون الله بالسيف، أماالثاني فقد تطلّب ترسيخ العقيدة بالكلمة (بالحكمة والموعظة الحسنة.هذا هومحمد (صلى الله عليه وسلم) الفيلسوف، الخطيب، النبي، المشرع، المحارب، قاهرالأهواء، مؤسس المذاهب الفكرية التي تدعو إلى عبادة حقة، بلا أنصاب ولا أزلام. هوالمؤسس لعشرين إمبراطورية في الأرض، وإمبراطورية روحانية واحدة. هذا هو محمد (صلى الله عليه وسلم(.....!

(لامرتين من كتاب "تاريخ تركيا"، باريس، 1854، الجزء الثاني، صفحة 276-277.)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://daawa.yoo7.com
حسام هرجة
مدير المنتدى
مدير المنتدى
حسام هرجة


عدد الرسائل : 2206
العمر : 45
مزاجى : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Mzboot11
الوظيفة : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Trader10
الهوايه المفضله : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Readin10
دعاء : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة 159.imgcache
تاريخ التسجيل : 03/09/2008

كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة   كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Icon_minitimeالأحد نوفمبر 30, 2008 12:09 am

محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوه - الحلقة الثامنة
د.محمد شادي كسكين

* محمد صلى الله عليه وسلم يعلن دستور دولته....

[ الإيمان – المساواة والعدالة – الحرية ]





* المساواة والعدالة:


دعونا نتذكر هنا وبسرعة سؤال هرقل الذي وجهه هرقل لأبي سفيان رضي الله عنه في لقائه الذي نقلناه سابقاً..من يتبع دعوته ؟.. الضعفاء أم الأقوياء..؟

ولنتصفح أسماء من أمنوا به...أبو بكر الصديق رضي الله عنه السيد القرشيُّ الطيب والكريم... وبلال بن أبي رباح رضي الله عنه العبد الحبشي المستضعف والمعذب... عمر بن الخطاب رضي الله عنه السيد القرشيّ القوي الحكيم... خديجة بنت خويلد رضي الله عنها السيدة الثرية ...سمية بنت خياط رضي الله عنها الشهيدة بحراب أبي جهل ...صهيب الرومي رضي الله عنه...سلمان الفارسي رضي الله عنه...علي بن أبي طالب رضي الله عنه...

أعمار مختلفة... أجناس مختلفة ..أعراق متباعدة..أقوياء وضعفاء..نساء ورجال...أثرياء وفقراء...جميعهم تجمعهم مظلة واحدة...هي مظلة الإيمان..

واللافت للإهتمام أن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وبعيد وصوله للمدينة خارجاً من مكة قام بأمرين هامين إثنين يجسدان الإعلان والتطبيق الفعلي لمواد الدستور الجديد.. لقد بدأ صلى الله عليه وسلم ببناء بمسجد قباء ومسجد المدينة ... وأعلن مبدأ المساواة والإخاء بين جميع المؤمنين...فما الأهمية التي يحملها هذان الأمران ليبدأ بها قائد الدعوة في دولته الجديدة...؟ إن كلا الأمرين وباجماع المؤرخين كانا الإهتمام الأول للنبي محمد صلى الله عليه وسلم..

إن بناء المسجد لا يوحي فقط بالإشارة إلى تطبيق المبدأ الإيماني الأول في الدستور فحسب .. بل يشير كذلك للمبدأ الثاني أيضاً" المساواة" ..


لقد إعتاد التاريخ على المشهد المؤلم لسادة أثرياء.. ونبلاء وفرساناً وقادة وملوك في جانب من الصورة...وفقراء وعبيد وخدم وعامة وضعفاء وبسطاء..في الجانب الأخر من الصورة....إن الصورة لا تغيب عن عالمنا اليوم ...

"إن من السهل التحدث عن الزمالة الدينية والأخوة في الإنسانية ، لكن هناك في جنوب إفريقيا اليوم ألف من الطوائف والملل المختلفة بين البيض ( أهالي السلالة الأوروبية ) وثلاثة آلاف من السود ( أهالي السلالة الإفريقية ) . وتفرخ كنائس البيض في بلدتي أساقفة سود بمعدل سريع . ولكن في أول 300 سنة من الاحتلال الأوروبي لم يتخرج من كنائس البيض أسقف أسود واحد !!!"* ( الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وسلم - احمد ديدات – ترجمة علي عثمان –نسخة الكترونية – ص 25)



إن هذه المادة من الدستور تلغي هذه الصورة تماماً وتبددها في حضارة محمد صلى الله عليه وسلم " الكل سواسية كأسنان المشط "... لا فرق بين ذكر وأنثى .. أو غني وفقير ... أو أبيض وأسود ..أو حاكم أو محكوم ...بين سيد قوي ... وضعيف مريض فقير... الجميع أمام الدستور سواسية ...أليس هذا ما تحاول بعض النظم الإفتخار به اليوم..؟!

و إذا كان هذا هو ما تطمح إليه كل الشعوب والجماهير المقهورة ودعاة حقوق الإنسان ....فهل كان هذا كافياً في حضارة محمد صلى الله عليه وسلم..؟

الجواب ....لا!


لمسة أخرى تضفي على هذا الدستور صفة " الإنسانية " ليكون " أول دستور إنساني " من جهة أن هذه السواسية ليست معنية بالتعامل السطحي والظاهري مع فئات المجتمع وطبقاته ...أي أننا لسنا سواسية أمام القانون وحسب..؟! ثم نحتفظ في داخلنا بفروقنا التي نتخيل..!إن هناك قوانين معاصرة كثيرة تعنى بتطبيق المساواة بين جميع المواطنين لكنها في حقيقتها مساواة سطحية.. إن المبدأ الثاني في حضارة محمد صلى الله عليه وسلم يعنى بإعلان أن هذه المساواة هي في الشكل والجوهر وهو أن الجميع متساوون ليس في الحقوق والواجبات فقط وإنما في الإنسانية كذلك المتغلغلة في أصغر الجوانب النفسية والحياتية والإجتماعية وهو ما يطلق عليه الإسلام "الإخاء" فالجميع " سواسية " و" إخوة".... ولذلك يكون المبدأ الثاني " المساواة والإخاء"..


إن " الإخاء" يعني أن الجميع إخوة ربهم الله وأبوهم أدم وأمهم حواء.. والإخوة يمتلكون ذان المنشأ الإنساني .. ذات القيمة الوراثية ...ويبقى الفارق الوحيد هو مقدرة كل منهم على الفوق والنجاح بمجهوده البدني والفكري والنفسي والمادي والعملي في تطبيق وترسيخ وتجيير هذا الدستور الحضاري لصالح الحياة الإنسانية على سطح هذا الكوكب... وصفات هؤلاء الإخوة "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا"- ( سورة الإنسان – أية

و(فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ، لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)( سورة المعارج 24-25 ) وهؤلاء يحذرون أن يقعوا تحت مظلة من قال عنهم نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم :" ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم"(حديث حسن اخرجه البيهقي والطبراني عن انس، وأبو يعلى عن ابن عباس رضي الله عنهما (الترغيب والترهيب للمنذري 3/ 358).

أو" ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع "(رواه الطبراني وأبويعلى، ورجاله ثقات. مجمع الزوائد (8/167(و" كيف يقدس الله امة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم"(رواه ابن ماجه باسناد حسن عن جابر رضي الله عنه وحسنه الألباني).قال صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم ، أو يكشف عنه كربه أو يقضي عنه ديناً أو يطرد عنه جوعاً ، ولأن أمشي مع أخ في حاجه أحب إليَّ منأن أعتكف في هذا المسجد - مسجد المدينة - شهراً ومن كف غضبه ستر الله عورته ، ومنكتم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة ومن مشى معأخيه في حاجة حتى تهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام " ( صححه الألباني الأحاديثالصحيحة رقم (906)



إن المسجد يعني ويجسد هذه المبادئ ....يصطف الجميع جنباً إلى جنب لأداء الصلاة إن الملك وخادمه - وجميعهم دون فروق - يحنون هامتهم في لحظة واحدة وطريقة واحدة على فراش واحد خلف إمام واحد يمثل الإلتزام بروح مجتمع واحد منظم تشرق فيه روح المساواة.. والإخاء ... الحاكم الذي حمله النبي الكريم محمد صلى الله عليه كامل المسؤولية عن رعاية شعبه" والإمام راع وهو مسؤول عن رعيته" (رواه البخاري) وقال: ((من ولاّه الله شيئاً من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وفقيرهم، احتجب الله دون حاجته)) (رواه أبو داود والترمذي، انظر بلوغُ المرام للإمام ابن حجر العسقلاني، رقم 1198).


إن الأمر الهام الثاني الذي قام به النبي محمد صلى الله عليه وسلم في هذا المجال تطبيقاً لشرع الله الذي حمله للبشرية هو"اعلان الإخوة" بين أهل المدينة الأصليين والقادمين إليها وكان هذا بمثابة إعلان عالمي للتعايش الكريم بين الجميع على مبدأ " أنتم جميعاً إخوة"...! وشتان بين وضع القادمين إلى المدينة وسكانها.. لقد تركوا كل شيء وأخذت قريش معظم ما وصلت إليها يدها فإذا بالنبي الكريم يضع القانون موضع الواقع فيقول:"وقوله في حديث آخر: "من كان عنده فضل ظهر فليَعُد به على من لا ظهر له، ومن كان عنده فضل زاد فليَعُد به على من لا زاد له". ( رواه مسلم )

إن القانون حين لا ينزل إلى أرض الواقع ويعيش بين أفراد المجتمع كروح بينهم يصبح هراءاً ليس أكثر؟..ألم تعلن أمريكا مبادئ حقوق الإنسان على جماجم ألاف الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين...!!هو قانون أيضاً...لكنه قانون للبعض فقط!! لكن إخاء محمد صلى الله عليه وسلم هو قوله:" وفي هذا يقول صلى الله عليه وسلم: " المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه، التقوى ههنا، وأشار إلى القلب، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم" ( رواه الترمذي عن أبي هريرة )


إن رأس الدولة الإسلامية ..وقائد دعوتها... وقمة الهرم في الحضارة الإسلامية وهو محمد صلى الله عليه وسلم الذي أسسها على مثل هذه المبادئ يسأل ذات ليلة عن إمرأة عجوز ذي بشرة سمراء ..كانت تترد على المسجد للإعتناء به وكنسه وتنظيفه...وما تعني إمرأة تكنس لقادة الإمبراطوريات ليلتفتوا لها؟ أو تبقى في ذاكرتهم..؟ أو يسألوا عنها...؟ لكنه الكريم نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم وحين سأل أصحابه عنها بعد أن إفتقد رؤيتها في المسجد ..أخبروه أنها توفيت..!

لك الله يا محمد .. صلى الله عليك وسلم ..ماذا تعني لك فقيرة يجري في دمها حب الله والنقاء والطهارة تقوم بأعمال التنظيف في المسجد..!؟

وكان بإمكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يبدي أسفه لوفاتها وينتهي الأمر..!

لكن كلماته كانت بحد ذاتها قانوناً وتطبيقاً للقانون الذي تطمح البشرية أن يحكمها يوماً فعاتب أصحابه الكرام قائلاًلم لم تخبروني بوفاتها ..فأصلي عليها وأسير في جنازتها...!

هل إنتهى الأمر..!

كلا لقد قام مع أصحابه توجه لقبرها فصلى عليها ودعا لها... (بتصرف- الحديث بنصه رواه البخاري و مسلم وابن ماجه1533/ وابو داود/3203 ) إنه مبدأ " إن أكرمكم عند الله أتقاكم" (الحجرات:13 )

وهاهو يقول لصحابته:" إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه.. وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ووالله لو أن فاطمة بنت محمد – صلى الله عليه وسلم – سرقت لقطعت يدها"..!! ( متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها )


إنني أحتاج إلى مئات الصفحات لأنقل لك أيها القارئ الكريم كيف طبق النبي محمد صلى الله عليه وسلم قانون المساواة والإخاء...لكن رسالتي هذه لا تهدف إلا لخلق سؤال في داخلك ..أي إنسان هذا؟ وأي فكر ودين هذا..؟

لقد كان من المعتاد أن يحمل محمد صلى الله عليه وسلم عصا في يده يسوي بها صفوف المقاتلين دون تقدم أو تأخر.. هي ربما شيء يشبه عصا القادة العسكريين في زماننا هذا .. وفي معركة "أحد" حين هاجمت قريش المدينة في حملتها البائسة طويلة الأمد لتدمير تلك الدعوة والدولة ...أخذ النبي محمد صلى الله عليه وسلم يرتب الجنود صفوفاً متراصة .. وفي أثناء تفقده للصفوف تلمس العصا بطن أحد المقاتلين فيقول للنبي صلى الله عليه وسلم إن عصاك مست بطني فأوجعتني..!إن هذا الجندي يعرف تماماً من يخاطب..! لكنه أيضاً كان يعرف دستوره وأخلاقه..! ويكشف القائد الأعلى لدولة الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم عن بطنه مناولاً الجندي العصا قائلا: " إقتص لنفسك..!" لقد سارع هذا الجندي إلى تقبيل قائده الذي يطبق القانون على نفسه قبل أن يطبقه على رعايا دولته..! (انظر هذا الحبيب يا محب / صـ 220 – للشيخ أبوبكر الجزائري ) بهذا النهج بنى محمد صلى الله عليه وسلم دولته وحضارته وتبعه صحابته وهاهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه يناول درته لقبطي مصري رفع دعواه القضائية للخليفة متهماً إبن حاكم مصر المسلم عمرو بن العاص بضربه قائلا للحاكم المصري بعد أن أمر بإستدعاءه وإبنه من مصر فوراً: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً..؟ وهو القائل لأمير أخر تعدى على فقير إما أن ترضيه الأن أو يأخذ القصاص مداه...فعظمت في نفس الأمير قائلا لعمر : أنا ملك وهو من عامتي؟ فقال له عمر : "إن الإسلام سوى بينكما.." ..!!..إنها الوصية التي تركها النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأمته في خطبة الوداع:" ( يا ايها الناس، ألا إنَّ ربكم واحد، وإنَّ أباكم واحد، ألالا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى، أبلغت؟...( أخرجه أحمد، وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: إسناده صحيح )


قالت " ساروجنى ندو شاعرة الهند " بعد قراءتها لسيرته العطرة " يعتبر الإسلام أول الأديان مناديًا ومطبقًا للديمقراطية، وتبدأ هذه الديمقراطية في المسجد خمس مرات في اليوم الواحد عندماينادى للصلاة، ويسجد القروي والملك جنب لجنب اعترافًا بأن الله أكبر.. ما أدهشني هوهذه الوحدة غير القابلة للتقسيم والتي جعلت من كل رجل بشكل تلقائي أخًا للآخر".


وإلى المبدأ الثالث من مبادئ دستور محمد صلى الله عليه وسلم ننتقل...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://daawa.yoo7.com
حسام هرجة
مدير المنتدى
مدير المنتدى
حسام هرجة


عدد الرسائل : 2206
العمر : 45
مزاجى : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Mzboot11
الوظيفة : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Trader10
الهوايه المفضله : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Readin10
دعاء : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة 159.imgcache
تاريخ التسجيل : 03/09/2008

كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة   كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Icon_minitimeالأحد نوفمبر 30, 2008 12:16 am

محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوه - الحلقة التاسعة
د.محمد شادي كسكين
محمد صلى الله عليه وسلم يعلن دستور دولته....

[ الإيمان – المساواة والعدالة – الحرية ]

- الحرية:

الحرية غريزة فطرية ومفهوم رائع وهو حاجة ملحّة وضرورة ماسّة من ضروريات حياة الإنسان البشرية، باعتبارها تعبيراً حقيقياً عن ارادته وترجمة صادقة لأفكاره. فبدون الحرية لا تتحقق الارادة وعدم تحقيق الارادة يعني تكبيل الإنسان ووأد كافة طموحاته وتطلعاته والقاءه في هوة الضياع والموت البطيء، وهو ما لا ينسجم أبداً والغاية من وجود هذا الكائن على سطح الأرض..استخدم مصطلح الحرية في العالم الغربي للدلالة على رفــض الأنظمـــة العبودية والإقطاعية في العصور الوسطى، وترسخ بعد انتصار الثورات التي ألغت الإقطاع ، واستمر حتى صار يحمل دلالة تعادل (صيغة تقرير المصير الفردي والجماعي، وفي درجة الاستقلال الذاتي الذي تشجع عليه وتبيحه (الديمقراطية)، وفي طبيعة العملية الديمقراطية وفي مجال أوسع للحريات الأخرى الأكثر خصوصية والتي هي من صلب طبيعة العملية الديمقراطية، أو انها من المتطلبات الضرورية لوجودها) ( الديمقراطية ونقادها - رو برت دال – ترجمة نمير عباس مظفر مراجعة د. فاروق منصور – دار الفارس للنشر والتوزيع سنة 1995 ص 517(.

ورغم شيوع مفردة " الحرية " ومرادفاتها كحرية الإختيار وحرية الإنسان لكن مخاض الحرية كان عسيراً فالنبالة والغنى والقوة هي التي حكمت من هو الحر؟ ومن هو العبد..؟ وفي الحضارة اليونانية مثلاً شرع على الصعيد الاجتماعي نظام الرق العام كما شرع نظام الرق الخاص أو تسخير العبيد في خدمة البيوت و الامراء.. فكان للهياكل في اسيا الصغرى أرقاؤها الموقوفون لها و كانت عليهم واجبات الخدمة و الحراسة و لم يكن من حقهم ولاية اعمال الكهانة و العبادة العامة.. وبرغم ما كان عنداليونان من الفكر الفلسفي ومن الكلام في الحقيقة وفي الحرية وفي القانون فإنهم رأوا أن الاستعباد حالة طبيعية من أحوال المجتمع الإنساني. والفيلسوف الكبير أفلاطون كان في أول أمره عبداً رقيقاً فاشتراه صديق له وأعتقه. و يقضي افلاطون في جمهوريته الفاضلة بحرمان العبيد حق المواطنيه و اجبارهم على الطاعة و الخضوع للاحرار من سادتهم أو من السادة الغرباء و من تطاول منهم مع سيد غريب اسلمته الدولة ليقتص منه كما يريد(مجلة الشاهد / العدد 158 / ص 118.) و أكد أرسطو في مذهبه (أن فريقا من الناس مخلوقون للعبودية لانهم يعملون على الالات التي يتصرف فيها الاحرار ذوو الفكر و المشيئة) ( المصدر السابق)
أو كما عبّر عنها (شيشرون) في (كتاب في الواجبات): نطلب منهم الخدمة لنؤمّن لهم الضروري (المصدر السابق ) ...


و رأى بلو تارك أنه (في بلاد الاغريق كان يساء إلى العبيد أشد الاساءة.. و اضاف: أن الحر منها أكثر حرية في حين كان الرقيق اشد الناس استرقاقا..

وأما الرومان ـ وهم عمالقة التشريع في العالم القديم ـ فقد كانوا يأخذون بالسلطة الأبوية، فكان الأب هو الحاكم المطلق في الأسرة يقتل أولاده أو يبيعهم أو يرهنهم.

و انتشر الاسترقاق بينهم من غير تفريق بين من كان رومانيا أو اجنبيا فكانوا يملكونهم إما بحرب أو بشراء أو باختطاف..

و لم تتمكن المسيحية بعد ظهورها بتعاليمها و تسامحها الغاء الاسترقاق أو تخفيف شدته خصوصا و أن الامبراطورية الرومانية أبدت خشيتها من الدين الجديد الذي استولى على قلوب عامة الشعب الفقراء و المساكين الذين كانوا يشكلون الاكثرية الساحقة في عموم ارجاء البلاد فاعلنوا حربا قاسية على دعاتها و اتباعها، علما أن القديس بولس في رسالته إلى مدينة افسس اوصى الارقاء بقوله ايها العبيد اطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف و رعدة في بساطة قلوبكم كما المسيح، عاملين مشيئة الله من القلب خادمين بنية صالحة كما للرب و ليس للناس.. و بدوره رأ ى القديس اسيلوس من اباء الكنيسة اليونانية أن (على العبد طاعة مولاه بقلب سليم تمجيدا لله العظيم).....

فضلا عن ذلك فان توما الاكوييني لم يعترض على العبودية بل زكاها لانها على رأي استاذه ارسطو (حالة من الحالات التي خلق عليها بعض الناس بالفطرة الطبيعية و ليس مما يناقض الإيمان أن يقنع الإنسان من الدنيا بأهون نصيب)

وإذن فلقد انقسمت المجتمعات القديمة إلى طبقات متباينة ومتنافرة، وهو تقسيم مشروع في نظر الساسة والفلاسفة وحكماء تلك الأمم. وتبعاً لذلك التقسيم الطبقي المصطلح عليه قديماًً وهو أن المجتمع يتكوّن من سادة وعامة، كانت الحرية امتيازاًً وحقاً للطبقة الأرستقراطية الحاكمة دون غيرها، أما العامة فهم جند وفلاحون وأسرى عليهم العمل لفائدة الأشراف، ولاحق لهم في الحياة إلا بقدر ما يسدّ رمقهم من الضروريات. فكانوا عبيداً أرقّاء أذلاء مستضعفين في الأرض، وتبعاًً لذلك كانت ملكاتهم الفكرية معطّلة، فسيطرت عليهم الأوهام والخرافات

وعند العرب وجد هذا النظام أيضاً إلى جانب العديد من الانظمة الاجتماعية التي تمتهن كرامة الإنسان و تسلبه حريته.. ففي جزيرة العرب كانت قيس ومضر في عداء شديد وحروب لم تبق ولم تذر، وكان الوضع السائد والعام هوغزو وحروب سجال واقتتال بحثاً عن المرعى والماء طلباً للرزق أوأخذاً بثأر دفين. فالعربي من طبعه ميّال للانعتاق بعيداًً عن كل قيد أوقانون أو سلطة تجبره على فعل ما أو تمنعه من آخر....
الى جانب نظام الاستعباد بأشكله المختلفة وجد نظام الوأد الذي طبق على نطاق واسع عند العرب خوف الفضيحة و العار الذي تلحقه المرأة بقبيلتها عند ما تسبى في الحروب..
على العكس من المسيحية عمل الإسلام على تحرير الإنسان من جميع قيوده الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية حين ساوى بين الناس جميعا من ذكر و انثى و عربي و اعجمي و ابيض و اسود.. فلم تكن تلك الفروقات بين الناس تصلح مقياسا للمفاضلة بينهم في الإسلام. وبذلك أعطى الإسلام مفهوماً جديداً للعبودية تمثَّلَ في أن الإنسان – كل إنسان - عبد للّه وحده خلقه وأنشأه على أكمل صورة، ووهب له الحرية، وركب فيه الإرادة والقوة والعقل، ليحافظ بهما على حريته، وينميها ويستغلّها فيما فيه سعادته واستقراره وأمنه في الحياة الدنيا والدار الآخرة.
فكان الاهتمام بالضعفاء والمساكين من الأسس التي نادى بها الإسلام، فأكد على كرامة الإنسان مهما كان لونه أو جنسه أو دينه، وسوَّى بين جميع الناس في حسن المعاملة والعدل والإحسان. ورغم زوال الإستعباد الأن نسبياً بشكله المعروف بقي الإستعباد بأشكاله الجديدة وألوانه البراقة وصوره الخفية....
وعند محاولة المقاربة بين نظام الحرية في المنهج الغربي ومنهج محمد صلى الله عليه وسلم نعود لقاعدة التشريع لنجد الإختلاف الواضح بين المفهومين فرغم أن الحريات والحقوق الغربية توجد بأشكال مختلفة الكيفية في النظام الإسلامي إلا أنها تقوم على أرضية سياسية واعتقاديه مختلفة تماما، ذلك أن النظام الغربي يرى أن الإنسان هو مصدر السلطات وبالتالي فهو يمتلك مصيره وبغض النظر عن سلطة أخرى سواء كانت في السماء أو الأرض، و مثل هذا التصور مرفوض تماما في الإسلام حيث أن المشرع هو الله والإنسان منفذ لهذا البرنامج لهذا فان العقد سيكون في النظام الغربي عقداً اجتماعياً بين الإنسان والإنسان وفي النظام الإسلامي عقد بين الله والإنسان من جهة وبين الإنسان والإنسان من جهة أخرى.
وفي حين تتبنى الحرية الغربية مجالاً مفتوحاً للحرية الشخصية لا ينتهي إلا عند حدود الحريات الشخصية للأخرين فإن هذا المجال يسمح للفرد باستخدام الحرية بحديها الإيجابي والسلبي على السواء..
فمن باب الحرية يمكن أن يمارس الجنس مع من يشاء ووقتما يشاء... ولو أدى ذلك إلى إنجاب عشرات الأطفال غير الشرعيين...أو إلى إصابته بعدوى الأمراض الجنسية وعلى رأسها الإيدز أونقل هذ الأمراض لجميع فتياته دون أن يشعرن...!
ومن باب الحرية يمكن أن أهجر الناس والمجتمع وأعامل والدي بجفاء.. وأن أسخر منهما إن طلبا مني المساعدة.. وأن لا أصحو من ثمالتي.... وأن لا أستحم لأشهر.. ويمكنني أن أرفض إستخدام الدواء حتى لو أدى ذلك لموتي..!
ومن باب الحرية يمكن أن أعتنق فكرة جهنمية مثل أن أعبد الشيطان وأقدم له حياتي ثمناً لطقوس التعبد..أو أمتنع عن الطعام والشراب والكلام كوسيلة تعبد!
كلها حرية شخصية..!!
لكن الإسلام يتبنى حرية مختلفة .... يمكن أن نطلق عليها مصطلح " الحرية الإيجابية" أو " الحرية المنضبطة"......ورغم أنها ليست المصطلح الذي يستخدمه الغرب في توصيف حريته إلا أنه في جوانب كثيرة يطبقها على أرض الواقع وإن أطلق عليها مسميات تصفها بأنها " حرية مطلقة" والتي سرعان ما تكبلها قوانين وضعت لمواجهة عواقب هذا الإطلاق...
- يعتبر الإسلام أن حرية الإنسان مقدسة ـ كحياته سواء بسواء ـ وهي الصفة الطبيعية الأولى بها يولد الإنسان: "ما من مولود إلا ويولد على الفطرة" ( متفق عليه ). وهي مستصحبة ومستمرة ليس لأحد أن يعتدي عليها: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً" ، ويجب توفير الضمانات الكافية لحماية حرية الأفراد، ولا يجوز تقييدها أو الحد منها إلا بسلطان الشريعة، وبالإجراءات التي تقرها و قاعدة الحرية في الإسلام قول الله سبحانه :" لا إكراه في الدين "....(سورة البقرة 256 )
والآية تؤكد على منع الاكراه في الدعوة إلى الإسلام وتمنع اجبار الناس على التدين بالاسلام. " فمن شاء فليكفر ومن شاء فليؤمن" (سورة الكهف ، الآية: 30).
وما فائدة المسلم في إجبارغيره على دخول الإسلام؟ وهل بامكان مسلم غير مقتنع بالاسلام ان يؤدي الدور الموكل إليه في الحياة، وان يتعامل بصدق واخلاص مع ذلك المبدأ الذي اقحم فيه اقحاماً؟ أبداً...هذه فكرة مرفوضة تماما.
ان الإسلام يرفض هذا النوع من التدين ويرفض أي عملية اكراه للناس على دخول الإسلام ثم لم الحاجة إلى الاكراه وقد تبين الرشد من الغي ووضح لهم الحق من الباطل والايمان من الكفر؟ ولم الاكراه وبامكان العقل السليم البعيد عن كافة المؤثرات الخارجية والداخلية ان يصل إلى القناعة بالاسلام كفكر الهي عظيم متلائم مع الفطرة ونظام الكون بأسره.!
- يقرر الإسلام أن الإنسان يملك "حرية الإختيار" في أفعاله خيراً أم شراً ولكل خير ثوابه ولكل شر عقابه.. "انّا هديناه السبيل امّا شاكرا وامّا كفوراً"(الإنسان: 3 )"وان ليس للانسان إلاّ ما سعى"- (النجم:39 ) " وهو يريد من أتباعه إيماناً مستنيراً قائماً على التفكر والتدبر وليس على مبدأ التقليد مبدأ " إنا وجدنا أباءنا على أمة وإنا على أثارهم مقتدون" (الزخرف:23)" قل هل يستوي الاعمى والبصير أفلا تتفكّرون"( الانعام: 50)" ويتفكّرون في خلق السموات والارض". ( آل عمران: 191 )
لكن الحرية المنضبطة في الإسلام - وانطلاقا من اهتمامه بالعقل ودوره في تحديد المسار الحياتي - ترفض بشكل قاطع الافكار المنحرفة والمعتقدات القائمة على الخرافات، ولهذا فهو يحاربه الافكار المنحرفة الباطلة والضلال والانحراف والزيغ عن الطريق القويم، باعتبار ان تلك الافكار لم تكن وليدة العقل والتفكر، بل وليدة الاوهام والاباطيل والتقليد المقيت. لكن الإسلام الذي جاء لتحرير الإنسان من عبودية الاصنام على اساس التوحيد، لا يمكن ان يأذن للانسان بالتنازل عن اساس حريته والانغماس في عبوديات الارض وأصنامها. كما ان الإسلام لا يعتبر عقيدة التوحيد مسألة سلوك شخصي خاص كما ترى الحضارات الغربية، بل هي القاعدة الاساسية لكيانه الحضاري كله. فكما لا يمكن للديمقراطية الغربية مهما آمنت بالحرية الشخصية ان تسمح للافراد بمناوأة فكرة الحرية نفسها وتبني افكار فاشستية دكتاتورية، كذلك لا يمكن للاسلام ان يقرّ أي تمرد على قاعدته الرئيسية..!..الحرية مكفولة و لمن أساء فالحساب موجود "وقفوهُم إنهم مسؤولون". (سورة الصافات، الآية:24)
- انّ صدر الإسلام رحب للغاية بحيث لا يشعر بالانزعاج والقلق من أي فكرة اخرى تعرض نفسها في اطار صحيح. كما ان الإسلام قد «كفل حرية الاديان ...خاصة الاديان الكتابية...

..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://daawa.yoo7.com
حسام هرجة
مدير المنتدى
مدير المنتدى
حسام هرجة


عدد الرسائل : 2206
العمر : 45
مزاجى : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Mzboot11
الوظيفة : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Trader10
الهوايه المفضله : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Readin10
دعاء : كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة 159.imgcache
تاريخ التسجيل : 03/09/2008

كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة   كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة Icon_minitimeالأحد نوفمبر 30, 2008 12:18 am

تكمله الحلقة التاسعة

وإذا كانت حرية الاعتقاد مكفولة في معظم الدساتير الحديثة فانّ الإسلام قد قررها دون ان يخوض تجارب سلبية دامية كتجربة محاكم التفتيش في العصور الاوروبية الوسطى" (مشكلة الحرية في الإسلام ج2، ص 22) "...وإذ يحدد الإسلام مبدأ العبودية لله وحده فإنه يطلق إسار الإنسان من استعباد أي قانون أو أفكار أو أشكال الظلم والامتهان والاستعباد والاصنام والآلهة المزورة....بل جعله أعلى وأسمى من أن يخضع لأي قانون أرضي وأنه لا يليق به وهو الذي سجدت له الملائكة وكرمه الله مذ خلقه إلا قانون سماوي إلهي ليس من صنع أحد إلا الإله وحده.....

ان حب الذات وحب الشهوة وحب جمع الاموال وكافة انواع الحب والرغبات والنوازع النفسية، انما هي حقيقة قائمة لا يمكن لأحد ان ينكرها أو يعترض على وجودها ولا يمكن بحال من الاحوال أن يتجرّد الإنسان عن غرائزه، ولا يمكننا ان نجد انسانا لا يحب ذاته، أو ان يحب الآخرين اكثر مما يحب نفسه ....ولا يمكن تكليف الإنسان ان يتحمل مرارة الألم دون شيء من اللذة، في سبيل ان يلتذّ الآخرون ويتنعموا إلاّ إذا سلبت منه انسانيته واعطي صيغة جديدة لا تتعشّق اللذة ولا تكره الالم!...لكن الإسلام أضفى لهذه الرغبات ضوابطها وجعل لها مساراتها الجديدة ونقلها من دائرة المنفعة واللذة الشخصية إلى التقاطع مع المنفعة العامة والمصالح المشتركة العليا لأفراد الأمة...تقاطعاً يجمع دون أن يلغي...ليدرك الإنسان وهو يمتلك حريته أن رسالته في الحياة ارفع من هذا المصير الحيواني المبتذل الذي تطغى فيه الشهوات وان هدفه الاعلى الذي خلق للسعي في سبيله أسمى من هذه الغايات التافهة والمكاسب الرخيصة التي يحصل عليها في لذائذه المادية....وأن عليه أن يكف عن خوض معارك مستمرة وصراعات دائمة لا سلاح له فيها إلاّ قواه الخاصة، ولا هدف له منها إلاّ مصالحه الشخصية...

- من حق كل مضطهد أو مظلوم أن يلجأ إلى حيث يأمن، في نطاق دار الإسلام. وهو حق يكفله الإسلام لكل مضطهد، أياً كانت جنسيته، أو عقيدته، أو لونه، ويحمل المسلمين واجب توفير الأمن له متى لجأ إليهم: ((وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه)) (التوبة: 6 )
- حدد الإسلام قاعدة الحكم على أساس الحرية بمبدأ" الشورى" بقوله تعالى: (وامرهم شورى بينهم) ( الشورى: 38) وقوله تعالى (و شاورهم في الامر) (آل عمران: 159)....
وهذا النظام يختلف عن " الديمقراطية التي لم تستطع حتى الأن أن تجيب مثلاً على التساؤل القائل : متى تشكل مجموعة من الأفراد كيانا (شعباً) جديراً بحكم ذاته ديمقراطياً) ؟ ( الديمقراطية ونقادها – مصدر سابق ص 517) ، إذ ان تطبيق الديمقراطية يحتاج إلى مجموعة من الناس تعي حقوقها ثم تمارسها وهذا أمر ليس متوفراً دائماً اذ يؤكد (العديد من المنظرين عبر التأريخ على ان الديمقراطية ما كانت ممكنة حقا الا في حالات امتلاك الجماهير للكثير من المعلومات والحنكة السياسية) ( دور المواطن في الديمقراطيات الغربية! ترجم بإشراف وتحرير د. احمد يعقوب المجدوبة. شارك في الترجمة محفوظ الجبوري تأليف رسل جيه. دالتون. بيروت. لبنان سنة 1996 ص 39.) متناسين أن الحرية هي " قدرة فردية واجتماعية على الفعل النفسي والاجتماعي" ( مشكلة الحرية في الإسلام ج1، جميل م. منيمنه، ص 111.)...

حتى انّه ـ أي الرسول صلى الله عليه و سلم ـ في جملة من الاحيان كان يأخذ بوجهة النظر الاكثر انصاراً مع قناعته شخصياً بعدم صلاحيتها، وذلك لسبب واحد وهو ان يشعر الجماعة بدورها الايجابي في التجربة والبناء.... وهذا المبدأ يضبط الحرية ويأخذ إيجابياتها فقط و يسمح بالرجوع إلى رأي الاكثرية عند الاختلاف .... لكنها الأكثرية المتزنة الحكيمة.. وليست الأكثرية التي يمكن أن تطالب بمهاجمة شعب أخر مثلاً أو السماح ببيع الحشيش والمخدرات والإتجار بهما..!
كما انّ مبدأ «البيعة» من المبادىء المهمة التي قامت عليها الحرية السياسية في الإسلام وهي تلتقي في الواقع مع نظام الانتخابات المعروف هذا اليوم في قول الاُمّة كلمتها في الحاكم الذي يحكمها. فيجب ان يكون هناك اجماع جماهيري أو اتفاق الاكثرية الجماهيرية على الحاكم الذي يحكمها. لكي يصبح في مقدور هذا الحاكم ان يؤدي دوره بشكل افضل وإلاّ فقد مصداقيته.... وأوجب الإسلام على الأمة نقد الجهاز الحاكم واعتبره جزءاً اساسياً من عملية اصلاح ذلك الجهاز وتقويمه وحفظه من عملية الانحراف ومع انّ الإسلام يبيح للمسلم حرية نقد الجهاز الحاكم بأسره، وبكافة دوائره ومرتكزاته إلاّ انّه وضع لعملية النقد قيوداً لا يجوز اجتيازها إذ يضبطها " بالهدف من النقد"اذ يجب أن تكون لله وللأمة لا للنفس والاهواء والمصالح الضيقة وان تكون موضوعية صحيحة بعيدة عن التأثيرات العاطفية ...

وخلال تاريخ الإسلام فإنه خاض معركة داخلية لتهذيب نفسية المسلم والرقي بمفهوم حريته ومعركة خارجية لإلغاء أشكال الإستعباد الإنساني فألغى كافة الفوارق بين الناس ولم يعترف بأي امتياز أو تفاضل لانسان على اخر بسبب العنصر أوالعرق أوالطبقة أواللغةأوالثروة أوالمنصب أو اللون ... واعتبرأن البشر كلهم متساوون في الحقوق والواجبات بصفتهم ابناء لأب واحد وعباداً لرب واحد.
- أطلق الأسلام للمرء حقه في الحرية الإقتصادية .. ورغب في التجارة والعمل وحفظ للإنسان حق الملكية وحق التنقل وحق العمل وحق التصرف بعوائد عمله الشخصية... ومنع الظلم الناجم عن " الربا" باعتباره مالأً مكتسباً بغير حق يستغل حوائج الناس للاقتراض ومنع الغش والتدليس .. وأكل أموال الناس بالظلم أو الخداع أو القوة.. وحرم التصرف بأموال اليتامى بغيروجهها القانوني الشرعي... فيما خط للحرية حدوداً بمنع الإتجار في الممنوعات والمسروقات وما إلى ذلك... وما عدا ذلك فمال الإنسان يخصه والدولة ملزمة بحمايته وحماية ماله وممتلكاته...
- و دعا الإسلام للقضاء على الطبقية بجميع صورها، ودعا إلى تحرير الأرقاء بأسلوب حكيم وبما يحقق الفائدة المرجوة من ذلك، فكان تشريعه في هذا المجال مبنياً على أساس من الحكمة التي تحقق بمقتضاها المقصد العام. وبدأ تحريره للأرقاء تحريراً تدريجياً تجنباً للفوضى وانخرام سلامة المجتمع واستقراره.. وتعددت الآيات الواردة في ذلك، ففرض تحرير العبيد ككفارات عن بعض الذنوب والأخطاء كالقتل الخطإ والظهار واليمين والفطر، وتعرّضت السنة النبوية إلى عديد الصور والحالات التي توجب العتق وتحث عليه وترغب فيه حتى بدأت الظاهرة بالتلاشي و وصل هؤلاء إلى الحصول على امتيازات وصلت إلى درجة الإمارة والوزارة حتى في أحلك ظروف الانحطاط والتقهقر السياسي والحضاري.
فقامت دولة المماليك التي ظهر منها قواد عظماء حاربوا الغزو على الشرق وهزموه ومنهم وزراء تونس في عهد الحكم العثماني كوزراء الدولة الحسينية، وأشهرهم الوزير خير الدين باشا الذي ارتقى إلى حضرة الصدر الأعظم في الدولة العثمانية...
- الحرية مكفولة في الإسلام لغير المسلمين من أهل الديانات الأخرى، وهم أهل ذمة وعهد من اللّه ورسوله والمسلمين، فهم بموجب ذلك الأمان على أرواحهم وممتلكاتهم وأعراضهم، ولهم حرية مباشرة طقوسهم الدينية، وحرية العبادة طبق دياناتهم فلهم مالنا وعليهم ما علينا، ولايميزهم إلا بما استثناه الشرع، وخص به المؤمنين، ولايجوز إكراههم على شيء لايريدونه، أو الضغط عليهم بل أوجب الشرع معاملتهم بالعدل والإنصاف والرحمة والمعاملة الحسنة ولا إشكال في الإسلام من مصاهرتهم والزواج منهم يهوداً أو نصارى...
- حمى الإسلام حرية القول والتعبير وحث على إستخدام الكلمة إستخدامها الإيجابي الذي يصب في ميزان العدالة والخير" وإذا قلتم فاعدلوا" ( سورة الأنعام152). وتشهد السيرة بكثرة المناقشات وتباين الأراء في مسائل كثيرة لا تحصى وراجع الصحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في أمور كثيرة واستفسروا وناقشوا ومنها أراء كانت تخالف أراء النبي صلى الله عليه وسلم نفسه فيما لم ينزل به قران من الله حتى ينزل ومنها أراء معركة بدر وأحد والخندق والصلاة على الطابور الخامس و مناقشات تعيين خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته وتراجع عمررضي الله عنها عن بعض قراراته......... ولا أدل على ذلك من إختلاف العلماء في فتاويهم وأرائهم ومذاهبهم واحتجاج كل فريق لرأيه، ولم يكن ذلك موجباً لمناوأة ولا لعداوة بينهم ...
يمثل النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأهمية ضبط الحرية وإيجابيتها بمثل رائع "مَثَلُ القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا في سفينة -بمعنى كانوا شركاء في ملكية السفينة فأجروا قرعة بينهم على المكان- فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا أرادوا الماء صعدوا فمروا على من فوقهم، فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا -هذه ملكيتنا وحريتنا فيما نملك..!- لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا فشربنا ولم نؤذِ من فوقنا يقول النبي صلى الله عليه وسلم، "فلو تركوهم وما أرادوا هلكوا وهلكوا جميعًا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا" إن أي خرق في المجتمع يغرق جيل بل أجيال بأكملها. ( نص الحديث رواه البخاري)

هكذا بنيت دولة محمد صلى الله عليه وسلم...على أسس متينة وثابتة تحرس حياة الإنسان و كرامته.. وتعمل على الرقي بالحياة البشرية نحو الأفضل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://daawa.yoo7.com
 
كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تعرفوة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
۞ ۞ ۞ ۞ daawa ۞ ۞ ۞ ۞ :: السيرة الاسلامية :: 
۩ السيرة النبوية المشرفة ۩
-
انتقل الى: