الطموح .. ينير آمال العميان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين



* منارة فكر *
أيها الطامح .. حدد أهدافك ثم امض لها كما مضي صناع الطموح .. استرخص لها كل غالٍ وعزيز ، أعطها أفضل أوقاتك ، اترك لها ساعة من نومك , دع مجالس الكلام والعبث , واسأل الله التوفيق وتوكل عليه , فأنه لن يضيعك ..{ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ }!!


في عام 1809 ولد طفل ذو عينين جميلتين يحسده كل من رآه وكان على درجة من الذكاء وعنده حب استطلاع كبير ، فكان أحياناً يساعد والده فى عمله الذى كان عبارة عن تصنيع سرج الخيل واللجام وذات مرة وبينما هو يعمل مع والده أخذ إبرة كبيرة ومطرقة وقطعة من الجلد ووضع قطعة الجلد على الأرض وثبت عليها الإبرة وأخذ يطرق عليها بالمطرقة محاولاً إدخال الإبرة فى الجلد , وكان يجد مقاومة كبيرة من الجلد لدرجة أن الإبرة أفتلتت من يده وجرحت عينه جرحاً عميقاً ووقع على الأرض يبكى ويصرخ من الألم , وتسبب الجرح بسرعة في التهاب العصب البصري وفقد البصر بعينه اليسرى ولما بلغ سن 3 سنوات أصاب الالتهاب عينه الأخرى وأصبح كفيفاً تماماً !
فحاول والداه أن يخرجوه من حزنه العميق على وحدته وفقد عينيه فألحقوه بمعهد للعميان يتعلمون من خلال لمس حروف كبيرة من المعدن وكان الأطفال يتعرفون على شكلها باللمس , وكان هذا الطفل يعتقد أن هذه الطريقة كانت غير عملية لأن طول الحرف كان يبلغ 3 بوصات بالإضافة إلى أنها ثقيلة جداً مما دفعه إلى أن يقضي وقتاً طويلاً يفكر بينه وبين نفسه أنه لابد من أن يكون هناك طريقة أفضل من ذلك,
ولما بلغ العشرين من عمره تم تعيينه مدرساً فى المعهد وفى عام 1829 نجح فى تكوين حروف الكتابة باستخدام ست نقاط فقط وبدأ فى تجربتها واستخدمها فى المعهد , وفى عام 1839 نشر طريقته حتى يطلع العالم على أكتشافه .. وواجه مقاومة ومعارضة شديدة جداً من الجميع بما فيهم المعهد نفسه ، وألف أول كتاب له يحتوي على ترجمة قصائد شعرية وحتى يمكنه الكتابة استعمل إبرة كبيرة مشابهة لتلك التي تسببت في إصابته بالعمى فى البداية .. ورغم هذا الاكتشاف إلا أنه لم يكن مقبولاً ولا معترفاً به ولم يستسلم وظل مداوماً على تعليم طريقته لتلاميذه وحاول مرات عديدة أن يقدم مشروعه للأكاديمية الفرنسية ولكن مشروعه كان يقابل دائماً بالرفض .
وفي أحد الأيام كانت إحدى تلميذاته قد تفوقت وفى حفل تكريمها صفق لها الحاضرون فقالت : (( هذه التحية أهديها لمعلمي الذى علمني فلست أنا من أستحق التكريم , ولكن الذى يستحق هو الرجل الذى علمني عن طريق اختراعه الخارق وهو الآن يرقد على فراش المرض وحيداً منزوياً بعيداً عن الجميع )) فبدأت الجرائد والمجلات حملة قومية تعضد ( برايل ) وتؤيد وتدعم طريقته وكان من نتيجة هذه الدعاية المكثفة أن أعترفت الحكومة الفرنسية باكتشافه..
وجاء أصدقاؤه يبلغونه بالأخبار الجميلة وقال لهم برايل والدموع تملأ عينيه (( لقد بكيت 3 مرات فى حياتي أولهما عند فقد بصرى والثانية عندما اكتشفت طريقة حروف الكتابة وهذه هى الثالثة وهذا يعنى أن طموحي بالحياة تحقق وإن طال الانتظار ..)) وفى عام 1852 مرض بالسرطان ومات وترك طريقة (( برايل )) لتعليم العميان التي أنارت بصيرة كل كفيف .. فسبحان القائل : {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}

* تذكرة *
أن الطامحين الناجحين لم يصبحوا هكذا إلا لأنهم رأوا الأمل فى حلكة اليأس .. فهل دققت فى يأسك لترى بصيص الأمل !!


من كتاب
اصنع طموحك